اللاجئون السوريون محور خطابات دول الجوار في “بروكسل”
انعقدت اليوم، الخميس 15 من حزيران، الجلسة الافتتاحية للنسخة السابعة من مؤتمر “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وتخلل الجلسة كلمات لممثلي دول جوار سوريا، وكانت مسألة وجود اللاجئين السوريين على أراضي تلك الدول قاسمًا مشتركًا في الكلمات التي ألقوها.
الأردن.. السوريون بزيادة والدعم ينخفض
قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، خلال كلمة ألقاها، إن الأردن يقدم للسوريين كل الخدمات الأساسية التي يقدمها للأردنيين، موضحًا أن هناك 150 ألف طالب سوري في المدارس الأردنية، و200 مدرسة في الأردن تعمل بدوامين.
وبيّن الوزير الأردني أن اللاجئين السوريين في الأردن لم يعودوا إلى سوريا، بل عددهم يتزايد، بالإشارة إلى أكثر من 200 ألف طفل سوري ولدوا في الأردن، منذ بداية “الأزمة”، على حد قوله، مقابل عودة أقل من 5000 سوري إلى سوريا.
الصفدي لفت إلى أن الدعم الدولي للاجئين يأخذ بالانخفاض، إذ وصل في العام الحالي إلى 6%، بعدما كان في 2016، يصل إلى 70%.
“لا نريد أن نواجه وضعًا يكون علينا أن نختار بين إعطاء المقعد الدراسي الأخير لسوري أم لأردني”، أضاف الصفدي، معتبرًا أن الحل النهائي يتمثل بعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم بشكل طوعي، مع ضرورة تسريع الجهود على أساس افتراضات معقولة لحل “الأزمة السورية”.
وريثما يحدث ذلك، دعا إلى مواصلة الدعم للاجئين بالمستوى المناسب، كما طالب بوضع صندوق دولي لدعم العودة الآمنة الطوعية من خلال خلق بيئة آمنة في سوريا.
ردًا على بوريل
وزير الخارجية الأردني رد أيضًا على تصريحات الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي في بداية الجلسة، والتي انتقد فيها إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، مؤكدًا أن هذا الخيار غير مطروح لدى الاتحاد الأوروبي.
قال الصفدي إنه لم يكن هناك أي جهد في السنوات الماضية لحل المسألة في سوريا، والوضع الراهن يعني أن “الأزمة” ستتواصل وتتعمق.
“ما الذي قمنا به في العالم العربي، تحلينا بالقيادة، وبذلنا جهودًا لحل الأزمة (…) نحن دولة جوار (…) بدأنا عملية سياسية وبيان عمّان صدر بعد اجتماع جدة، وقلنا إننا نريد مسار خطوة بخطوة متسق مع القرار 2254 للتقدم نحو حل، سياسة الوضع الراهن غير مجدية”، أضاف الصفدي.
العراق.. الزلزال ومخيم الهول
أوضح وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، في كلمته، أن تسوية الأزمة في سوريا لن تتحقق إلا عبر حلول سياسية تفضي إلى وقف تداعياتها والحد من آثارها السلبية على سوريا والمنطقة والعالم، بما يتماشى مع القرار “2254”.
كما تطرق إلى حاجة متصاعدة في الاحتياجات بعد الزلزال الذي زاد المعاناة الإنسانية.
وفي الوقت نفسه، طالب الوزير العراقي بتخفيف القيود والعقوبات المفروضة لمواجهة التداعيات المدمرة للزلزال، وفق قوله.
وشدد أيضًا على أهمية تسهيل دخول المساعدات عبر الحدود ونقاط العبور إلى المستفيدين ومنها، وإدخال مواد إغاثة لنجدة المتضررين جراء الزلزال (6 من شباط) في جميع أنحاء سوريا.
كما تطرق إلى التهديدات التي يفرضها مخيم “الهول” في الحسكة، الذي يضم آلافًا من جنسيات مختلفة، ونساء وأطفال عائلات عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”، مطالبًا بحل نهائي لقضية المخيم.
وعلى المستوى السياسي، دعا وزير الخارجية العراقي، من وصفهم بـ”كل أطراف الصراع” للجلوس على طاولة الحوار والتفاوض وإظهار العزم والجدية كسبيل لحل الأزمة، وإعادة الاستقرار إلى سوريا، وتهئية السبل لإعمار ما دمرته الصراعات وتوفير ما تحتاجه العودة الكريمة للاجئين.
وذكّر باستضافة إقليم كردستان العراق بنحو 260 ألف سوري، معربًا عن تطلعات العراق للخروج بنتائج توقف المعاناة الإنسانية السورية وتضع حدًا نهائيًا للأزمة.
لبنان.. أربع أنواع للسوريين
قال وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، إن لبنان يستقبل 1.5 مليون لاجئ سوري، ما أثر على اقتصاده الهش والبنية التحتية والنسيج الاجتماعي، وخلق سلسلة تحديات تتجاوز الحدود الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب ما يواجهه لبنان أصلًا من قضايا وصعوبات سياسية واقتصادية تؤدي لتفاقم الوضع.
الوزير اللبناني اعتبر أن اللاجئين السوريين يمثلون عبئًا على البنية التحتية، من الناحية المادية، والاجتماعية، إلى جانب تأثيرات بعيدة على البيئة.
“الاقتصاد تأثر إلى حد كبير وهو متأثر أصلًا، بسبب الجهد المطلوب لدعم اللاجئين”، أضاف بوحبيب، لافتًا إلى أن لبنان تكبد تكاليف سنوية من 2013 قدرها ثلاثة مليارات دولار لاستضافة السوريين، والرقم اقتربة من خمسة مليارات في 2023.
وصنّف وزير الخارجية اللبناني السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية ضمن أربع فئات، الأولى لاجئون هربوا بسبب الوضع السياسي، والثانية سوريون موجودون في لبنان قبل عام 2011، بحثًا عن سبل معيشة أفضل، والثالثة هم سوريون غادروا سوريا بعد 2011، للنجاة، والفئة الرابعة هم سوريون يعبرون الحدود بانتظام من وإلى سوريا، ولا يمكن احتسابهم في عداد اللاجئين والنازحين، وفق تصنيفه.
كما شدد على ضرورة عودة اللاجئين على اعتبار أن “العودة حق وعلى الفرد ممارسة هذا الحق على أساس مستنير وحر”.
“لبنان لا يستطيع تحمل خطر التحول إلى مخيم شاسع للاجئين في منطقة شرقي البحر المتوسط، كنا سباقين لتقديم المعونة وأتا دورنا لنطلب المساعدة لقاء المساعدة التي قدمناها من قبل”.
وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب |
وتعقيبًا على المسار السياسي والدور العربي بهذا الصدد مؤخرًا، أعرب الوزير عن خشيته من تحول القرار “2254” إلى حبر على ورق، قائلًا “يبدو أن قرارات الأمم المتحدة لم يكتب لها أن تنفذ، ومن مسؤولية العرب النظر إلى الوضع في سوريا”.
كما دعا الاتحاد الأوروبي لدعم المبادرات العربية، موضحًا أنه ليس من أهداف المبادرة حرف الاهتمام الدولي عن القضية السورية، بل محاولة التوصل إلى حل من أجل الجميع.
مصر: لا نعتبرهم لاجئين
تطرّق السفير المصري في بلجيكا، بدر عبد العاطي، إلى استضافة مصر لنحو مليون مهاجر سوري، في وضع يشبه وضع اللاجئين.
“يحظون بالاستقبال كما في بيوتهم، مصر لا تعتبر السوريين لاجئين، وتتعامل مع اللاجئين بمساواة بصرف النظر عن مواقفهم”، أضاف عبد العاطي.
كما أشار إلى الاستجابة المصرية عبر المساعدات لمتضرري الزلزال، مجددًا التأكيد على الموقف المصري الرافض للحل العسكري في سوريا، وضرورة التركيز علة الحاجة لحل شامل يقوده السوريون فيما يخص تسوية سياسية تتسق مع قرار مجلس الأمن “2254”.
واعتبر السفير المصري أن كل جهد لحل الأزمة في سوريا، يجب أن يستند إلى تطلعات المجتمع السوري والحفاظ على الدولة القومية وعلى الهوية العربية للمجتمع السوري والقضاء على الإرهاب والحاجة لوضع حد للأزمة الإنسانية سيما بعد الزلزال، مع التأكيد على ضرورة التوصل لحل سياسي مقبول وعودة اللاجئين إلى مدنهم.
تركيا.. دعوة للدول المتقدمة لزيادة إعادة التوطين
قال السفير التركي لدى الاتحاد الأوروبي، فاروق قايماقجي، إن هناك حاج ملحة لتسريع وتيرة العملية السياسية عبر التطرق إلى الأسباب الجذرية للأزمة والتوصل لتسوية على أساس القرار “2254”.
وأضاف أنه لا السوريين ولا المجتمع الدولي يمكن أن ينتظر عقدًا آخر من الزمن قبل التوصل لحل، مشيرًا لوجوب إشراك كل الأطراف المعنية وخاصة المجتمع الدولي.
كما رحب بموافقة النظام السوري على فتح معبري “باب السلامة” و”الراعي” لمرور المساعدات إلى سوريا، بعد الزلزال، مبينًا أن عبورها عبر الحدود هو الحل الوحيد للسوريين حاليًا.
واعتبر السفير التركي أن إحياء العملية السياسية من العوامل التي تدفع أنقرة للتفاعل مع النظام السوري.
إلى جانب ذلك، تطرق لمشروع العودة الطوعية الذي تتجه تركيا لتنفيذه، قائلًا “العبء المالي على كاهلنا ليس سهلًا ولا يمكن تحمله للأبد، ويجب التركيز على ظروف العودة إلى سوريا، فالمشكلات التي غيبت الاستقرار لا تقتصر على توقف العملية السياسية”.
كما دعا قايماقجي المجتمع الدولي إلى تحمل المسؤولية ليس ماليًا فقط، بل عبر إعادة توطين اللاجئين وزيادة الدول المتقدمة أعداد من تستضيفهم من اللاجئين، على اعتبار أن الأعداد الحالية قليلة، وفق السفير.
وطالب أيضًا بمساعدة اللاجئين في تركيا، موضحًا أنها حصلت على 6 مليارات يورو منذ 2016، يتم توزع خمسة مليارات منها على السوريين في تركيا، إلى جانب تخصيص 3 مليارات إضافية منذ 2021، وهو ما اعتبره غير كافٍ، فتركيا على مفترق طرق لتدفق اللاجئين، وبحاجة مزيد من المشاركة المباشرة في إدارة دعم اللاجئين وتبسيط القوانين والحد من تدخل أطراف ثالثة، وفق السفير.
وتعهدت الدول المانحة في ختام المؤتمر بتقديم 9.6 مليار يورو لدعم السوريين في سوريا، ودول الجوار المستضيفة للاجئين السوريين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :