مهدا لـ"ربيع دمشق"

“الـ 99″ و”الألف”.. دعوتان للإصلاح أجهضهما الأسد قبل 19 عامًا

صور لبشار الأسد على جدران مدينة دمشق عام 2000، (FP).

camera iconصور لبشار الأسد على جدران مدينة دمشق عام 2000، (Foreign Policy)

tag icon ع ع ع

في شهر تموز من عام 2000 ألقى بشار الأسد، خطاب القسم أمام مجلس الشعب بدمشق، واعدًا بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية تُمهد لأحداث جديدة للبلاد.

وبعد هذا الخطاب رأى بعض المعارضين السوريين الذين كانت لديهم آراء تتعارض مع سياسة الحكم، انفتاحًا من الأسد لتطبيق سياسة جديدة في سوريا، بحسب دراسة نشرها “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” في عام 2007، تبحث بمكتسبات وخسائر المعارضة الداخلية التي كانت تشارك بانتقادات حكم “حزب البعث” في سوريا.

ونتيجة ذلك سعى بعض الناشطين إلى تقديم بيانين طالبا فيهما بإصلاحات أوسع، ومهد ثانيهما، الصادر في 9 من كانون الثاني لعام 2001، أي قبل عام 19 عامًا، لـ “إعلان دمشق”.

بيان “الـ 99”

في نفس عام تنصيب بشار الأسد رئيسًا، في 27 من أيلول، توافد عدد من المثقفين السوريين من خلفيات فكرية مختلفة، ونشطاء من المجتمع المدني، لتقديم بيان تمت صياغته بصفحة واحدة، يتضمن الإصلاحات المطلوبة من قبلهم، سُمي حينها بيان “الـ 99″، نسبة إلى عدد الموقعين عليه.

يبدأ البيان بالعبارة التالية: “الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان في عالم اليوم، لغة إنسانية مشتركة تجمع بين شعوب الأرض وتوحد آمالهم في غدٍ أفضل”.

والمبادئ التي حددها البيان، والتي “تُلبي الحاجات الموضوعية لصنع مستقبل لا يصنعه إلا أبناء البلاد”، بحسب تعبيره، هي:

  • إلغاء قانون الطوارئ والأحكام العرفية المطبَّقة في سوريا منذ عام 1963.
  • إصدار عفو عام عن جميع المعتقلين السياسيين، ومعتقلي الرأي والضمير والملاحقين لأسباب سياسية، والسماح بعودة المشردين والمنفيين.
  • إرساء دولة القانون وإطلاق الحريات العامة، والاعتراف بالتعددية السياسية والفكرية وحرية الاجتماع والصحافة والتعبير، وتحرير الحياة العامة من القوانين والقيود وأشكال الرقابة المفروضة عليها، بما يسمح للمواطنين بالتعبير عن مصالحهم المختلفة في إطار توافق جماعي وتنافس سلمي، وبناء مؤسساتي يتيح للجميع المشاركة في تطوير البلاد وازدهارها.

ويختم البيان بالقول إن “أي إصلاح سواء كان اقتصاديًا أم إداريًا أم قانونيًا، لن يُحقق الطمأنينة والاستقرار في البلاد، ما لم يواكبهُ في شكل كامل، وجنبًا إلى جنب، الإصلاح السياسي المنشود، فهو الوحيد القادر على إيصال مجتمعنا شيئًا فشيئًا إلى بر الأمان”.

وتم توقيعه في بيت المخرج السوري هيثم المالح، وكان من بين موقعي البيان الذين شهدوا الثورة السورية في عام 2011، صادق جلال العظم، ميشيل كيلو، أنور البني، علي كنعان، مي سكاف وصباح الحلاق، ولم يصدر عن النظام السوري، حينها، أي رد عن هذا البيان، بحسب الدراسة.

بيان “الألف”

تلت هذا بيان “الـ 99” نشاطات ثقافية أسهمت خلال فترة قصيرة بتطوير الفكر السياسي في سوريا، وأسست منتديات نقاشية، نتج عنها تشكيل “لجان إحياء المجتمع المدني والتجمع الوطني الديمقراطي”، التي أصدرت “بيان إحياء المجتمع المدني”، في 9 من كانون الثاني لعام 2001، وقع عليه ألف مثقف وناشط مدني، عُرف اختصارًا بـ “بيان الألف“.

كان البيان بمثابة مشروع سياسي، أكثر وضوحًا من بيان “الـ 99″، بحسب كتاب “خلفية الثورة: دراسة سورية“، المنشور عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”.

ودعا البيان مهاجمًا النظام على نطاق واسع، إلى “بناء المجتمع المدني المؤسس على حرية الفرد وحقوق الإنسان، وإلى بناء دولة الحق والقانون، تكون دولة جميع مواطنيها وموطن اعتزازهم، بلا تمييز أو استثناء”.

وندد بسياسة الحكم الواحد التي تعيشها سوريا منذ ستينات القرن الماضي، وتهميش دور المجتمع المدني.

وقدم بيان “الألف” مخططًا إصلاحيًا بديلًا عن سياسة النظام، مؤكدًا على ضرورة إلغاء قانون الطوارئ، وستة نقاط إضافية:

  • احترام الحريات السياسية الشاملة.
  • حماية حرية الصحافة والتعبير عن الرأي.
  • إنشاء قضاء مستقل لا يتبع سياسة الحزب الحاكم، وأن يكون القانون حكمًا بين الجميع.
  • تشريع قانون ديمقراطي للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وإعادة تقييم الأحزاب في البرلمان السوري الموالية للنظام، وإعادة إنتاج سياسة أكثر فعالية في المجتمع.
  • احترام وحماية الحقوق الاقتصادية لجميع المواطنين.
  • إنهاء التمييز ضد المرأة.

وشرح البيان آثار “صبغ الدولة بصبغة الحزب الواحد، واللون الواحد والرأي الواحد، وخفض المواطنة إلى مستوى الحزبية والولاء الشخصي”، وكان من بين الموقعين عليه، تاج الدين الموسى، عبد القادر عبدللي، وياسر السيد.

لم يتسامح النظام مع هذه الخطوة السياسية، وفي بداية شهر شباط 2001، منع المنتديات واعتقل عددًا من النشطاء والمثقفين، وألغى بذلك الإمكانية التي كانت متاحة للتحول باتجاه الديمقراطية، بحسب كتاب “خلفيات الثورة: دراسات سورية”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة