البرميل بثلاثة آلاف ليرة
صهاريج مكلفة وغير صحية بديل الجفاف في درعا
عنب بلدي – حليم محمد
مع حلول فصل الصيف، وارتفاع درجات الحرارة، شهدت محافظة درعا جنوبي سوريا انحسارًا في مياه الشرب، جراء جفاف الينابيع والبحيرات السطحية، وبعض آبار مياه الشرب في مختلف مناطق المحافظة.
ويعتمد السكان في درعا على ثلاثة مصادر للمياه، أكثرها أمنًا من الناحية الصحية مياه الينابيع التي تخضع لفحص صحي حكومي متواصل، وتعقيم آلي مستمر بمادة الكلور، تحت إشراف موظفين مختصين.
إثر جفاف معظم الينابيع، لجأ السكان للخيارين المتبقيين، وهما إما حفر الآبار الخاصة، وإما تعبئة المياه عن طريق الصهاريج الجوالة.
ينابيع جافة
خلال حزيران الماضي، جفت ينابيع “عيون العبد” في قرية العجمي بريف درعا الغربي للمرة الثانية على التوالي، وجفت مطلع تموز الحالي مجموعة ينابيع “عيون الساخنة” الكبرى والصغرى التي تغطي حاجة ما يقارب 25 ألف نسمة في تجمع تل شهاب وخربة قيس، ولحق الجفاف أيضًا ينابيع “زيزون” غربي درعا، وينابيع “البجة” شمالي مدينة نوى.
كما شهدت بلدة الطيبة في ريف درعا الشرقي جفاف مجموعة من الآبار الحكومية التي كانت تغذي البلدة بمياه الشرب العذبة، بالإضافة إلى جفاف عدد من آبار محطة “القنية” جنوب مدينة الصنمين، بحسب ما صرح به مدير المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي بدرعا، مأمون المصري، في 18 من تموز الحالي.
وأرجع المصري أسباب الجفاف لعدة عوامل، منها تراجع منسوب الموارد المائية لحفر الآبار العشوائية، وضعف الهاطل المطري وعدم تعويض الفاقد من المياه الجوفية.
وأشار إلى خطورة تراجع منسوب مياه عيون “الأشعري” بريف درعا الغربي، التي تغذي مدينة درعا والتجمعات المحيطة بها.
مدير الموارد المائية بدرعا، أحمد محسن، قال بدوره، إن قلة الأمطار أدت إلى تراجع ملحوظ في غزارة ومنسوب الينابيع الجوفية، وانعكس ذلك على مخزون السدود، الذي لم يتجاوز 30% من حدها الأقصى في التخزين خلال السنوات الماضية.
وأضاف محسن أن الاستجرار الكبير من مياه الينابيع الجوفية سواء بقصد تأمين مياه الشرب أو الزراعة أثر على مخزون المياه، بالإضافة إلى حفر الآبار العشوائية والتي تستجر معظمها كميات كبيرة من المياه لاستخدامها منظومة الطاقة البديلة، أو عبر تركيب محولات معفاة من التقنين.
آبار مشتركة.. صهاريج غير نظيفة
في ظل جفاف معظم الينابيع، لجأ بعض السكان لحفر الآبار في محيط المنازل سواء بشكل فردي أو تشاركي بين عدد من سكان الأحياء.
حسين (25 عامًا)، من سكان بلدة تل شهاب بريف درعا الغربي، قال لعنب بلدي، إنه بعد تراجع منسوب عيون “الساخنة” في العام الماضي حفر بئرًا في محيط منزله، وأشرك فيها المنازل المحيطة ضمن الحي، مضيفًا أنه حاليًا بصدد تركيب ألواح طاقة شمسية لضمان تشغيلها خلال ساعات النهار، نتيجة التقنين الطويل للتيار الكهربائي في المنطقة.
وأشار الشاب إلى أن مياه البئر كلسية غير صالحة للشرب، لذا يعتمد عليها السكان في الاستخدامات المنزلية، كالشطف والغسل والجلي وسقاية المواشي، وبالمقابل يشترون مياهًا للشرب من الصهاريج الجوالة.
ولا تخضع مياه الصهاريج لعمليات تعقيم منظم على غرار الينابيع والآبار الحكومية المزودة بجهاز تعقيم آلي مرتبط بعمل المضخة، ما قد يؤدي إلى أخطار صحية تهدد حياة السكان وتساعد على انتشار الأمراض.
أسد الزعبي من سكان بلدة الطيبة، قال لعنب بلدي، إن تعبئة المياه من الآبار الخاصة تحمل خطورة قد تهدد حياة السكان، لأن معظم مياه الآبار في بلدة الطيبة شرقي درعا هي كبريتية، ويضاف إلى ذلك عدم الفصل بين الصهاريج التي تعمل للزراعة وأخرى تبيع مياه الشرب، وكذلك لا تخضع مياه الصهاريج للتعقيم بمادة الكلور.
ثلاثة آلاف ليرة سعر البرميل
يختلف سعر برميل مياه الشرب في درعا من بائع لآخر، ويتحكم سعر المازوت في تحديد السعر، إذ وصل سعر ليتر المازوت إلى تسعة آلاف ليرة سورية، كما يتحكم بُعد المنزل عن مصدر المياه بالسعر، إذ يرتفع كلما كانت المسافة المقطوعة أبعد.
يشتري محمد خير (20 عامًا)، من سكان بلدة تل شهاب، خمسة براميل من مياه الشرب كل ثلاثة أيام، يصل سعر البرميل الواحد منها بسعة 200 ليتر إلى نحو 3500 ليرة سورية، بعد انقطاع مياه الشرب في البلدة منذ مطلع الشهر الحالي.
آلاء (33 عامًا) من سكان مدينة بصرى بريف درعا الشرقي، قالت لعنب بلدي، إن استهلاك مياه الشرب يختلف باختلاف عدد أفراد الأسرة، وقدّرت استهلاك عائلتها بصهريج سعته 25 برميلًا كل عشرة أيام بسعر 80 ألف ليرة سورية.
من جهته، قال محمد (30 عامًا) لعنب بلدي، وهو بائع مياه للشرب على صهريج جوال، إنه يبيع البرميل الواحد سعة 200 ليتر بنحو ثلاثة آلاف ليرة سورية، ويملأ خزانه من مياه الآبار الخاصة.
يتسع صهريج محمد لنحو 30 برميلًا، مشيرًا إلى أنه يبيع خلال هذه الفترة ما يقارب ثلاثة صهاريج في اليوم.
وتشير الدراسات إلى أن سوريا مقبلة على أوضاع سيئة في قطاع المياه، جراء الجفاف والحرب، ويتحدث موقع “Fanack“ المتخصص بدراسة الوضع المائي في منطقة الشرق الأوسط عن توقعات بأن يتم استنزاف خمسة أحواض مائية في سوريا، هي بردى والأعوج، والعاصي، والسهوب، ودجلة والخابور، واليرموك.
وذكر الموقع، في 2019، أن الإحصاءات تشير إلى أن متوسط نقص المياه يبلغ 1.727 مليون متر مكعب سنويًا، وسيصل إلى 6.2 مليار متر مكعب في عام 2050 بسبب الاستهلاك المتزايد وسوء إدارة الموارد غير المتجددة إلى جانب النمو السكاني والاقتصادي.
وسيؤدي انخفاض الهطول المطري وتذبذبه إلى تفاقم هذا الوضع، وانخفاض مستويات المياه الجوفية، وجفاف بعض الينابيع، وانخفاض تصريف بعض الأنهار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :