مظلوم عبدي يتعهد بتلبية مطالب العشائر وإطلاق “عفو عام”
تعهد قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، بتلبية مطالب العشائر العربية شرقي سوريا وإصلاح “الأخطاء” التي قال إنها ارتكبت في إدارة المنطقة سعيًا لنزع فتيل التوترات بعد أيام من القتال شهدته دير الزور.
وقال عبدي لوكالة “رويترز“، إنه التقى بزعماء القبائل، وسيحترم طلبهم بالإفراج عن عشرات المقاتلين المحليين الذين “ثاروا” ضد “قسد”، واعتقلوا بعد العمليات الأمنية التي نفذتها الأخيرة بدير الزور.
وأضاف، “لدينا قرار بإصدار عفو عام عن المتورطين، وأطلقنا بالفعل سراح نصف المعتقلين، وسنطلق سراح الباقين”، بحسب “رويترز”.
ووعد عبدي باستضافة “اجتماع واسع النطاق” مع وجهاء القبائل العربية وممثلين آخرين من دير الزور لمعالجة “المظالم” القائمة منذ فترة طويلة، من التعليم والاقتصاد إلى الأمن.
“رويترز” قالت إن عبدي “أقر على نطاق واسع بوجود عيوب في مدى شمول المجالس المحلية لمختلف القبائل”.
وعن كيفية إصلاح “العيوب”، تعهد عبدي بإعادة هيكلة كل من “المجلس المدني” التابع لـ”الإدارة الذاتية” والذي يحكم المحافظة، إلى جانب “مجلس دير الزور العسكري”، التابع لـ”قسد”، لجعلهما أكثر “تمثيلًا لجميع العشائر والمكونات في دير الزور”.
وأضاف، “نحن منفتحون على كل الانتقادات وسندرسها جميعا وسنتغلب عليها، والنتيجة ستكون عودة (قوات سوريا الديمقراطية) بكل مكوناتها بشكل أقوى”، منوهًا إلى أن “قسد” لن تنسحب من المنطقة.
واتهم عبدي االنظام السوري بالضلوع في إثارة “الاضطرابات”، قائلًا إن “قواته اعتقلت مقاتلين مرتبطين بدمشق انضموا إلى المتمردين القبليين، وإنهم لن يطلق سراحهم من خلال العفو العام”، بحسب “رويترز”.
حديث عبدي للوكالة سبقه بساعات ظهوره على قناة “المشهد” (مقرها دبي) تحدث عن وجود أخطاء في إدارة “قسد” لدير الزور ذات الطبيعة العشائرية، بعد انتفاضة قادها أبناء المنطقة، بينهم عناصر بـ”قسد” ضد الفصيل الكردي المسيطر على شرق الفرات.
وقال أيضًا إنه دعا شيخ قبيلة “العكيدات” ابراهيم الهفل، للجلوس والتفاوض، وحل المشكلات العالقة، لكن الأخير لم يتجاوب مع الدعوى.
ولا تزال العمليات العسكرية نشطة في المناطق الممتدة شرق الفرات من محافظة دير الزور لليوم الـ12 على التوالي بين مسلحين من عشائر المنطقة و”قسد”.
المواجهات المسلحة في دير الزور نشبت على خلفية اعتقال “قسد” قائد “المجلس العسكري”، أحمد الخبيل (الملقب بـ”أبو خولة”)، في 27 من آب الماضي، ما أسفر عن تحالف عشائر من المنطقة مع مقاتلي “المجلس”، وبدأت اشتباكات عسكرية وُصفت بـ”العنيفة” في بعض قرى وبلدات دير الزور خرجت عن سيطرة “قسد” بالكامل، ثم عاودت “قسد” احتواء التوتر فيها.
حديث موازٍ
بينما يحاول قائد “قسد” مظلوم عبدي الاعتراف بـ”أخطاء” ارتكبها فصيله في دير الزور على الصعيد الأمني والخدمي والاقتصادي، يستمر الإعلام المقرب من “قسد” بالترويج للمقاتلين العشائريين على أنهم يتبعون “خلايا إرهابية مدعومة من الخارج”.
وكان عبدي أول من اعترف أن المواجهات التي اندلعت في دير الزور، في 27 من آب الماضي، جاءت على خلفية خلاف داخلي، بعد تجاهل قنوات “قسد” الرسمية للخلاف على مدار عشرة أيام، والترويج له على أنه حملة أمنية تستهدف خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” ومجموعات موالية للنظام السوري في دير الزور.
وقال مظلوم عبدي في 5 من أيلول الحالي، إن “مشكلة داخلية” نشبت وتم حلها، في إشارة إلى الأحداث التي شهدتها دير الزور مؤخرًا.
وجاء في حديث عبدي لقناة “روناهي” المقربة من “قسد”، أن قضية قائد “مجلس دير الزور العسكري” أحمد الخبيل (أبو خولة) “جرى تضخيمها بشكل مبالغ فيه”.
وخلال اللحظات الأولى لاعتقال “أبو خولة”، أعلنت “قسد” عن إطلاق حملة أمنية حملت اسم “تعزيز الأمن”، وشملت مناطق شرق الفرات بالكامل، دون الإشارة إلى علاقة “مجلس دير الزور” فيها.
ومع خروج قضية اعتقال قائد “مجلس دير الزور العسكري” عن السيطرة، وتسرب خبر اعتقاله عبر أشقائه، تحولت الأحداث إلى رد فعل عنيف في دير الزور، ما طوّر رواية “قسد” عن الأحداث إلى أنها حملة تستهدف تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وبينما كانت تنتشر التسجيلات المصورة، وبيانات تضامن العشائر مع بلدة العزبة شمالي دير الزور بسبب حصارها من قبل “قسد”، كانت الأخيرة تتحدث عن أن حملتها الأمنية نفسها تطورت لتشمل “خارجين عن القانون، وتجار مخدرات، وخلايا من تنظيم (الدولة)، وبإشراف من التحالف الدولي”.
وفي مساء 31 من آب الماضي، تطورت الرواية مجددًا، إذ حمّلت “قسد” مسؤولية الأحداث في المنطقة للنظام السوري، بحسب بيان رسمي نشرته عبر موقعها الرسمي.
شقاق قديم
وتصدر بين وقت وآخر تصريحات لمسؤولي الصف الأول في “قسد” والهيئات السياسية والإدارية المنبثقة عنها، يخالفها قسم من التيار نفسه تارة، ويتفقون عليها تارة أخرى.
وفي خلاق سابق نشب بين “قسد” و”مجلس دير الزور العسكري” في تموز الماضي، امتنع بعض القادة الميدانيين لدى “قسد” عن تنفيذ أوامر مظلوم عبدي بعد التوصل لتسوية، وهو ما ظهر بتسجيل صوتي لقائد “المجلس”، أحمد الخبيل.
وبحسب التسجيلات الصوتية التي خرجت من الغرف المغلقة لـ”مجلس دير الزور العسكري” على لسان أحمد الخبيل، ذكر الأخير أنه توصل لاتفاق مع “قسد”، في وقت كانت لا تزال فيه الاشتباكات قائمة.
وفي حديث سابق لعنب بلدي قال الكاتب والباحث في الشأن الكردي هوشنك أوسي، إن عبدي يشكّل واجهة لـ”قسد”، أي أنه غير قادر على التأثير بانتشار حزب “العمال الكردستاني” داخل التشكيل العسكري، وفي الوقت نفسه، لا قدرة للحزب على إزاحة عبدي عن رأس “قسد” لأنه محمي أمريكيًا، وله شبكة علاقات وصلت ربما إلى دول الخليج.
هوشنك أوسي قال إن حالة التنافس الموجودة بين التيارين في “قسد” يضبطها الدعم الأمريكي لتيار مظلوم عبدي، الذي لا يشكّل نفوذه أي ثقل في المنطقة، ويعتبر “العمال الكردستاني” أكثر نفوذًا منه داخل “قسد”، وهو ما يعكس تضارب الأوامر، أو تضارب التصريحات، أو حتى تضارب السلوك، بحسب أوسي.
اقرأ أيضًا: تياران داخل “قسد”.. أمريكا والمكتسبات يمنعان الصدام
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :