وثق “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” الدوافع التي أدت إلى تصاعد خطاب الكراهية من قبل الأتراك تجاه اللاجئين السوريين.
وأصدر المركز تقريرًا، في 29 من كانون الأول 2020، يتحدث فيه عن تباين المرحلة الأولى التي جاء فيها اللاجئون السوريون إلى تركيا في بداية موجات النزوح مع المرحلة التي تلتها.
وعزا التقرير عدم استمرار الترحيب الشعبي والحكومي التركي باللاجئين السوريين كما كان في بداية موجات النزوح، إلى الوضع الاقتصادي والاختلافات الثقافية الاجتماعية والمنافسة على سوق العمل وخصوصًا لذوي المستوى المعيشي المنخفض، وهي نتيجة طبيعية قد تحصل في أي مكان تجاه اللاجئين في العالم.
ولكن رد الفعل أصبح غير مبرر في السنوات الأخيرة، بحسب التقرير، في ظل التحديات التي يواجهها السوريون، كالإقامة القانونية وتقييد حرية التنقل والحركة بين الولايات دون إذن السفر المطلوب، وعدم الحصول على التأمين الصحي أو إذن العمل لعدم توفر بطاقة الحماية التركية المؤقتة.
وكان لتداعيات جائحة “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) والتمييز بين أجور اللاجئين وغيرهم من العاملين من جنسيات أخرى، والنقاش حول الإعادة القسرية المتداول في الشارع التركي، وتصاعد النبرة التركية الرافضة لوجود اللاجئين، الأثر الكبير على تصاعد شعور السوريين بالرفض من قبل الجانب التركي.
ووصلت نسبة الرفض التركي للاجئين السوريين إلى 67% عام 2019، بعدما كانت نحو 57% عام 2016، بحسب استطلاع أجراه مركز الدراسات التركي في جامعة “قادر هاس“.
وشكلت حالة الرفض الشعبي التركي طابعًا اجتماعيًا متوترًا تجاه السوريين، ارتفع في ظل موجة كبيرة من الاعتداءات العنصرية ضد اللاجئين، غذتها مواقف بعض السياسيين وشخصيات تركية عامة تبنت خطابًا معاديًا.
وتضمن الطابع العام جرائم خطاب الكراهية والتمييز والتحريض، في ظل غياب أي دور للحكومة في التخفيف من الخطاب المعادي للاجئين أو الحد منه.
وانتقل العداء الذي بدأ من الأوساط الشعبية التركية إلى السياسيين وصناع القرار في الحكومة التركية، وعزا سوء الأوضاع الاقتصادية والبطالة وتراجع العلاقات الدبلوماسية التركية مع غيرها من دول العالم إلى اللاجئين السوريين، وترافق مع الشائعات التي تصف السوريين بأنهم يعيشون حياة مترفة في المدن الرئيسة، ويحصلون على مساعدات مالية من الحكومة التركية.
واستعرض التقرير الوضع القانوني والحقوقي للاجئين في تركيا، وتوزع اللاجئين بين الولايات، كما استعرض التغيرات السياسية والاقتصادية التركية، التي أثرت على المجتمع التركي ككل، والتي كان لها أثرها على اللاجئين بشكل عام وعلى اللاجئين السوريين بشكل خاص.
كما قدم تسلسلًا زمنيًا بتصاعد خطاب الكراهية تجاه السوريين، والحوادث المترافقة مع هذا الخطاب، وأهم الشخصيات المؤثرة التي استغلت اللاجئين السوريين في خطاباتها وتوجهاتها.
ورصد التقرير منشورات كُتبت باللغة العربية انتشرت في ولاية غازي عنتاب التركية طالبت السوريين بالعودة إلى سوريا، واجتمع والي غازي عنتاب مع الجالية السورية إثر الواقعة.
ما العنصرية
عرّفت الأمم المتحدة مصطلح العنصرية، بحسب “الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري”، بأنها “أي تمييز أو استثناء أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، أو التمتع بها أو ممارستها”.
وقال الباحث الاجتماعي صفوان موشلي، في لقاء سابق مع عنب بلدي، إن “أنواع الاعتداءات العنصرية وما يجعل بعضها أشد خطوة، فمنها الاعتداءات التي يرتكبها مجرمون عاديون، يعتدون على أي ضحية دون تمييز، وقد يختارون اللاجئ لضعفه في إدراك البيئة المحيطة، وزيادة هذا النوع من الجرائم والاعتداءات مرهون بالحالة الاقتصادية في البلاد وحجم البطالة فيها”.
وأضاف الباحث أن اللاجئين السوريين في تركيا يواجهون مشكلة عدم الاعتراف بهم كلاجئين فعلًا، فالدعاية السياسية تسميهم ضيوفًا، والقانون يضعهم تحت الحماية المؤقتة، كما تشيع بعض الأحزاب المعارضة أن اللاجئ يحصل على امتيازات ليست متاحة حتى للمواطن.
اتهامات سابقة
اتهمت منظمة العفو الدولية، في تشرين الثاني 2019، تركيا بترحيل سوريين قسرًا إلى الداخل السوري بطريقة غير قانونية، عقب إجراءات فرضتها السلطات التركية بترحيل المخالفين غير الحاملين لوثيقة الحماية المؤقتة، التي تمنحها السلطات التركية للاجئين السوريين.
كما اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، السلطات التركية في مدينتي اسطنبول وأنطاكيا، باحتجاز وترحيل عشرات السوريين بشكل قسري إلى مناطق غير آمنة في شمالي سوريا، بين كانون الثاني وأيلول من عام 2019.
وبلغ عدد السوريين المقيمين في تركيا ثلاثة ملايين و641 ألفًا و370 نسمة، بحسب إحصائيات المديرية العامة لإدارة الهجرة لعام 2020.
–