إدلب.. أعلاف رديئة ومكلفة تنهك مربي الأبقار
إدلب – أنس الخولي
لم يعد مربي الأبقار عبد القادر العلي يثق بخلطات الأعلاف الجاهزة من المعامل، لاعتقاده بعدم مطابقتها للمواصفات المعلن عنها، بعد تجربتها وعدم تأديتها النتائج المطلوبة، ما جعله يبحث عن حلول بديلة لتغذية أبقاره في مدينة إدلب.
وقال عبد القادر لعنب بلدي، إنه اشترى قبل أشهر خلطة أعلاف خاصة بإدرار الحليب من أحد المعامل بالمنطقة، وكانت جيدة وأدت إلى زيادة إنتاج الحليب اليومي، لكن الدفعة الثانية من الأعلاف بذات المواصفات من نفس المعمل كانت رديئة وأدت إلى إضعاف الإنتاج.
ويعاني مربو المواشي في إدلب قلة جودة الأعلاف في المنطقة وارتفاع أسعارها، ما كبدهم خسائر فادحة وألحق الضرر بمشاريعهم الإنتاجية، وأرغم بعضهم على التخلي عن مهنة تربية الحيوانات والبحث عن مشاريع أخرى.
وارتفع سعر الطن الواحد من العلف إلى 450 دولارًا أمريكيًا (الدولار يعادل 27 ليرة تركية)، وكان قبل شهر بنحو 400 دولار.
أعلاف قليلة الجودة
وذكر عبد القادر أن انخفاض جودة الأعلاف بات يؤرقه ويضعف إنتاجية أبقاره من الحليب، ويهدد مهنته التي ورثها عن والده، إذ يعمل بها منذ الصغر، ويتكون قطيعه من خمس أبقار.
أما حسين زهرة، وهو مربٍّ آخر للأبقار في إدلب، فيرى أن خلطات الأعلاف الجاهزة بحاجة إلى رقابة صارمة من قبل الجهات المعنية، لافتًا إلى أن عديدًا من الخلطات لا تؤدي النتائج المطلوبة، وهي دلالة على عدم مطابقة الخلطات للمواصفات المذكورة حين الشراء، حسب قوله.
ولا يتوقف الأمر عند خلطات إدرار الحليب، إذ جرب حسين سابقًا خلطات أخرى خاصة بتسمين الحيوانات لزيادة إنتاج اللحوم، لكنها أدت إلى انخفاض وزن الحيوانات، ما ألحق بالمربين خسائر كبيرة عند بيعها.
وطالب عدد من مربي الحيوانات، ممن قابلتهم عنب بلدي، الجهات المعنية بتشديد الرقابة على معامل الأعلاف، وفحص مدى مطابقة الخلطات للمواصفات المعلنة، وتقديم مساعدات للمربين حتى لا تتراجع الثروة الحيوانية في المنطقة.
“الإنقاذ”: نراقب ونحلل
رئيس دائرة الصحة الحيوانية في وزارة الزراعة التابعة لحكومة “الإنقاذ” في إدلب، عبد الحي اليوسف، قال لعنب بلدي، إن الدائرة تجري “رقابة صارمة” على معامل وخلطات الأعلاف لحماية المربين منعًا لأي عملية غش.
وبحسب اليوسف، يتم تنظيم جولات دورية على معامل الأعلاف وسحب عينات منها، كما يتم سحب عينات من الأعلاف المستوردة، وتُرسل جميعها إلى مديرية المخابر والجودة لتحليلها.
وعن علمية فحص العينات، أوضح اليوسف أن ذلك يتم بدقة عالية ضمن مخابر مخصصة، ويتم تحليلها عبر أجهزة تحليل حديثة للتأكد من جودتها ومدى مطابقتها للمواصفات القياسية المعمول بها.
حلول غير مُجدية
عدم جودة الأعلاف وارتفاع أسعارها أجبرا المربين على البحث عن حلول بديلة لتأمينها وتغذية مواشيهم، بينما قرر بعضهم التخلي عن تربيتها والبحث عن مصدر آخر للدخل.
يحاول حسين زهرة الاعتماد على خبرته في مجال العناية بالحيوانات لتركيب خلطات الأعلاف بنفسه، دون الاعتماد على الخلطات الجاهزة.
وقال حسين، إن المربين يعتمدون على نوعين رئيسين من الخلطات حسب المشروع الذي ينوون القيام به، إذ يهدف بعضهم لإنتاج الحليب، وآخرون يهدفون لتسمين الحيوانات وإنتاج اللحوم، ولذلك خلطات خاصة.
في البداية، لم يرغب حسين بتحضير الخلطات بنفسه، وحاول الاعتماد على الخلطات الجاهزة، لكن النتائج السيئة أجبرته على ذلك، رغم ما يتطلبه الأمر من جهد مضاعف، وفق ما قاله لعنب بلدي.
من جانبه، قال عبد القادر، إن مشروع تربية الأبقار أصبح من المشاريع الخاسرة والمرهقة، وأُغلقت جميع الأبواب بوجه المربين، فأسعار الأعلاف بارتفاع مستمر.
وتحتاج أبقار عبد القادر الخمس كل يوم إلى 70 كيلوغرامًا من العلف لتغذيتها، وبحساب بسيط يحتاج عبد القادر يوميًا إلى 28 دولارًا أمريكيًا، بالإضافة إلى تكاليف أخرى للعناية بالأبقار من أدوية ولقاحات.
وأوضح عبد القادر أن إنتاج الأبقار من الحليب بالكاد يغطي تكاليف تغذيتها والعناية بها، ما أجبره على البحث عن حلول أخرى لتأمين الأعلاف، منها زراعة بعض النباتات لتغذيتها، لكن عدم توفر الماء الكافي لسقاية المزروعات أفشل مخططاته، وفق قوله.
أما موفق عثمان (41 عامًا)، يقيم في أرياف إدلب، فقد فضّل التخلي عن مشروع تربية الحيوانات، وباع جميع أبقاره بسبب خسائره المتتالية، وبدأ مشروعه الجديد في مجال توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لبيعها لشركة الكهرباء لاحقًا.
ويشهد قطاع تربية الحيوانات والمواشي في عموم المحافظات السورية، وإدلب خصوصًا، شحًا أو انعدامًا في الدعم من قبل الجهات الحكومية المسيطرة، إلا من بعض المنظمات التي لا تغطي سوى جزء بسيط من احتياجات المربين، أو يقتصر دعم بعضها على اللقاحات السنوية فقط.
وتظهر مبادرات إما فردية وإما بدعم من جهات محلية ومنظمات لتأمين أعلاف بديلة، ومنها نبات “الآزولا”، وكذلك المشروع الذي تعمل عليه حكومة “الإنقاذ”، وهو إنتاج أعلاف وأسمدة من يرقات ذبابة “الجندي الأسود” بأسعار رخيصة.
وتعتبر الثروة الحيوانية في محافظة إدلب أحد أهم القطاعات التي توفر فرص عمل للسكان، وخصوصًا النازحين من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، بالإضافة إلى ريف حلب الجنوبي، ويؤثر تراجع المهنة بشكل كبير على مصدر رزقهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :