“عقوبة للمعارضة”.. منزل قائد “ثورة الجلاء” في جباتا الخشب مهمل بلا ترميم
عنب بلدي – القنيطرة
بعد عامين من سيطرة النظام السوري على بلدة جباتا الخشب في ريف القنيطرة الشمالي، يقف تمثال أحمد مريود، “قائد ثورة الجولان والجنوب ضد الفرنسيين”، محطمًا ومهملًا بسبب القصف، رغم الاستمرار باستخدام اسم صاحبه كبطل قومي في ذكرى “الجلاء”.
يزور علاء منزل جده، المعروف كمعلم في البلدة، ليشاهد ما حل به من قصف ودمار بفعل قذائف قوات النظام التي سقطت في باحة المنزل وعلى بوابته وتمثاله المنصوب بطرف الباحة.
مضافته لم يتبقَّ منها إلا صورة الجد معلقة على الحائط، “دماره يذكر بدمار مدينة القنيطرة عند الحرب بين سوريا وإسرائيل”، قال علاء لعنب بلدي.
خرجت بلدة جباتا الخشب عن سيطرة النظام السوري عند بدء الاحتجاجات الشعبية وتشكّل فصائل معارضة محلية، زاد إعلام النظام على وصفها بـ”الإرهابية” باتهامها بالعمالة لإسرائيل، وهو ما ينفيه أهل البلدة ويعتبرونه السبب الأول وراء تجاهل ترميم منزل “رمز المقاومة”.
من هو أحمد مريود؟
أحمد مريود من أبناء بلدة جباتا الخشب، كان فيها مولده عام 1886 ومماته عام 1926، قاد ثورة شملت سوريا والأردن، بعد صدامه مع القوات الفرنسية التي استعمرت سوريا ما بين عامي 1920 و1946.
قُتل أحمد مع شقيقه الأصغر في معركة جرت في بلدته، ونقل الفرنسيون جثمانه إلى دمشق، وعرضوه في ساحة “المرجة” مشنوقًا، حيث أنزله الدمشقيون ودفنوه في مقبرة “عاتكة”.
تحمل قصة أحمد مريود أهمية خاصة لدى أهل بلدته، الذين يصفون مشاعرهم نحوه بـ”الفخر”، وعمل النظام على تغذية تلك المشاعر عن طريق الاهتمام بسيرته والاحتفاء بها بذكرى “الجلاء”، في 17 من نيسان من كل عام.
واعتنى النظام بمنزله الذي بني على مساحة تقدر بـ400 متر مربع، قبل “حرب تشرين” عام 1973، التي كان مصير البلدة بعدها الوقوع في المنطقة “المنزوعة السلاح” بين سوريا وإسرائيل وفق اتفاق عام 1974.
في العام 2015، وخلال وقوع المنطقة تحت سيطرة فصائل المعارضة، تعرض منزل مريود للقصف والدمار، الذي أرجعته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إلى قذائف أطلقها “الإرهابيون” على منزل “الشهيد”، إلا أن شهادات أهالي المنطقة تؤكد أن من أطلق القذائف كانت قوات النظام السوري.
جباتا الخشب.. بين تهمة “العمالة” و”الإرهاب”
كانت بلدة جباتا الخشب من أولى المناطق التي شاركت في الاحتجاجات الشعبية منذ عام 2011، ورغم تمركز قوات “حفظ السلام” الأممية فيها، فإنها تعرضت للقصف والاستهداف طوال سنوات الحرب، مع نشاط عدة فصائل ضمنها، مثل “جبهة النصرة”، و”أحرار الشام”، و”جبهة ثوار سوريا”، و”الفرقان”.
موقع البلدة المتاخم للحدود مع فلسطين المحتلة (إسرائيل)، وتضاريسها الجبلية، زادت من أهميتها العسكرية، ومع الدعاية الإسرائيلية عن “دعمها” للثوار وتقديمها المساعدات الإنسانية، امتلك النظام السوري حجة لوصف معارضيه ضمنها بـ”العملاء”.
مُنع سكان جباتا الخشب من الاقتراب من الحدود مع إسرائيل، تحت طائلة المساءلة القانونية من قبل الأمن العسكري في المنطقة قبل الحرب، أما بعدها فقد رصدت تقارير الأمم المتحدة اقتراب “أفراد معظمهم من الرعاة” من السياج الحدودي، وحملهم أغراضًا “غير معرفة”، مع تجاوز أفراد آخرين السياج لفترات وجيزة.
وكانت الحكومة الإسرائيلية “أكدت بوضوح” للأمم المتحدة رفضها دخول أي نازح إلى أراضيها، خلال الحملة العسكرية التي أجبرت سكان المنطقة على التسليم لقوات النظام وحليفته سوريا، في تموز من عام 2018، إلا أنها أفادت لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنها “قدمت 30 عملية مساعدة مخصصة للنازحين في المنطقة”.
وصفا “الإرهاب” و”العمالة” توقف النظام عن توجيههما لأهالي المنطقة بعد تهجير المقاتلين وعائلاتهم إلى الشمال، إلا أن اكتفاءه بترديد وعود الإصلاح على أحفاد مريود، وابتعاد “مؤسسة الإسكان العسكري” عن ترميم منزل “البطل، الذي كان شعلة مضيئة لوقائع التاريخ النضالي”، حسب وصف موقع “الثورة” الحكومي لمريود عام 2019، هو ما اعتبره الأهالي دليلًا على “عقوبة رمزية” لبلدتهم، التي سكنت حدودها سوى من بعض طلقات “معتادة” لإسرائيل نحو الداخل.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :