تهديد واعتقال.. احتجاجات السويداء تواجه “القمع”

camera iconتجددت الاحتجاجات في مدينة السويداء، لليوم الثاني على التوالي، وسط تزايد بأعداد المشاركين فيها، ودعوات لاستمرار التظاهر. (السويداء 24)

tag icon ع ع ع

السويداء – ريان الأطرش

في الساحة المواجهة لمبنى المحافظة في السويداء، اجتمع عدد من الناشطين في طقسهم المتكرر للتظاهر والاحتجاج على الأحوال المعيشية تارة، وعلى الخطوات الأمنية تارة أخرى، لم يطل بقاء المشاركين الذين “قلت أعدادهم عن المعتاد” ظهيرة الأحد، في 25 من تشرين الأول الماضي، بعد أن أحاط بهم رجال الأمن ورجال مسلحون “مجهولون”.

ذاك الاجتماع لم يكن مخصصًا للاحتجاج على “ارتفاع الأسعار”، كدعوات حملة “بدنا نعيش” التي تصاعدت في حزيران الماضي لتصل إلى المطالبة بإسقاط النظام، ولكنه كان ردًا على تعميم نحو 150 اسمًا لناشطين ومواطنين وجه لهم النظام “تهمة التظاهر” قبل أسبوعين، داعيًا لاعتقالهم.

تراجع المشاركين لم يعنِ التوقف عن الدعوة للتظاهر مجددًا، التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي في 31 من تشرين الأول الماضي، للمطالبة بتحسين الظروف المعيشية، ولكن لم يتمكن الناشطون هذه المرة من الاجتماع، مع وصول تعزيزات عسكرية أحاطت بالساحة وأغلقت الطرق الموصلة إليها.

الاعتقال “ليس النهاية”

إصدار قوائم الاعتقال “ليس جديدًا”، حسبما قال المحامي مهند بركة لعنب بلدي، الذي أشار إلى أن الملاحقة الأمنية لم تتوقف ضد الناشطين منذ عام 2011.

“كان الأمر متوقعًا” حسب رأي بركة، مضيفًا أن تعميم الأسماء، الذي يشمل اسمه، لن يؤثر سوى على طلاب الجامعات الذين يضطرون للمرور عبر الحواجز العسكرية للوصول إلى كلياتهم، أما بقية المعارضين فهم غالبًا مطلوبون بإذاعات بحث سابقة، وتوقفوا عن التنقل بين المحافظات.

من يشارك في المظاهرات “يعلم أنه سيعرّض نفسه للملاحقة”، وهو ما حدث قبل أشهر مع اعتقال العشرات قبل الإفراج عنهم تدريجيًا مقابل تهدئة الاحتجاجات، التي رفعت سقف المطالب في المحافظة “المحايدة” منذ بداية الثورة.

“بغض النظر إن كانت المظاهرات ستكون ذات نتيجة أم لا، فمجرد نشر ثقافة المطالبة بالحقوق في أي مجتمع وعدم الخوف من ذلك هو مكسب بحد ذاته”، حسبما قال بركة.

تمكنت السويداء من تجنب أسوأ آثار الحرب، التي واجهتها معظم المحافظات في سوريا نتيجة المعارضة وسياسة القمع التي اتبعها النظام السوري لإخماد الاحتجاجات، إذ شُكّلت فيها فصائل محلية منعت التجنيد الإجباري عن أبناء المحافظة في صفوف الجيش، كما لم تنهض باحتجاجات عامة كما فعلت جارتاها، درعا والقنيطرة، اللتان عانى سكانهما من القصف والقتل والتهجير.

“ظلم النظام وأجهزته الأمنية للناس” هو الدافع الأول لمشاركة الطالب الجامعي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، في احتجاجات حزيران الماضي، إضافة إلى رغبته بالاعتراض على “سياسة التجويع الممنهجة” التي تعانيها المحافظة.

لم يخشَ الشاب من مذكرة التعميم لأن ما توقعه كان يفوق ذلك، “خاصة وقد شهدنا على ما حصل لمن احتج قبلنا”، حسبما قال لعنب بلدي، مضيفًا أن مشاركته بالاحتجاجات مستمرة حتى تحقيق هدف “الحرية، ومحاربة الفساد والظلم”، مع إشارته إلى أن هيئات المعارضة السياسية السورية لا تختلف عن النظام السوري بنظره.

وضع “خاص” لا يعني “الرحمة”

استخدم النظام السوري حجة “الدفاع عن الأقليات” منذ بدء ترويجه لمحاربة الفصائل المعارضة التي وصفها بـ”التطرف” و”الإرهاب”، وكان تعاون محافظة السويداء، التي ينتمي أهلها للطائفة الدرزية، هدفه منذ البداية.

“وصل النظام إلى حائط مسدود في تطويع المحافظة لأجنداته”، حسب رأي الباحث السياسي رشيد حوراني، واصفًا تعامله معها بـ”المد والجزر”.

قدرة أهالي السويداء على تأسيس الفصائل المحلية، مع الدعم الذي تلقوه من أبناء الطائفة الدرزية في فلسطين ولبنان، سمح لهم بمقاومة النظام، حسبما قال حوراني لعنب بلدي.

وأضاف أن النظام اعتمد على إيلام أهالي السويداء عبر “الفتنة” مع فصائل درعا وبين أبناء المحافظة، ومن خلال تسهيل دخول قوات تنظيم “الدولة الإسلامية”، التي ارتكبت مجزرة “الأربعاء الأسود” بحقهم في تموز عام 2018.

يعتقد حوراني أن النظام السوري لن يصعّد من رده على الاحتجاجات السلمية في السويداء، بسبب وجود الفصائل المحلية أولًا، وللواقع الأمني الذي تحكمه روسيا وإيران وترقبه إسرائيل على الدوام.

وفي حين لا يتفق الصحفي السوري عهد مراد، المنحدر من محافظة السويداء، مع مقولة أن النظام السوري يسمح للسويداء ما لا يسمح به لغيرها من المحافظات، مشيرًا إلى وضع درعا التي لم يتمكن من السيطرة الكاملة عليها بعد، إلا أنه يرد تلك الحالة لتطورات العلاقات الروسية- الإيرانية.

ويرى مراد أن الاحتجاجات في السويداء وجارتها درعا في تصاعد، وإن لم ترغب روسيا وإيران بتصعيد ردود فعل النظام، فإن المنطقة قد تمتلك في المستقبل وضعًا تقسيميًا خاصًا، في حال لم تنضم بقية المحافظات السورية إليها “بهبات مثيلة”، وهو ما “لا يشي بالضرورة بحالة وطنية جيدة”، بحسب تعبيره.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



English version of the article


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة