«باب الحارة … الكلمة كلمتها!»

tag icon ع ع ع

سعيد أبو معلا – الحياة اللندنية

«آدم طلع من الجنة والسبب مراااه. حرب البسوس اللي استمرت 40 سنة كان سببها مراااه. عنترة انقتل بحب مراااه! وراااا كل رجل عظيم امرأة.. هيك بقولوا!؟ حرمة تحكم الحارة!… إيه يا باطل. ترضوا يا رجال؟ لاااااااا. «باب الحارة».. الكلمة كلمتها».

المقطع السابق هو النص الحرفي للإعلان الترويجي الخاص بمسلسل «باب الحارة» في جزئه الثامن، والذي يبث يومياً أكثر من 30 مرة على قناة «أم بي سي» وغيرها من القنوات العربية، فيما كتبت علامات الترقيم بناء على ما يوحي به صوت قارئ النص لكون ذلك يعمل على تتميم المعنى وفهم الدلالة.

بداية نؤكد على أنه كتب كثيراً وكثيراً جداً عن علاقة مسلسل «باب الحارة» بتكريس صورة المرأة النمطية عبر تقديم نماذج معينة من النساء في ظل بيئة ذكورية طاغية ولاغية لغيرها من الأدوار… المسلسل وبهدف تقديم الجديد والمثير بالنسبة إلى المشاهد حاول مخالفة تلك الصورة ولو جزئياً عبر أن يصبح مصدر الدراما المفجرة للأحداث: التحول في من يحكم الحارة من رجل إلى امرأة.

وبعيداً من المسلسل وسياقه الدرامي يحق لنا أن نتعامل مع الإعلان على أنه وحدة فنية، فجمهور القناة الأولى عربياً يشاهدون الإعلان مراراً وتكراراً من دون أن يرتبط ذلك بمشاهدتهم لحلقات المسلسل، وبالتالي يحق لنا أن نطرح سؤالاً: إلى ماذا يقود الإعلان الدعائي؟ وما النتيجة التي يكرسها بناء على النص السابق؟

من دون شك فإن الإعلان يكرس صورة سلبية للمرأة العربية، عبر ربطها بمجموعة من الكوارث العاطفية والدينية والسياسية، حتى ذلك المقطع الذي تحول إلى ما يشبه «الكليشيه» لفرط التكرار والاجترار «وراء كل رجل عظيم امرأة» نراه مقروناً بالتعجب والاستنكار والنفي أيضاً فجملة «هيك بقولوا!» تلغي كل دلالة أو تصديق.

أما الجملة التي تليها «حرمة تحكم الحارة.. ترضوا يا رجال؟ يا باطل» فتعمل على حشد المشاهدين خلفها تماماً كما يأتي الصوت جماعياً في الإعلان معلناً رفض حكم المرأة للحارة. أما المقطع الأخير «باب الحارة… الكلمة كلمتها» والذي يحمل الدلالة الإيجابية الوحيدة فيسهل عدم التعامل معه من المشاهدين والمستمعين، الذي شحنوا وتم تحشيدهم ضد المرأة بكم الصور النمطية التي تكتنز في صدورهم.

أياً يكن الأمر، أثبتت الدراسات الإعلامية أن تقديم الأمور السلبية في العمل الفني يقود إلى تكريسها في حال كانت معبرة عما هو سائد في المجتمع، وذلك حتى لو تضمنت نهاية العمل الفني قيمة إيجابية وتحولاً نحو سلوك جديد وذلك في حال تعارضها مع السلوكيات والقيم السائدة في المجتمع.

دراسة صغيرة واحدة ستثبت هذا، والتمحيص الدقيق للإعلان الترويجي يكشف أن قنوات كثيرة تقدم ما يخالف أهدافها والقيم التي نؤمن بها، فهل من مراجعة؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة