زينب مصري | صالح ملص | نور الدين رمضان
لم تكشف الأسابيع التي تلت إعلان العديد من البلدان حول العالم بدء عملية التطعيم باللقاحات المضادة لفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) على اختلاف الجهات المصنعة لها، سوى تصريحات لمسؤولين في النظام عن مناقشات ومفاوضات لتأمين اللقاح إلى سوريا، وتناقضات لتوقعاتهم بموعد وصوله خلال العام الحالي.
كما كشفت عن عدم قبول المعارضة السورية الحصول على اللقاح عبر مناطق النظام السوري، بينما لا تزال مفاوضات “الإدارة الذاتية لشمالي وشرقي سوريا” وآلية حصولها على اللقاح غير واضحة أو معلَنة.
ووسط عدم إعلان أي من الجهات المسيطرة في سوريا، سواء حكومة النظام السوري، أو “الحكومة السورية المؤقتة”، أو “الإدارة الذاتية”، عن نتائج مفاوضاتها مع منظمة الصحة العالمية بشأن آلية الحصول على اللقاح، أعلنت منصة “كوفاكس”، التابعة للمنظمة، تخصيص جرعات من لقاح “كورونا” إلى سوريا، دون الإعلان عن موعد تسليمها.
في هذا الملف، تعرض عنب بلدي معلومات حصلت عليها من منظمة الصحة العالمية، حول آلية التوزيع “العادل” للقاح بعد وصوله، على جميع المناطق في سوريا، باختلاف القوى المسيطرة عليها، وتناقش احتمالية استخدامه من تلك الأطراف كأداة لتثبيت شرعيتها السياسية.
خدمة تطعيم غير معلَنة في مناطق سيطرة النظام
ما إن أعلن السفير الصيني في سوريا عن نية بلاده “مساعدة” حكومة النظام في تقديم جرعات من اللقاح المضاد لفيروس “كورونا”، حتى تداول مستخدمون سوريون في مواقع التواصل الاجتماعي صورة لـ”بطاقة موعد للجرعة الثانية للقاح كوفيد- 19”.
تُظهر البطاقة، التي تحمل اسم وزارة الصحة في حكومة النظام السوري، أن حاملها تلقى الجرعة الأولى في 6 من شباط الحالي، وسيتلقى الجرعة الثانية في 27 من الشهر نفسه.
لكن حكومة النظام لم تعلن وصول أي من اللقاحات المضادة لفيروس “كورونا” إلى مناطق سيطرتها أو البدء بعملية التطعيم بشكل رسمي.
وفي 4 من شباط الحالي، أعلنت الصين، على لسان سفيرها في سوريا، فنغ بياو، عن تقديم 150 ألف جرعة من اللقاح المضاد لفيروس “كورونا” إلى سوريا، كمساعدة لحكومة النظام، بحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” المقربة من النظام.
ولم يحدد السفير في تصريحاته نوع اللقاح المقرر تقديمه إلى سوريا، إذ إن الصين تعتمد لقاحين محليين، وهما “سينوفارم” الذي أعلنت عنه في كانون الأول 2020، و”كورونافاك” المعلن عن اعتماده رسميًا في 6 من شباط الحالي.
ممرضة عاملة في مستشفى “الأسد الجامعي” بدمشق (تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمها لأسباب أمنية) أكدت صحة بطاقة اللقاح المتداولة.
وقالت لعنب بلدي، إن 60 جرعة لقاح وصلت إلى حكومة النظام السوري، لكن الممرضة لم تستطع تأكيد مصدرها، “لتكتم العاملين الصحيين في المستشفى على الموضوع”.
وأضافت أن وزارة الصحة في حكومة النظام “بدأت بتسجيل أسماء العاملين الصحيين في مؤسساتها على قوائم الأشخاص الذين سيتلقون اللقاح، بعد إخبارهم بأنه قرار اختياري، لا إلزامي، وستكون عملية التطعيم بصالة الفيحاء الرياضية في دمشق”.
قبل ذلك، توقعت منظمة الصحة العالمية حصول البلاد على لقاح مجموعة “أسترازينيكا” المطور مع جامعة “أكسفورد”، لعدم وجود التسهيلات اللازمة للحفاظ على لقاحات “فايزر” في تجميد عميق.
إلى جانب الصين..
“كوفاكس” تخصص حوالي مليون جرعة إلى سوريا
يتبين، بحسب وثيقة بعنوان “توقع التوزيع المؤقت” صادرة عن منصة “كوفاكس”، في 3 من شباط الحالي، أن المنصة خصصت لسوريا جرعات من لقاح “أسترازينيكا”، ضد فيروس “كورونا”.
وتحتوي الوثيقة على معلومات حول “التوزيع الإرشادي” لـ240 مليون جرعة من اللقاح، بلغت حصة سوريا منها مليونًا و20 ألف جرعة.
وذكرت الوثيقة أن “التوزيع الإرشادي” يهدف إلى توفير إرشادات مؤقتة للمشاركين في المنصة، وعرض سيناريو تخطيط لتمكين الاستعدادات للتخصيص النهائي لعدد الجرعات التي سيتلقاها كل مشارك في الجولات الأولى من توزيع اللقاح.
ولكن الوثيقة أوضحت أن الجرعات غير ملزمة وقد تخضع للتغيير، وذلك لأن “التوزيع الإرشادي” يعتمد على التواصل الحالي للتوفر المقدّر من الشركات المصنعة، ومن المحتمل أن يكون التوزيع بحاجة إلى تعديل في ضوء الظروف التي “يصعب توقعها، والمتغيرات التي تتطور باستمرار”.
ومع ذلك، نشرت المعلومات لتكون خطوة أولى مهمة في تزويد الحكومات وقادة الصحة العامة بالمعلومات التي يحتاجون إليها لوضع خطوات عملية توفير الجرعات المبكرة ونشر اللقاحات على الصعيد الوطني بنجاح، بحسب الوثيقة.
يأتي ذلك وسط دعوات من مسؤولين أمميين إلى تسريع عملية اللقاح، ودعوات منظمات حقوقية إلى التوزيع العادل له.
ودعا نائب منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي في الأمم المتحدة، مارك كاتس، عبر تغريدة في “تويتر”، إلى تسريع عملية التطعيم ليس فقط في الدول الغنية، بل في كل مكان، بما في ذلك دول مثل سوريا.
هل ستأخذ “الصحة العالمية” اللقاحات الصينية بعين الاعتبار؟
تعتزم “كوفاكس” تخصيص لقاح “أسترازينيكا SEA” لسوريا في المرحلة الأولى من التطعيم، بالاعتماد على موافقة الشركة المصنعة وانضمامها إلى قائمة الاستعمالات العاجلة (EUL)، بحسب ما قالته رئيسة بعثة منظمة الصحة العالمية وممثلتها في سوريا، أكجيمال ماجتيموفا، لعنب بلدي.
وعاين فريق الخبراء الاستشاري الاستراتيجي (SAGE) التابع للمنظمة لقاح “أسترازينيكا”، وأعطى توصياته، وبانتظار إصدار قراره الأخيرة بشأنه.
وحول ما إذا كانت منظمة الصحة ستأخذ بعين الاعتبار اللقاحات الصينية المقدمة إلى حكومة النظام عند تحديدها عدد الجرعات المقدمة إلى كل منطقة في سوريا، قالت المسؤولة، إن المنظمة تحترم حرية الدول باختيار لقاح “كوفيد- 19” ومدى إمكانيتهم توزيعه لشعوبهم وفق بروتوكولات السلامة والفاعلية للقاحات والقوانين الدولية.
وأضافت أن “السلطة الوطنية” في دمشق هي التي تطلب لقاحات وفقًا لاتفاقياتها مع “كوفاكس”.
ويشير ذلك إلى أن “الصحة العالمية” لن تهتم باللقاحات الصينية المقدمة، وستمنح النظام اللقاحات بناء على طلبه، ووفقًا لمعاييرها.
ما هي “كوفاكس”؟
سيتم منح سوريا اللقاح عبر منصة “كوفاكس” التي أوجدتها “الصحة العالمية”، لضمان وصول اللقاحات المعتمدة إلى الدول الأقل نموًا في العالم بشكل عادل.
تجمع المنصة دولًا مانحة تقدم التمويل لتطوير واختبار اللقاحات وتوزيعها، بعد اعتمادها الدول التي لا تستطيع تحمل تكلفة شرائها لمواطنيها.
وفي 26 من كانون الثاني الماضي، أعلن رئيس حكومة النظام السوري، حسين عرنوس، موافقة النظام السوري على الانضمام إلى منصة “كوفاكس”.
“كل التجمعات السكانية” في سوريا ضمن الخارطة
على اختلاف مناطق السيطرة في الجغرافيا السورية، ترتفع حالات الإصابة بفيروس “كورونا”، خصوصًا في ذروة “الموجة الثانية” من تفشي الفيروس التي وصلت إليها سوريا في كانون الأول 2020.
ويصعب تأطير ذروة “الموجة الثانية”، إذ يمكن أن يتبع هبوط حالات الإصابة بعد وصولها إلى الذروة، زيادة جديدة في معدلات الإصابات من خلال ارتباطها بعدة عوامل، أبرزها قدرة العاملين بالقطاع الصحي في سوريا على تتبع تلك الحالات.
وقالت منظمة العفو الدولية، إن حوالي 90% من سكان 70 دولة فقيرة قد لا يحصلون على أي لقاح ضد فيروس “كورونا” خلال عام 2021، في حين أن الدول الغنية تعاقدت لشراء لقاحات تكفي لتطعيم مواطنيها ثلاث مرات، حتى إن دولة مثل كندا تعاقدت على ما يكفي لتطعيم مواطنيها خمس مرات.
على المستوى المحلي في سوريا، تخوفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من عدم وصول لقاحات “كورونا” إلى الفئات الأضعف بغض النظر عن مكان وجودهم داخل سوريا، وعدم ضمان تطبيق خطة توزيع عادلة من أجل رعاية صحية تكافح المرض في جميع المناطق بغض النظر عن القوى المسيطرة عليها.
وحجب النظام السوري في عدة أزمات صحية الأغذية، والأدوية، والمساعدات الحيوية، عن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، واستخدمها كـ“سلاح حرب”، وفق تعبير “رايتس ووتش”، وممارسة ذات السياسية باللقاح يقوّض الجهد العالمي للسيطرة على تفشي الفيروس.
ضمان لتوزيع عادل.. يصطدم بواقع مناقض
وذكر مكتب “الصحة العالمية” الرسمي في دمشق، ضمن رده على أسئلة عنب بلدي عبر البريد الإلكتروني، أن منصة “كوفاكس” أُسست لـ“ضمان التوزيع العادل والمتساوي” للقاحات “كورونا” حول العالم، لتكفي بذلك “كل المناطق السورية، وكل التجمعات السكانية”، وستعمل المنظمة على توزيع اللقاح الخاص بالفيروس “بشكل منظم في جميع أنحاء البلد”.
وستؤمّن “الصحة العالمية” اللقاحات من خلال كوادر طبية مؤهلة عاملة في المرافق الصحية المختارة، أو أشخاص عاملين على مستوى من الكفاءة في الفرق المتنقلة.
وستشمل خطة توزيع اللقاحات مخيمات النازحين السوريين الرسمية وغير الرسمية، وفق ما قالته المنظمة.
كما “ستشمل اللقاحات أيضًا سكان المخيمات في شمال شرقي وشمال غربي سوريا، وبهذه المناطق ستكون الدفعة الأولى من اللقاحات مخصصة للعاملين المؤهلين في القطاع الصحي ممن هم تحت خطر الإصابة بالمرض”، بالإضافة إلى العاملين الإنسانيين في الخطوط الأولى، الذين هم على تماس مع المصابين بـ”كورونا”، بغض النظر عن موقعهم من الجغرافيا السورية.
إلا أن عمليات توزيع اللقاحات والمساعدات الطبية من خلال المنظمات التابعة للأمم المتحدة في سوريا تتطلب عبور خطوط النزاع المسلح، وذلك العبور يتطلب حصول الأمم المتحدة على إذن من حكومة النظام لكل توصيل، ومشروع، وقافلة من المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى تلك الخاضعة لسيطرة جهات أخرى، وفق ما ذكرته “رايتس ووتش” ضمن تقريرها المنشور في شباط الحالي.
وكثيرًا ما رفضت حكومة النظام الإذن أو أخّرته، ومنعت وصول بعض الإمدادات الطبية وغيرها إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرتها، ومنعت وكالات الأمم المتحدة من تنفيذ مشاريع أساسية في تلك المناطق، مثل رفض حكومة النظام السماح لوكالات الأمم المتحدة بإنشاء مختبرات فحص “كورونا” في شمال شرقي سوريا.
العاملون الصحيون أولًا
لقاحات “كورونا” ستغطي أقل من ربع سكان سوريا
في مراسلة إلكترونية، قالت رئيسة بعثة منظمة الصحة العالمية وممثلتها في سوريا، أكجيمال ماجتيموفا، لعنب بلدي، إن منصة “كوفاكس” تأمل توزيع مخصصات من اللقاحات ستغطي 20% من المجموع السكاني في سوريا، من دون تكلفة، بما يعتمد على توفر لقاحات آمنة وفعالة، وتوريدها من قبل المصنعين حول العالم.
وأضافت أن الدفعة الأولى من اللقاحات ستغطي 3% من السكان في سوريا، وستشمل العاملين في القطاع الصحي، والعاملين في الخطوط الأولى، الذين هم على تماس مع المصابين بفيروس “كورونا”.
وستتم عملية إعطاء اللقاحات لـ20% من السكان على ثلاث مراحل، وستبدأ الدفعة الأولى المذكورة سابقًا، وستشمل الدفعتان الثانية والثالثة، بما يتناسب مع توفر اللقاحات لدى “كوفاكس”، الذين هم أكثر عرضة للإصابة من كبار السن والأشخاص المعرضين لأمراض مزمنة، بحسب ماجتيموفا.
وأكد ذلك، في حديث إلى عنب بلدي، المدير الإقليمي لمكتب “الجمعية الطبية الأمريكية- السورية” في تركيا (سامز)، الطبيب مازن كوارة، وأوضح أن مخطط مبادرة “كوفاكس” للقاح حاليًا هو تغطية 20% من السكان فقط في جميع المناطق السورية على اختلاف الجهات المسيطرة عليها، وليس تغطية كامل السكان.
ونسبة 20% من السكان في جميع دول العالم هي الأولوية التي تتألف من 3% من العاملين الصحيين والعاملين في المجال الصحي، و12% من كبار السن فوق سن 60 عامًا، و5% من صغار السن من أصحاب الأمراض المزمنة المرافقة، والذين تتراوح أعمارهم بين 20 و60 عامًا.
وستغطي الدفعة الأولى من اللقاح، اعتبارًا من نهاية الثلث الأول من العام الحالي، نسبة 3% من العمال الصحيين والأطباء والممرضين وجميع العاملين في القطاع الصحي.
أما فيما يتعلق بالمنطقة الشمالية الغربية، فقال الطبيب كوارة، إن منظمة الصحة العالمية تتعاون مع مؤسسة أو مجموعة تسمى “فريق لقاح سوريا”، مؤلفة من فريق تحالف بين المنظمات الصحية العاملة في المنطقة، والمسؤولة عن حملات التطعيم منذ ثلاث سنوات، المتعلقة بلقاحات الأطفال أو حملات شلل الأطفال والحصبة.
وبحسب كوارة، سيكون الفريق مسؤولًا عن توزيع اللقاحات المضادة لفيروس “كورونا” في المنطقة، مشيرًا إلى امتلاكهم بروتوكولًا محددًا ينسق بين جميع المنظمات العاملة في شمال غربي سوريا، لتنفيذ المرحلة الأولى من التطعيم التي تستهدف العامليين الصحيين بسلاسة وفعالية.
طرق التوريد المتوقعة
وبينما لا تزال طرق توريد اللقاح إلى المناطق السورية المختلفة غير معلَنة، توقع الطبيب كوارة أن تصل اللقاحات إلى مناطق سيطرة النظام السوري عن طريق مكاتب منظمة الصحة العالمية ومنظمة “يونيسف” في دمشق.
كما توقع أن تصل إلى المنطقة الشمالية الغربية عن طريق مكاتب المنظمتين الموجودة في ولاية غازي عينتاب التركية الحدودية مع سوريا، أو من خلال المكاتب المعنية بعمليات عبور الحدود.
أما بالنسبة للمناطق الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، فتوقع الطبيب كوارة أن يتم الضغط لكي تصل اللقاحات من مكاتب منظمة الصحة العالمية و”يونيسف” الموجودة في دمشق، وإذا لم يتم ذلك، فمن المرجح أن تصل اللقاحات عبر الحدود أيضًا.
وأشارت أكجيمال ماجتيموفا إلى أن المنظمة ستدعم عملية نقل اللقاحات في عموم سوريا، وتنسق الحركة على الأرض مع الأشخاص المعنيين، وفقًا لعمليات محددة.
اللقاحات المعتمدة والبنى التحتية
وأوضحت ماجتيموفا أن تنفيذ حملات التطعيم في أنحاء سوريا ستتبع التجربة الحالية لـ”برنامج التلقيح الموسع” (EPI)، من خلال اعتماد خطة مصغرة عن طريق منظمات صحية مختارة كالمستشفيات والمستوصفات، ومن خلال الفرق المتنقلة.
في مناطق النظام
تنسق كل من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مع وزارة الصحة في حكومة النظام بما يتعلق بسلسلة تخزين اللقاحات وتبريدها.
إذ اختارت الوزارة الحصول على اللقاحات التي يمكن تخزينها بحرارة +2 أو +8 درجة مئوية، بحسب ماجتيموفا.
وتعمل منصة “كوفاكس” على توزيع اللقاحات التي تمت الموافقة عليها من قبل منظمة الصحة العالمية، بما يتناسب مع “قائمة الاستعمالات الطارئة” (EUL)، لضمان معايير سلامة وفعالية اللقاحات.
وحتى الآن، وافقت المنظمة على لقاحين هما “فايزر- بيونتيك” و”موديرنا”، وكلاهما يتطلب درجة تخزين (تبريد) تبلغ -70 درجة مئوية بالنسبة للقاح “فايزر”، و-20 درجة مئوية بالنسبة لقاح “موديرنا”، وهو أمر لا يمكن تأمينه في سوريا، وفقًا لماجتيموفا.
ولذلك اختارت حكومة النظام السوري اللقاحات التي يمكن تخزينها بين +2 و+8 درجة مئوية، بحسب المعطيات الحالية من حيث درجة حرارة التخزين وإمكانيات القطاع الصحي في المناطق التي تسيطر عليها.
ماذا عن الشمال الغربي؟
وكان المسؤول عن برنامج اللقاحات في محافظة إدلب، الدكتور رفعت فرحات، تحدث في وقت سابق إلى عنب بلدي، عن امتلاك الأجهزة الصحية في المنطقة “سلاسل التبريد المناسبة لحفظ ونقل جميع اللقاحات الروتينية، وغالبًا سيكون لقاح (كورونا) إذا تم اعتماد دخوله مثل بقية اللقاحات الروتينية”.
لقاح “كورونا” وسيلة لتثبيت الشرعية السياسية لأطراف النزاع
في كانون الثاني الماضي، قال وزير الصحة في حكومة النظام السوري، حسن الغباش، إن الوزارة “لن ترضى أن يأتي هذا اللقاح على حساب أمور أخرى متعلقة بالمواطن السوري والسيادة السورية”.
ويشير ذلك إلى أنه من غير المرجح أن يشمل توزيع لقاح “كورونا” المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية.
وتعتزم “الصحة العالمية” توزيع اللقاح داخل سوريا في جميع المناطق السورية، “وفقًا لعمليات محددة، ومن خلال اعتماد خطة مصغرة عن طريق منظمات صحية مختارة”، وفق ما ذكره مكتب المنظمة الرسمي في دمشق لعنب بلدي، دون تحديد تبعية تلك الجهات السياسية.
في المقابل، قال وزير الصحة في “الحكومة السورية المؤقتة”، مرام الشيخ، إن موقف “المؤقتة” واضح من موضوع تأمين لقاح “كورونا” في شمال غربي سوريا.
“نحن نعتبر أن الأمر مسؤوليتنا كمؤسسات معارضة، ونعمل جاهدين على ذلك، ولدينا مؤسساتنا التي تملك القدرات الفنية واللوجستية لإدارة هذا الملف”، بحسب ما قاله الشيخ لعنب بلدي.
وبالتالي، لن يكون هناك تعاون بين المؤسسات الطبية في شمال غربي سوريا ونظيرتها التابعة لحكومة النظام السوري.
ويحاول النظام استخدام أي أزمة أو موضوع في سوريا كورقة ضغط على معارضيه، وتثبيت مشروعيته السياسية أمام المجتمع الدولي، مهما كانت هذه الأزمة على درجة من الخطورة الإنسانية، وفق ما نوه إليه الشيخ.
وجاء موضوع توزيع لقاحات فيروس “كورونا” بالتزامن مع قرب الانتخابات الرئاسية في سوريا في نيسان المقبل، وهذه فرصة سيستخدمها النظام لتثبيت موقفه السياسي، بحسب ما قاله الشيخ.
ويكون ذلك عن طريق التسويق لنفسه على أنه الطرف الوحيد القادر على الموافقة على دخول أي مساعدات طبية وإنسانية إغاثية إلى سوريا، وأي مساعدات مهما كانت جدواها وفعاليتها تكون غير قانونية بنظره إذا دخلت عبر المناطق الحدودية السورية المسيطر عليها من قبل المعارضة السورية.
و”المؤسسات المدنية الثورية أثبتت أنها قادرة على أن تكون بديلًا عنه (النظام السوري) في إدارة الأزمات الإنسانية أمام المجتمع الدولي”، بحسب ما قاله الشيخ، مشيرًا إلى أن التنسيق لتوفير لقاح “كورونا” من قبل “الصحة العالمية” في شمال غربي سوريا يجب أن يكون وفق تعاون مشترك، بناء على طلب رسمي من منصة “كوفاكس” للحصول على اللقاح.
وأعلن رئيس ”الائتلاف السوري المعارض”، نصر الحريري، في كانون الأول 2020، أن “الائتلاف” يسعى إلى توفير لقاحات لفيروس “كورونا”، معتبرًا أن “مخاطر الجائحة (كورونا) في سوريا المحررة عالية، في ظل النقص الحاد في الكوادر، كما أن النظام وداعميه دمروا المرافق الصحية في المنطقة”.
والوضع الصحي في مناطق شمال غربي سوريا قائم تحت إشراف عدة مديريات صحة، منها ما هو مستقل، مثل مديرية صحة إدلب، ومنها ما يتبع لوزارة الصحة في “الحكومة السورية المؤقتة”، ووزارة الصحة التابعة لحكومة “الإنقاذ”، إلا أن القاسم المشترك بينها جميعًا أنها إدارات صحية محلية نتيجة الأمر الواقع هناك، غير معترف بها دوليًا من الناحية السياسية أو القانونية لتكون لها أولوية تأمين اللقاح ضد “كورونا” في مناطقها.
وفي مناطق الشمال الشرقي لسوريا الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية”، والتي قيّدها إغلاق معبر “اليعربية” مع العراق، بداية عام 2020، باستقبال المساعدات عن طريق مناطق النظام السوري، تجري المفاوضات لإدخال اللقاح.
وقال رئيس “هيئة الصحة” التابعة لـ”الإدارة”، الدكتور جوان مصطفى، في كانون الأول 2020، “تجري هيئة الصحة مفاوضات ونقاشات مع منظمة الصحة العالمية حول إمكانية إرسال لقاح فيروس (كورونا) إلى مناطق شمالي وشرقي سوريا”، بحسب ما نشرته “الإدارة الذاتية” عبر صفحتها الرسمية في “فيس بوك“.
وفي التقييم الخاص بشمال شرقي سوريا لتشرين الثاني من عام 2020، تشير مبادرة “REACH” إلى نقص الأدوية والكوادر وسيارات الإسعاف يسبب محدودية حصول السكان على الخدمات الطبية في المنطقة، وحسبما أظهرت البيانات في التقرير، فإن هناك “انفصالًا” ما بين الحاجات المعلَنة ونوع المساعدة المقدمة، التي لم تكن ذات صلة بما يحتاج إليه السكان.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :