الجولان السوري.. من محمد علي باشا إلى دونالد ترامب
يعود تاريخ الجولان إلى بداية تشكل الحضارات في سوريا، إذ إن خصوبة أرضه جعلت منه موقعًا مرغوبًا منذ القدم. سجله الذي لم يخلُ من النزاعات عبر العصور، أحالنا الآن إلى الصراع ما بين إسرائيل وأهله السوريين.
وفي حين يدعي الإسرائيليون في أرشيفهم أحقيتهم في أرض الجولان، مع استشهادهم بالتوراة ونصوص العهد القديم، تذكر وكالة الاستخبارات الأمريكية في تقرير لها حول المنطقة، في 31 من كانون الأول 1981، أن “مرتفعات الجولان لم تكن أبدًا جزءًا من الدولة اليهودية”، ولم تضم يهودًا لما يزيد على ثلاثة آلاف عام.
1838
تذكر الباحثة الفلسطينية، أسماء شهوان، في دراسة بعنوان “الاستيطان الصهيوني في هضبة الجولان السورية” أن اليهودي البريطاني، موسى مونتفيوري، طلب من محمد علي باشا تأجير اليهود مئة أو مئتي قرية لمدة خمسين عامًا فيها، ولكن بعد موافقة الباشا الأولية تراجع وفشلت المحاولة.
1880
عاد اليهود لمسح المنطقة وإعداد خريطة لها، ومن ثم بدأوا بشراء الأراضي منتصف ذلك العقد، إلا أن قوانين الاستملاك العثمانية، التي تمنع تسجيل الأملاك لمن ليس من أهل المنطقة، مترافقة مع عداء سكان الجولان المسلمين للاستيطان اليهودي، أعاقت تلك المحاولات.
1923
وقعت معاهدة رسمية بين بريطانيا وفرنسا لاقتسام المنطقة، وضُمت الجولان إلى سلطة الانتداب الفرنسي على سوريا.
1946
عادت المنطقة تحت السيادة السورية، بعد الجلاء الفرنسي عن سوريا.
1948
أعلنت إسرائيل قيام دولتها بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتوجهت القوات السورية، مع قوات من الأردن ولبنان ومصر والعراق، لمحاربة الدولة المزعومة، ولكنها منيت بالهزيمة.
1949
وُقعت اتفاقية للهدنة بين الجانب السوري والجانب الإسرائيلي، بقي الجولان بموجبها تحت سيطرة سوريا، مع إنشاء منطقة منزوعة السلاح فيه.
ما بين النكبة والنكسة
ووفقًا للباحث بشير زين العابدين، الحاصل على شهادة الدكتوراة في التاريخ السياسي، فقد عمدت إسرائيل إلى إثارة القلاقل للسيطرة على المنطقة، مع قضمها المستمر للمنطقة العازلة وسعيها للسيطرة على الموارد المائية.
إذ تكررت الاشتباكات منذ بداية الخمسينيات، ولحق ذلك إدانة لعدوانها عام 1955 من قبل مجلس الأمن، وتلاحقت مناوشات أخرى أعوام 1957 و1960 و1961 و1964.
ويقول الدكتور زين العابدين لعنب بلدي، إن هدف إسرائيل كان إخلاء المنطقة من سكانها العرب وقضم المناطق المعزولة، وهذا ما تحقق لها بالفعل، إذ ضمت معظم القسم الجنوبي منها وكل المنطقة الوسطى إلى الغرب من نهر الأردن، وسيطرت على بحيرة طبرية وبنت قناة في أعلى نهر الأردن تجر المياه منه إلى النقطة التي يمكن استخدامها فيها لتوليد الطاقة الكهربائية.
وفي هجماتها بداية الستينيات، دمرت المنشآت السورية والآليات التابعة لها التي كانت تعمل على مشاريع تحويل روافد نهر الأردن.
1967
تقدمت إسرائيل في حزيران مسيطرة على الجولان السوري، إذ احتل جيشها 1260 كم2 من مساحة الهضبة بما في ذلك مدينة القنيطرة. وأرغمت نحو 130 ألف سوري على النزوح منها.
فقدت سوريا بذلك نحو 14% من مخزونها المائي والموقع الاستراتيجي بالغ الأهمية الذي تمثله مرتفعات الجولان، بحسب الدكتور زين العابدين.
دور حافظ الأسد
تم توجيه اللوم لوزير الدفاع السوري آنذاك، حافظ الأسد، على خسارة الجولان وتواطئه لتسليمها لإسرائيل، لأسباب قال الدكتور زين العابدين إنها تتعدد من تلكئه بالدفاع، مع سحبه ثلث سلاح الجو دون الزج به في المعركة، وتبنيه لخطة دفاعية هشة تمثلت بحشد الجنود في منطقة “تل دان” القريبة من منابع نهر الأردن.
كما أمر القوات السورية بالانسحاب من القنيطرة دون مقاومة مع بث البيان رقم (66) الموقع من قبله، في العاشر من حزيران، والذي أعلن سقوط المدينة قبل ثلاث ساعات من حصوله.
وترك القوات السورية المنسحبة مكشوفة دون أي غطاء جوي ومدفعي، ما جعلها هدفًا سهلًا لسلاح الجو الإسرائيلي، الذي استهدفه بمختلف القذائف بما فيها صواريخ النابالم الحارقة.
وكذلك سماحه بخلو الجبهة من القيادات العسكرية وسحبه للقطعات الموالية له وعلى رأسها اللواء (70) بقيادة العقيد عزت جديد، وكتيبة الدبابات بقيادة النقيب رفعت الأسد.
وكانت هذه الحرب قد حصلت بعد أن أنهك الجيش السوري “بتصفيات طائفية”، استبدلت الضباط ذوي الخبرة بكوادر من حزب البعث لا يملكون خبرة كبيرة، إذ تم استبدال أكثر من 2200 ضابط عامل و3 آلاف ضابط من الاحتياط، قبل الحرب، وهو ما يعادل ثلثي الضباط في الجيش.
بين 1967 وحتى 1973
استمرت سوريا بالمطالبة بالجولان طوال تلك الفترة، وفق قراري مجلس الأمن 242 و338 اللذين يعتبران هضبة الجولان “أرضًا سورية محتلة”، في حين عملت تل أبيب على إنشاء المستوطنات فيها مع المطالبة بضمها رسميًا إلى أراضيها.
1973
تقدم الجيش السوري في 6 تشرين الأول محرزًا انتصارات سريعة، وقال الدكتور زين العابدين إن القوات العربية (السورية والمصرية) نجحت في تحقيق عنصر المفاجأة، وكبدت الإسرائيليين خسائر كبيرة شملت 2656 قتيلًا و7250 جريحًا، مع خسارة ألف دبابة وأكثر من مئة طائرة مقاتلة.
لكن الجيش الإسرائيلي تمكن من استعادة توازنه سريعًا وشن هجومًا مضادًا، ركز فيه على هضبة الجولان، إذ تمكن في العاشر من تشرين الأول من احتلاله، ثم توغل مسافة تزيد على 35 كم في الأراضي السورية، وأصبح على بعد 40 كم من مدينة دمشق، واستمرت المعارك حتى يوم 22 من تشرين الأول حتى تم وقف إطلاق النار في اليوم التالي.
تعرضت سوريا لدمار في البنية التحتية وأضرار بالغة في المنشآت، قدرت قيمة خسائرها بحوالي 4.5 مليار دولار.
1974
تم توقيع اتفاق أعادت وفقه إسرائيل لسوريا مساحة 60 كم2 ضمت مدينة القنيطرة وجوارها، كما تم إنشاء قوة أممية للإشراف على وقف إطلاق النار وفض الاشتباك بين الطرفين (يونيدوف) في منطقة عازلة أخذت من مساحة الهضبة.
فقدت سوريا بموجب هذه الترتيبات 29 قرية إضافية.
1979
بدأت خطوات ضم منطقة الجولان للدولة الإسرائيلية بإنشاء إسرائيل لمجلس الجولان الإقليمي التابع لوزارة الداخلية
1980
صرح الكنيست بمنح الجنسية الإسرائيلية للدروز في الجولان. قبلها بعضهم ورفضها الأغلبية، وذكر تقرير وكالة الاستخبارات الأمريكية أن العديد ممن قبلوها بدايةً تراجعوا تحت ضغط السلطات الدينية.
1981
تم إعلان ضم الجولان للدولة الإسرائيلية، ولم يلق اعترافًا دوليًا.
1996 حتى عام 2000
بدأت جولات المفاوضات بين إسرائيل والحكومة السورية، وقامت على أساس تقديم الأرض مقابل السلام، إلا أن الخلاف حول السماح لسوريا بالوصول إلى بحيرة طبرية أدى إلى فشلها.
2007
سرت شائعات بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، قد أرسل رسالة سرية لبشار الأسد يعلن فيها عن استعداد بلاده للتحادث حول السلام في حال قطعت سوريا صلاتها بإيران والجماعات المسلحة في المنطقة.
في اليوم ذاته قال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء السابق، إن حافظ الأسد كان قد وعد بالسماح لإسرائيل بالاحتفاظ بجبل الشيخ في أي اتفاق مستقبلي.
2008
تواسطت تركيا في محادثات غير مباشرة لبدء المفاوضات مجددًا بين سوريا وإسرائيل، وبيّن استطلاع للرأي في الشارع الإسرائيلي أن 70% من الإسرائيليين لا يوافقون على التنازل عن الجولان لتحقيق السلام مع سوريا، إلا أن المحادثات انتهت مع بدء الحرب على غزة نهاية ذلك العام.
2015
مع تغير الوضع الأمني على حدود الجولان وسيطرة الفصائل المسلحة على الحدود، طلب نتنياهو من الرئيس الأمريكي باراك أوباما الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، إلا أن الرد الأمريكي عاد بالرفض.
2016
دعا نتنياهو المجتمع الدولي للاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان متذرعًا بخطر التقدم الإيراني على الحدود السورية.
2018
بدأت إسرائيل بحملة لإطلاق الصواريخ على المواقع الإيرانية في سوريا، معلنة هدفها بإبعاد القوات الإيرانية وقوات حزب الله عن حدودها.
2019
وقع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على اعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، رفضته الأمم المتحدة ولم يلق ترحيبًا عالميًا.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :