الليتر بثلث الراتب.. أهالي اللاذقية يقتصدون في زيت الزيتون
اللاذقية – ليندا علي
دفع حسين (39 عامًا) نحو ثلث راتبه الحكومي ليتمكن من شراء ليتر زيت زيتون بسعر 41 ألف ليرة سورية، وهو لا يكفي عائلته المقيمة في ريف جبلة أكثر من 20 يومًا بالأحوال العادية.
مؤونة الزيت صارت من الماضي، كما قال الشاب، مضيفًا أنه أنتج من أرضه هذا العام نحو ثلاثة “بيدونات” زيت، سعة كل واحد 20 ليترًا، كان لأمه وشقيقته ثلث الكمية، وما تبقى استخدمه مع عائلته المؤلفة من زوجة وثلاثة أطفال.
وارتفع سعر “بيدون” زيت الزيتون مؤخرًا بشكل كبير، وتجاوز بعض الأحيان 750 ألف ليرة، بحسب نوعيته وقانون العرض والطلب، في معظم مناطق سيطرة النظام، وخاصة باللاذقية التي تعد زراعة الزيتون الأولى فيها بحوالي مليون شجرة، تمتد على مساحة 45 ألف هكتار.
وأشار حسين إلى أنه كان يشتري سابقًا مؤونة الزيت بالكامل عند الموسم من المعاصر أو الجيران، لكنه لم يستطع تأمين ثمنها هذا العام.
ومع ارتفاع سعر “بيدون” زيت الزيتون مؤخرًا، صار الشاب يشتري بالليتر، ويوصي زوجته بـ”التقنين”، مضيفًا، “عشوي رح تصير عروسة الزيت والزعتر حلم”.
تحايل للتوفير
تلجأ عفاف (42 عامًا)، من أهالي مدينة اللاذقية، إلى “التحايل” قليلًا، حيث تشتري ليتر زيت الزيتون بسعر 41 ألف ليرة، وليتر زيت دوار الشمس بسعر 18 ألف ليرة، وتخلط النوعين، وتوفر بذلك ثمن نحو نصف ليتر زيت زيتون.
وكشفت عفاف عن مخاوفها من عدم استطاعتها شراء زيت الزيتون بحال استمر بالارتفاع، وقالت إنها قررت عدم شراء الزعتر لـ”تقنين” استهلاك الزيت، خصوصًا أن فصل الصيف بدأ، وكل طعامه تقريبًا يطهى بزيت الزيتون، مثل الفاصولياء واللوبياء وغيرهما.
تاجر عراقي
ارتفاع سعر الزيت لم يكن مفاجئًا، وفق علي (34 عامًا)، وهو من إحدى قرى ريف جبلة، وقال إنه قبل نحو شهر، بدأ بعض الأهالي بشراء زيت الزيتون بكميات كبيرة، وحين سأل عن السبب، أخبروه بأن تاجرًا عراقيًا يريد شراء كمية كبيرة منه لتصديرها إلى العراق.
وأضاف الشاب أن وسطاء التاجر دفعوا 400 ألف ليرة سورية مقابل “البيدون” الواحد، الذي كان يباع قبل أسابيع بنحو 250 ألف ليرة بالحد الأعلى، لافتًا إلى أنه باعهم خمسة “بيدونات”، معربًا عن ندمه الكبير، كونه خسر الكثير.
ويتوقع عدد من أهالي اللاذقية، ممن قابلتهم عنب بلدي، أن يستمر ارتفاع سعر زيت الزيتون، وأن يصل سعر “البيدون” الواحد إلى نحو مليون ليرة سورية، لعدة عوامل مجتمعة، هي السماح بالتصدير والاحتكار، إضافة إلى توقعات قلة الإنتاج هذا الموسم.
رئيس اتحاد الفلاحين في اللاذقية، أديب محفوض، قال لجريدة “الوطن” المحلية، في 21 من حزيران الماضي، إن عددًا كبيرًا من التجار اشتروا مادة زيت الزيتون الموسم الماضي بسعر يتراوح بين 250 ألفًا و300 ألف ليرة لـ”البيدون” الواحد، وخزنوها ليستفيدوا منها بمثل هذه الظروف من زيادة الطلب على المادة، ما جعل السعر يرتفع.
تصدير سلعة استراتيجية
في تشرين الأول 2022، سمحت حكومة النظام بتصدير زيت الزيتون، وأعلنت موافقتها على تصدير 45 ألف طن زيت من حجم الإنتاج الذي بلغ حوالي 200 ألف طن، وأثار القرار جدلًا واسعًا وانتقادات عديدة.
واعتبر وزير الزراعة في حكومة النظام، محمد حسان قطنا، أن قرار السماح بتصدير مادة زيت الزيتون جاء بسبب انخفاض القدرة الشرائية للمواطن الذي صار يشتري كميات قليلة، وهي كميات فائضة في الأسواق.
ونقلت جريدة “الوطن” المحلية عن قطنا قوله، إن القرار يسمح بتصدير 45 ألف طن من زيت الزيتون سواء من الإنتاج المخزن أو من الموسم الجديد.
مصدر في اتحاد الفلاحين باللاذقية، فضّل عدم ذكر اسمه، قال لعنب بلدي، إن الحكومة كان يجب أن تخزن الزيت وتطرحه عبر صالات تابعة لمؤسساتها، وتبيعه بسعر التكلفة، عوضًا عن السماح بتصديره، الذي أدى إلى ارتفاع سعره بشكل كبير.
وعزا رئيس اتحاد الفلاحين في اللاذقية ارتفاع سعر زيت الزيتون إلى التصدير والاحتكار، ومعرفة الجميع بأن الموسم المقبل لن يكون جيدًا من ناحية الإنتاج.
احتلّت سوريا المرتبة الرابعة عالميًا بين الدول المنتجة لزيت الزيتون من عام 2004 وحتى 2008، ليتراجع ترتيبها إلى المرتبة السابعة خلال عام 2018، ويتذرع المسؤولون الحكوميون بالعقوبات والحرب، بينما أحد الأسباب الرئيسة صعوبة تأمين الفلاحين مستلزمات الزراعة، وقلة الدعم.
وبحسب موقع “Salary explorer” المختص بأرقام سلم الرواتب والأجور حول العالم، بلغ متوسط الراتب الشهري في سوريا خلال 2022 نحو 146 ألف ليرة سورية، موضحًا أن 50% من الموظفين بلغ معدل رواتبهم 146 ألف ليرة أو أقل، بينما يكسب النصف الآخر أكثر من ذلك.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :