إجراءات لتخفيف وطأة مراسيم منع التعامل بغير الليرة السورية

  • 2020/03/22
  • 12:47 م

عنب بلدي – ميس شتيان

موجة سخط وخوف تسبب بها المرسومان “3” و”4″ الصادران عن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 18 من كانون الثاني الماضي، لتشديد العقوبات على المتعاملين بغير الليرة السورية، بينما نشطت دوريات الأمن الجنائي واعتقلت عددًا كبيرًا من الأشخاص بتهمة التعامل بالعملات الأجنبية.

لكن حكومة النظام لجأت إلى مجموعة إجراءات لاحقًا لتخفيف وطأة المراسيم، وخاصة بالنسبة للتجار الذين اعتبروها معرقلة ومهددة في بعض الأحيان لنشاطهم التجاري والصناعي، إذ رصدت عنب بلدي في تقرير تبع إصدار المراسيم، مطالب من كبار الصناعيين والتجار، لتسهيل حصولهم على القطع الأجنبي لتمويل مستورداتهم.

من دون وثائق.. المركزي يشتري الدولار بسعر تفضيلي

بعد يومين على صدور المرسومين، وتخوف المواطنين من عقوبة التعامل في السوق السوداء، حيث يباع الدولار بمبلغ يفوق ألف ليرة سورية، أعلن مصرف سوريا المركزي استعداده لشراء الدولار من المواطنين بسعر تفضيلي قدره 700 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، بينما يبلغ السعر الرسمي للدولار في المركزي 437 ليرة سورية.

وقال بيان صادر عن المصرف عبر “فيس بوك“، في 20 من كانون الثاني الماضي، إن أبوابه مفتوحة لشراء القطع الأجنبي من المواطنين بسعر تفضيلي دون وثائق، وذلك “حرصًا على أموال المواطنين وطمأنتهم وضمان عدم تعرضهم للمساءلة القانونية والملاحقة القضائية أو لمحاولات ابتزازهم من قبل المتلاعبين في السوق السوداء”.

تخفيض مؤونة الاستيراد

أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بداية شباط الحالي، قرارًا تحت بند “تسهيل عملية الاستيراد ودعم التجار”، يقضي بإعفاء عشر مواد مستوردة، من مؤونة الاستيراد البالغة 25% من قيمة مشروع إجازة الاستيراد.

تضم المواد: السكر والأرز والشاي والمتة ومعلبات التونة والسردين والزيوت والسمون وحليب الأطفال الرضع والأدوية وموادها الأولية.

وفي السابق، كان المستورد ملزمًا بأن تكون لديه إيداعات في المصارف المعتمدة، بنسبة 40% من قيمة مشروع إجازة الاستيراد، مقسمة على 25% كوديعة من قيمة الإجازة، و15% مؤونة بالليرة السورية ومن دون فوائد، بموجب القرار “رقم 944” الصادر في 21 من تشرين الثاني 2019.

توسيع قائمة المواد الممولة من قبل المصرف المركزي

أعلن مصرف سوريا المركزي في شباط الماضي، توسيع قائمة السلع المستوردة الممولة من قبله على أساس سعر الصرف الرسمي (437 ليرة سورية للدولار الواحد)، وأعلن عن قائمة مواد ليصار تمويلها على أساس السعر التفضيلي 700 ليرة للدولار الواحد.

شملت المواد الممولة بسعر الصرف الرسمي، المواد المستوردة لمصلحة “المؤسسة السورية للتجارة”، بينما ضمت قائمة المواد الممولة على أساس سعر تفضيلي مستوردات السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج الصناعي والزراعي.

وتضمنت المواد المحدد تمويل استيرادها وفق سعر الصرف التفضيلي إجازات وموافقات الاستيراد للمستوردين على عقودهم الموقعة مع جهات القطاع العام لتوريد مواد لمصلحة هذه الجهات (باستثناء الممولة بسعر الصرف الرسمي 437).

المركزي يحاول علاج مشاكل سحب الدولار

حدد مصرف سوريا المركزي مبلغ خمسة آلاف دولار أمريكي، يحق للمواطن السوري الحصول عليها من حسابه المصرفي يوميًا، في حال كان مصدر القطع الأجنبي إيداعًا نقديًا، وفق تصريح لمسؤولة العلاقات الخارجية في المصرف، لينا يحيى، خلال ندوة خاصة حول المراسيم “3” و”4″، آواخر شباط الماضي.

وأشارت يحيى إلى شكاوى من مواطنين بوجود مصارف خاصة لا تسمح بسحب المودع أكثر من ألفي دولار أسبوعيًا، وقالت في هذا الصدد، إنه “يمكن تقديم شكوى بحق تلك المصارف لدى المصرف المركزي”، بحسب صحيفة “الوطن” المحلية.

أما إذا كان المبلغ الموجود في الحساب المصرفي واصلًا عن طريق حوالة، فالمصرف غير ملزم بتأمين القطع الأجنبي إذا لم يكن متوفرًا لديه، لكنه ملزم بتحويل الطلب إلى أي مصرف آخر يتوفر فيه القطع.

وذكّرت يحيى بالتعميم الصادر في تموز 2018، القاضي بإمكانية إدخال الدولار نقدًا عبر المنافذ الحدودية، بشرط التصريح عن مصدر الأموال، وألا تتجاوز قيمتها 100 ألف دولار، أو ما يعادلها من العملات الأجنبية.

بينما يحق للسوري إخراج مبلغ عشرة آلاف دولار نقدًا كحد أعلى، عبر المنافذ الحدودية، بحسب قولها.

وأكدت يحيى أنه لا حدود لمبالغ القطع الأجنبي المراد إدخالها إلى سوريا في حال جاءت عن طريق حوالة مصرفية.

هل يفيد دعم التجار في تخفيف تبعات منع التعامل

الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية محمد العبد الله، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن النظام يحاول جاهدًا التخفيف من التداعيات السلبية لمراسيم منع التعامل بغير الليرة السورية على التجار من خلال مجموعة من الإجراءات، مثل زيادة قائمة المستوردات الممولة من المصرف المركزي، وتخفيض مؤونة الاستيراد، علها تسهم في استيراد المواد الأساسية وتوفرها داخل الأسواق السورية، في ظل النقص الواضح لهذه المواد وارتفاع أسعارها.

وأشار إلى أن عملية دعم التجار جاءت بعد ظهور بوادر لدى حكومة النظام للتخلي التدريجي عن دعم المواد الأساسية، وبالتالي محاولة التملص من تحمل عبء التبعات السلبية لعدم توفر المواد الأساسية وارتفاع أسعارها وما سيتبعها من سخط شعبي عارم نتيجة لذلك، إذ يستشعر النظام صعوبة المرحلة المقبلة، وزيادة حدة تأثير العقوبات الاقتصادية عليه، مع ظهور مؤشرات لغياب بعض المواد الأساسية وارتفاع أسعارها.

تجربة الثمانينيات في علاج المعضلة الحالية؟

تزايد حدة الضغوط الاقتصادية والانهيار المتسارع لقيمة الليرة، دفعا النظام لتطبيق ما يمكن أن يساعده على تجاوز هذه المرحلة مع تخبط واضح في المراسيم والقرارات.

ويسعى النظام للاستفادة من تجربته السابقة إبان الحصار الاقتصادي في الثمانينيات، حين منع الرئيس السابق، حافظ الأسد، التعامل بالدولار، “لكن هذه المراسيم لا تنفع في هذا الوقت نظرًا لاختلاف الظروف”، حسب اعتقاد العبد الله.

وأشار الباحث إلى أن الأسواق السورية في فترة الثمانينيات كانت تتمتع باكتفاء ذاتي إلى حد ما، بينما تشهد الأسواق في الوقت الحالي نقصًا كبيرًا في السلع والمواد مع عدم القدرة إلا على تغطية جزء بسيط منها من خلال الإنتاج المحلي، وبالتالي فإن الأسواق في سوريا آيلة إلى مزيد الاضطرابات جراء نقص المواد الأساسية وارتفاع أسعارها بما يفوق القدرة الاستهلاكية للمواطنين.

إعادة الإعمار ستلغي المرسومين “3” و”4″ تدريجيًا

بحسب العبد الله، سيلغي النظام مراسيم منع التعامل بغير الليرة السورية تدريجيًا عند الشروع بمرحلة إعادة الإعمار، كونها لا تتناسب مع عملية إعادة الإعمار بالنسبة للشركات المحلية والأجنبية خاصة في قطاعات التصنيع والإنشاءات، التي تتطلب المرونة في عمليات الاستيراد وبالتالي الحاجة إلى التعامل بالقطع الأجنبي على نطاق أوسع.

وأضاف أن هذه المراسيم ترتبط إلى حد كبير بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام ومنع أي كيان اقتصادي من التعامل معه في إطار عملية إعادة الإعمار، وبالتالي فعند رفع هذه العقوبات والشروع في عملية إعادة الإعمار تنتفي الحاجة لمثل هذه المراسيم.

ما المرسومان “3” و”4″

ينص المرسوم رقم “3” على فرض عقوبة السجن ودفع غرامة مالية للمتعاملين بغير الليرة السورية، وجاء المرسوم تعديلًا للمادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم “54” لعام 2013، الذي كان يعاقب المتعامل بغير الليرة بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات.

وبحسب المرسوم الجديد، فإن كل شخص يتعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات “يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات”.

كما يعاقب بـ”الغرامة المالية بما يعادل مثلي قيمة المدفوعات أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة”، إضافة إلى مصادرة المدفوعات أو المبالغ المتعامل بها أو المعادن الثمينة لمصلحة مصرف سوريا المركزي.

المرسوم رقم “4” يفرض “عقوبة الاعتقال المؤقت، وغرامة من مليون إلى خمسة ملايين ليرة سورية، لكل من أذاع أو نشر أو أعاد نشر وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة أو وهمية بإحدى الوسائل، لإحداث التدني أو عدم الاستقرار في أوراق النقد الوطنية أو أسعار صرفها المحددة بالنشرات الرسمية، ولزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها”.

مقالات متعلقة

  1. مراسيم الأسد لمواجهة "الدولرة".. صارمة لكنها هشة
  2. التهمة جاهزة.. استغلال مرسومي الأسد لتفريغ جيوب المواطنين
  3. في إطار ملاحقة المتعاملين بالدولار.. "الداخلية السورية" تحذر من الفواتير غير المؤرخة
  4. ما أثر إعفاء مواد مستوردة في سوريا من مؤونة الاستيراد

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية