أحمد العودة.. رجل روسيا المدلّل والساعي لتشكيل “جيش” في الجنوب السوري

  • 2020/06/24
  • 5:34 م

محاطَا بالعشرات من عناصره المدججين بالسلاح في منطقة خاضعة في الأساس لسيطرة النظام السوري أعلن قائد “الفيلق الخامس” المدعوم روسيًا في 23 من حزيران الحالي، أحمد العودة، عن نيته تشكيل جيش واحد لمنطقة حوران بدرعا.

كلام العودة تزامن مع ما تشهده مدينته بصرى الشام من أجواء عزاء، نتيجة مقتل عشرة عناصر تابعين لـ”الفيلق الخامس”، جراء استهداف مجهول لحافلة مبيت تضم 40 عنصرًا، كانت تنقلهم من اللاذقية إلى درعا لتبديل نوباتهم.

استهداف هو الأول من نوعه لـ”الفيلق”، وكان اللافت أيضًا هو خروج المئات بمظاهرات تهتف ضد إيران والنظام السوري، اتهم فيها الأهالي “حزب الله” وإيران بالوقوف خلف التفجير، دون توجيه أي اتهام لروسيا.

تضيف خطوة العودة هذه مزيدًا من الغرابة على طبيعة وشكل العلاقة التي تجمع القيادي السابق في المعارضة، أحمد العودة، بالنظام، منذ إعلان الأخير سيطرته على درعا وتهجير من رفض البقاء تحت سيطرته، منتصف عام 2018.

بارع في التقلبات

على الرغم من أنه بدأ مسيرته مقاتلًا معارضًا للنظام السوري، وخسر ثلاثة من إخوته في سيبل ذلك عام 2014، فإن المطاف انتهى بأحمد العودة في أحضان روسيا أكبر حلفاء النظام.

اشتهر العودة الحاصل على شهادة في الأدب الإنجليزي، خلال السنوات الماضية من الثورة السورية، بتبديل جلده عدة مرات، وانقلابه على كل من وقف معه ودعمه، وكرست تقلباته وجود رغبة جامحة عند الرجل في بقائه تحت الأضواء عبر امتلاكه نفوذًا وقيادة، حتى وإن تبدلت أهدافه طوعًا لرغبة من يدعمه.

وأبرز تلك التقلبات عندما انقلب على “جبهة النصرة” وحركة “المثنى الإسلامية” بعد مشاركتهم في إخراج قوات النظام من مسقط رأسه مدينة بصرى الشام، في آذار 2015، حين كان العودة قائد فصيل “شباب السنة” يقاتل حينها جنبًا إلى جنب معهم، لكنه ما لبث أن انقلب على “النصرة” و”المثنى” وطردهما من المدينة.

استطاع العودة بعد ذلك تنظيم المرافق العامة والخدمات في المدينة، وأسس جهاز شرطة وحتى شرطة مرور، وذلك بدعم من “غرفة الموك” ومن الإمارات عبر صلة القرابة التي تجمعه بخالد المحاميد، نائب رئيس “هيئة التفاوض السورية” السابق المقيم في الإمارات.

و“غرفة الموك” غرفة عسكرية خارجية، ومقر قيادة وتنسيق وإصدار أوامر، كانت تديرها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا والأردن وبعض دول الخليج، شُكّلت في عام 2013 وطُوّرت عام 2014، وضمت فصائل عدة من “الجيش الحر” في درعا والقنيطرة وريف دمشق وريف حلب الشمالي.

في عام 2016، حدث انقلاب داخل فصيل العودة، وتمت السيطرة حينها على مستودعات الذخيرة والسلاح الثقيل، وهرب العودة إلى خارج بصرى، ولكن بدعم من فصائل “الجبهة الجنوبية” استطاع اقتحام بصرى مجددًا وإعادة السيطرة على فصيله ومدينته.

لم يدم الاستقرار طويلًا مع العودة، ففي عام 2017 حدثت منازعات بين أكبر فصيلين بالمنطقة الشرقية لدرعا، وهما فصيل “شباب السنة” وفصيل “اليرموك” الذي كان ينافسه بقيادة بشار الزعبي، وسقط قتلى من الطرفين.

وبعد سيطرة النظام على منطقة اللجاة وبصر الحرير، منتصف عام 2018، جرت مفاوضات برعاية الجانب الروسي في مدينة بصرى الشام، في الوقت الذي كان النظام مستمرًا باجتياح معظم قرى المنطقة الشرقية باستثناء بصرى الشام مركز ثقل العودة.

وبعد وصول النظام إلى بصرى، جرت اتفاقيات “التسوية” التي كان عرّابها أحمد العودة، داخل المدينة، حيث قضت الاتفاقيات بقبول سيطرة النظام على المنطقة الجنوبية من سوريا.

سلّم العودة خلالها السلاح الثقيل، وانضم إلى “الفيلق الخامس” التابع بشكل مباشر للروس، الذين كافؤوه بتسليمه قيادة الفيلق في المنطقة الجنوبية.

وكعربون شكر منه، أرسل العودة مقاتلين إلى الشمال السوري، لمساندة النظام في حملته ضد فصائل المعارضة السورية، الأمر الذي أسعد الروس، وجعلهم يمنحونه ثقة زائدة.

العودة يحُيي “التسويات”

مطلع آذار الماضي، هاجمت قوات النظام مدينة الصنمين، واستخدمت الدبابات والمدفعية للمرة الأولى منذ اتفاق “التسوية” في المنطقة الجنوبية في تموز 2018، واشتبكت مع مقاتلين رفضوا تلك “التسوية” وفضلوا البقاء في درعا.

واستطاعت قوات النظام فرض حصار عليهم في الأحياء الغربية من المدينة، إلى أن تدخل “الفيلق الخامس” بقيادة العودة، ففض النزاع وفرض هدنة، انتهت بترحيل المقاتلين نحو الشمال السوري، و”تسوية” أوضاع الراغبين بالبقاء بشرط تسليم السلاح.

لم يقتصر حينها دور الفيلق على الوساطة، بل سحب، في 18 من آذار الماضي، جثث قوات النظام بعد تعرض حاجز لها لهجوم عند منطقة مساكن جلين، وتزامن ذلك مع إشرافه على فرض “تسوية” في بلدة ناحتة، انتهت بتسليم عشرين قطعة سلاح مقابل خروج معتقلين لدى النظام، و”تسوية” أوضاع شباب من البلدة.

العودة والسويداء.. مقاتل ومسالم

بدأت قصة قتال العودة مع فصائل من السويداء، في 28 من آذار الماضي، كرد فعل على خطف شابين من مدينته بصرى يعملان في تجارة الأبقار، خُطفا في بلدة القريا بريف السويداء.

حاول حينها شباب من بصرى التسلل إلى قرية القريا، لخطف شباب منها للتفاوض على إطلاق المخطوفين من بصرى.

وفي أثناء محاولة التسلل، اشتبك عناصر من الفصائل المحلية مع المتسللين وقُتل أحدهم، لتبدأ بعدها فصائل من السويداء بتمشيط المنطقة، حتى وقع اشتباك بينها وبين فصيل أحمد العودة بالقرب من بصرى، سقط على إثره قتلى من فصائل السويداء وصلت حصيلتهم إلى 16 مقاتلًا.

وعقب ذلك، تدخلت شخصيات من السويداء ودرعا لاحتواء التوتر بين الطرفين، في حين أشار مراسل عنب بلدي في درعا إلى تدخل روسيا التي أرسلت وفدًا من “مركز المصالحة” إلى بصرى الشام، وتمكنت من حل الإشكال الحاصل.

ليس القتال فقط ما يجمع العودة بأهالي السويداء، إذ إن الرجل لعب، مطلع أيار الحالي، دورًا مهمًا في تأمين عودة أهالي قرية خربا التابعة للسويداء، وهم من الديانة المسيحية، إلى قريتهم، بعد تهجيرهم منها منذ عام 2014.

وكانت تسكن المدينة عشائر بدو يتبعون سابقًا للعودة، واستطاع التأثير عليهم وإخراجهم منها.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا