حسان عباس.. المفكر الذي حاول حفظ الإرث الثقافي السوري من خراب النزاعات
نعى ناشطون وصحفيون سوريون الكاتب والمفكر السوري المعارض حسان عباس، الذي توفي أمس الأحد، 7 من آذار، في مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة متأثرًا بمرض السرطان، عن 66 عامًا.
يعتبر المفكر عباس من أبرز الوجوه النخبوية المثقفة المعارضة في سوريا، قبل بدء الاحتجاجات فيها وبعدها، وهو الرئيس المؤسس لـ “الرابطة السورية للمواطنة”، ومؤسس دار نشر “بيت المواطن” ومديرها، وحصل على وسام “السعفة الأكاديمية برتبة فارس” من فرنسا عام 2001.
نبيل من نبلاء بلادي، وفارس من رواد نشر مفهوم المواطنة وقيمتها، يرحل عنا قبل أن تصل سوريا إلى حريتها واستقلالها ومدنيتها.. وداعاً حسان عباس.. pic.twitter.com/OcbLtRRopk
— Suhair Atassi (@suhairatassi) March 7, 2021
وشارك في الحراك المدني الثقافي السوري منذ التسعينيات، ومنتديات “ربيع دمشق” وهو نشاطات ثقافية أسهمت خلال فترة قصيرة بتطوير الفكر السياسي في سوريا، وأسست منتديات نقاشية، نتج عنها تشكيل “لجان إحياء المجتمع المدني والتجمع الوطني الديمقراطي”.
اقرأ المزيد: “ربيع دمشق”.. محاولة للإصلاح السياسي أجهضها النظام السوري
محاولة لحفظ الإرث الثقافي اللامادي
“من الصعب جدًا أن أحيط بكل مكونات هويتي المركبة، لأعطيكم إجابة أقرب ما تكون إلى الكاملة. لكن يمكنني أن أذكر أكثر هذه المكونات حضورًا، فأقول إن العناصر الطبيعية أو الأولية من هويتي، أي تلك العناصر التي لا يكون للفرد أي إرادة في اختيارها، إنما تُفرض عليه بصدفة الولادة، تجعل مني رجلًا من دون أن أصبح ذكوريًا، وعربيًا من دون أن أصبح عنصريًا، وعلويًا من دون أن أصبح طائفيًا”.
هذا ما قاله المفكر حسان عباس في إحدى حواراته الصحفية مع مركز “حرمون للدراسات المعاصرة”، موضحًا أن مكونات الشخص الأولية “لا إرادة له” في تعديلها، ولكن هناك مكونات في شخصية الإنسان ما يمكن اختيارها وفق إرادة الفرد نفسه، مثل “مقاومة الاستبداد ومناضلًا من أجل المواطنة، لا دينيًا، علمانيًا، إنسانيًا، عاملًا في مجال الثقافة، ناقلًا للمعرفة”، والذي اختارها عباس لتكون محور اهتمامه في الحياة.
ومن خلال “الرابطة السورية للمواطنة” التي ظهرت وسط اهتمام الشباب السوري لثقافة المواطنة أثناء الاحتجاجات في سوريا، حاول عباس الحفاظ على الذاكرة الجمعية وعلى التراث الثقافي في منطقة الشرق الأوسط وسوريا تحديدًا، بشقيه المادي واللامادي.
ومنذ أكثر من 20 عامًا بحث عباس في هذا التراث، “وقد تحولت هذه الرغبة إلى مشروع بعد اطلاعي على برنامج (الصون العاجل للتراث الثقافي السوري) الذي ترعاه منظمة (يونيسكو)”، وفق المفكر، ومن خلال هذا الاهتمام كُلف عباس من قبل المنظمة للتحضير حول موضوع التراث الموسيقي في سوريا بمقرها في أيار عام 2015، وخرجت مجموعة من التوصيات ضمن هذا العمل، في مقدمتها ضرور التعريف بالتراث اللامادي كخطوة أولى نحو توثيقه وحفظه.
وبحسب ما اعتقده عباس فإن الإرث الثقافي السوري خلال العشر سنوات الأخيرة تعرض إلى الخراب والدمار، ويجب التحرك لوقف التخريب النهائي لشواهد التاريخ بالفن والمعرفة والجمال.
ويتعرض الإرث الثقافي السوري إلى عدة انتهاكات، التي تبدأ وفق عباس بـ “ظاهرة اللصوصية العالمية التي أصابت كل المواقع التاريخية في المنطقة، وهي لم تشمل لصوصية عصابات تجار الآثار فحسب، بل شملت أيضًا لصوصية سلطات وطنية أو من يحتمون بظلها”.
ويبقى النزاع المسلح أخطر تهديد للتراث اللامادي، وفق عباس، لأنها بما تحمله من خراب للأماكن، ومن قتل وتهجير للناس حفظة التراث، تؤدي إلى تخريب الحاضنات الاجتماعية.
والتراث اللامادي لا يعيش لا في المواقع الأثرية ولا في المتاحف، برأي عباس، إنما في “المجتمع وفي صدور أصحابه، فإن تخرّب المجتمع وتشرّد أو قُتل أهله تبدد التراث اللامادي وتخرب هو الآخر”.
وحسان عباس من مواليد مدينة مصياف في ريف حماة عام 1955، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في النقد الأدبي من جامعة “السوربون الجديدة” في فرنسا، وقد أصدر العديد من المؤلفات، وعمل لسنوات في “المعهد الفرنسي للشرق الأدني” في دمشق وفي المعهد العالي للفنون المسرحية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :