إسلام السوق لـ باتريك هايني

tag icon ع ع ع

يلقي كتاب “إسلام السوق” الضوء على التغييرات العميقة التي أصابت المتديّنين ومسيرة التدين خلال العقود الثلاثة الماضية.

ويشير الكاتب باتريك هايني إلى ابتلاع قيم الحداثة والرأسمالية الليبرالية لأنماط التديّن من المتدينين الحديثين الذين تجاوزا، ما أسماه الكاتب، “الإسلاموية”، ونزعوا القداسة عن الالتزام التنظيمي، لصالح التأكيد على قيم النجاح الفردي وعلوم الإدارة “المنجمنت” وقولبة المفاهيم الإسلامية الصلبة في قوالب “عصرية” و”حديثة”.

يناقش الكاتب قصة الأغنية الدينية “النشيد الإسلامي”، ويعتبرها صورة للمصير الذي تنتهي إليه مرجعية بدأت ثورية المنحى وتأخذ اليوم منحى آخر، إذ سيشهد النشيد الإسلامي، بعد أن ظل حكرًا على الجماعات الإسلامية منذ أوائل السبعينيات، انتشارًا واسعًا في جهات العالم الأربع، يقوده مسلمون يقعون خارج إطار التنظيمات الإسلامية في غالب الأحيان، وهم يشتركون جميعًا في “مصالحة الإسلام مع الموسيقى والثقافة”.

ذات الأمر ينطبق على اللباس الإسلامي، فالحجاب الذي ارتبط في بداياته بتجربة الإسلام السياسي تحديدًا، تم نقل إلى “سياق استهلاكي سرعان ما سيدمغه بقيمه ومعاييره الخاصة”، وسيدخل بذلك في صراع مع الأصل الإسلاموي الذي يرفض مبدأ موضة الأزياء في حد ذاته ويتعامل معه باعتباره أسلوبًا مفروضًا وتعبيرًا عن حالة من الاغتراب الثقافي وتبذيرًا ومصدرًا للإغراء. ولكن النمط الجديد تجاوز هذه الشعارات لصالح مرحلة أكثر احترافية، تصبح فيها العلامات التجاربة للحجاب ذات وقع فرنسي أو إنكليزي متماشية مع نمط السوق أكثر.

ومن الحجاب ينطلق المؤلف ليتحدث عن “زمن الدعوة العصرية”، فيناقش ظاهرة الدعاة الجدد الذي يضفون طابعًا رسميًا على التدين الجديد، التدين “المرح والتنافسي”، وهو يؤكد حالة البرجوازية التي داخلت “نمط الحياة الإسلامية”، ويؤكد بشكل خاص على ظاهرة “عمرو خالد” في مصر، و”الأخ جيم” في إندونيسيا، إذ تتكون علاقتهم مع الجمهور عن طريق الوسائط الإعلامية “العلمانية”، وعلى رأسها محطات المنوعات، على خلاف كل الدعاة التقليديين الذي يعتمدون غالبًا القنوات الدعوية التقليدية كالمسجد.

التركيز على العاطفة والتأمل والسعي لتحقيق السعادة الفردية هي القيم التي تسود خطابًا يعمل كعلاج وجداني يتناول مسائل الإيمان بمقاربات هادئة إلى جانب التركيز على تحقيق الأهداف.

“عبادة الطموح” وتثمين النجاح والارتقاء الاجتماعي هي المقومات التي تشكل المكونات الأساسية لوعظ ديني يمر غالبًا عبر الصالونات النخبوية الراقية، حيث كانت الخطوات الأولى لكل من “الأخ جيم” و”عمرو خالد”، إضافة إلى فنادق الخمسة نجوم، حيث ينشطون، وبنفس الطريقة ملتقيات للتحفيز وأمسيات رمضانية ودروسٌ دينية أو مؤتمرات.

يتحدث الكاتب في فصل لاحق عن التدين الجديد الذي تحركه قوى السوق، ليناقش قضية الشركات التجارية الإسلامية الجديدة، إذ “يدفع التطلع إلى جذب زبائن غير مسلمين، المنتجين إلى تخفيف درجة مرئية المكونات الإسلامية الدينية في المنتج وتطوير خطاب أخلاقي أكثر إدماجًا يحل محل الخطاب الديني بمعناه الدقيق”.

يتبنى الكاتب، بحسب الباحثة هبة رؤوف عزت التي قدمت للكتاب، وجهة النظر القائلة بفشل الصحوة الإسلامية وفي القلب منها الحركات الإسلامية، إذ ترى أنها أصيبت بحالة سيولة في المفاهيم الحاكمة، كالجهاد والحجاب على سبيل المثال، وأنها تبنت في النهاية رؤية التنمية البشرية الأمريكية المتمركزة حول القيم البروتستانية من تركيز على النجاح الفردي وسعي للثروة والنجاح الدنيوي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة