حُمّى البحر الأبيض المتوسط.. مرض لا يمكن شفاؤه

حُمّى البحر الأبيض المتوسط
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

تعتبر حمى البحر الأبيض المتوسط، أو ما تسمى بالتهاب الأغشية المصلية الدوري، من أكثر أنواع الحمى شهرة، وقد سميت بهذا الاسم لأنها مرض وراثي شائع في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وعند الأعراق من العرب والأتراك والإيطاليين والأرمن، فنسبة حدوثها بين هذه الشعوب هي 1-3 بالألف، بينما تندر مشاهدتها في الأجزاء الأخرى من العالم. 

يورث المرض بصورة متنحية، أي أنه لكي يصبح الشخص مصابًا لابد من وجود نسختين من المورثة الحاملة للمرض، إحداهما من الأب والأخرى من الأم، أما إن وجدت مورثة واحدة فقط حاملة للمرض لدى الشخص فإنه يصبح حاملًا للمرض لكنه غير مصاب به، وهذا يعني أنه لابد أن يكون كلا الأبوين مصابان أو يحملان المرض حتى يكون ابنهم مصابًا به.

ما أعراض وعلامات المرض

يمكن أن نشاهد أعراضه في الأسابيع الأولى بعد الولادة، إلا أن 50% من المرضى تظهر عندهم الأعراض في السنوات العشر الأولى من العمر، وفي حوالي 80% من الحالات تظهر قبل سن العشرين، وفقط في 5% تكون بداية الأعراض بعد سن الثلاثين.

وتشمل الأعراض:

  • نوبات متكررة من ارتفاع درجة الحرارة.
  • آلام في البطن (عند 95% من المرضى).
  • آلام في الصدر وعادة ما تكون في جهة واحدة من الصدر.
  • آلام مفصلية وعادة ما تكون في مفاصل الركبة والكاحل والرسغ.
  • طفح جلدي وخاصة على الساقين أسفل الركبة.
  • آلام حادة على مستوى الرأس والشعور بالقلق مع ضيق في التنفس.
  • عدم القدرة على الأكل أو بلع أي شيء خاصة أول يوم من الهجمة.
  • عدم القدرة على فرد الظهر والانحناء طوال فترة الهجمة.
  • تغيير في طعم الفم مع تغيير لون البول إلى اللون الداكن أيضًا.
  • عند الذكور التهاب وتورم وآلام في الصفن والخصيتين.

ولا يشترط أن تكون الأعراض كلها موجودة، فقد يكون هناك فقط آلام شديدة في البطن تؤثر على نشاط المريض اليومي المعتاد وتمنعه من ممارسة نشاطه اليومي مما يجعله يأوي إلى الفراش.

كيف يتم التشخيص؟

يعتمد التشخيص على القصة السريرية مع التاريخ المرضي العائلي لنفس المرض، وتشمل القصة الشكوى على الأقل من أربع مرات من أزمات ألم في البطن أو في الصدر أو الاثنين معًا، ولفترات تستمر كل منها لمدة 24-72 ساعة، مترافقة بارتفاع الحرارة، مع غياب أي عامل مسبب لتلك الأعراض يمكن أن يفسرها.

إضافة لعدم وجود أي أعراض في الفترة ما بين انتهاء الأزمة وقدوم الأخرى، والاستجابة للعلاج المستمر بالكولشيسين Colchicine حيث إنه إذا كان الكولستشين يخلص المريض من الأزمات أو يقلل من عددها، في هذه الحالة يكون التشخيص أكيدًا بأنه حمى البحر الأبيض المتوسط.

أما التاريخ المرضي العائلي فيشمل وجود أقارب مصابين بنفس المرض، أو بفشل كلوي، أو داء نشواني Amyloidosis.

ولا توجد فحوص مخبرية نوعية للتشخيص ولكن يشاهد عادة: ارتفاع الفيبرينوجين في البلازما، ارتفاع كريات الدم البيضاء، ارتفاع سرعة التثفل ESR، ارتفاع Amyloid، ارتفاع CRP.

هل من علاج لهذا المرض؟

لا يوجد علاج شاف لحمى البحر الأبيض المتوسط، والأدوية التي توصف فعالة فقط في تخفيف الأعراض والعلامات وتأخير حدوث الاختلاطات.

لعلاج الهجمات الحادة من المرض تستخدم مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية مثل الإيبوبروفين والديكلوفيناك.

أما للعلاج الوقائي لمنع حدوث أزمات حادة فإن الدواء الأكثر استخدامًا والأكثر فعالية في هذا المجال هو الكولشيسين Colchicine، فللكولشيسين فعالية في منع تكرار أزمات المرض وفي جعلها أقل حدة وكذلك منع حدوث داء نشواني، أما فعاليته في المراحل الحادة للهجمة فهي فعالية مشكوك فيها.

الجرعة اليومية للكولشيسين 1-2 ملغ يوميًا، موزعة على جرعتين أو ثلاث، مدى الحياة، ومن الجدير بالذكر أن زيادة كمية الجرعة لا يؤدي إلى استجابة أحسن، وعادة ما تكون الأعراض الجانبية للكولشسين خفيفة ومحمولة، ونادرًا ما تضطر المريض للتوقف عن المعالجة بسببها، وهي تشتمل على الضعف العضلي وحس الخدر والنمل في اليدين والقدمين خاصة عند كبار السن أو المرضى الذين لديهم أمراض كبدية أو كلوية.

ومن المهم عند استخدام الكولشيسين الانتباه للأمور التالية:

  • ضرورة الانتظام بالدواء لأن السبب الرئيسي لحدوث النوبات هو نسيان أو ترك العلاج.
  • الإكثار من السوائل كالماء والعصائر والابتعاد عن المشروبات الغازية.
  • عند حدوث إسهالات أو إقياء مستمر يجب مراجعة الطبيب فورًا، لأن الجفاف يزيد من سمية الكولشيسين.
  • هناك تداخل بين الكولشيسين وبعض الأطعمة والأدوية، فمثلًا ينصح المريض بعدم شرب عصير الكريفون، وبعدم تناول المضادات الحيوية من نوع ماكرولايد، وكذلك أدوية الشحوم ومضادات الفطور، فكلها تزيد من سمية الدواء.
  • إجراء التحاليل الدموية وفحص عينة بول مرتين في السنة للمتابعة وللبحث عن وجود البروتين وخلايا الدم الحمراء في البول.
  • والمرضى الذين لا يستجيبون للكولشيسين يمكن إعطاؤهم إنترفيرون ألفا، وبالرغم من ذلك فإنهم يستمرون بتناول 2 ملغ يوميًا من الكولشيسين لمحاولة منع حدوث الداء النشواني.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة