ريف حلب.. حملة تدعم النساء الأشد ضعفًا لمتابعة التعليم
عنب بلدي- عبد الكريم الثلجي
أطلق عدد من الناشطين والإعلاميين في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، حملة بعنوان “لأنها روح”، لمساعدة النساء المطلقات والأرامل وذوات الإعاقة، ممن يدرسن في جامعات الشمال السوري، بهدف الضغط على أصحاب القرار لتقديم الدعم اللازم لهن، وخاصة تخفيض الرسوم الجامعية.
مسؤولة التواصل في الحملة، حسناء العيسى، قالت لعنب بلدي، إن سبب إطلاق “لأنها روح”، كان لازدياد عدد النساء الأرامل والمطلقات وذوات الإعاقة، بعد انطلاق الثورة السورية، نتيجة الحرب الدائرة على مدار عقد من الزمن، وانشغال النساء بتأمين معيشة أطفالهن وازدياد مصاريفهم.
وأضافت أن ذلك تسبب لهن بتراجعهن وابتعادهن عن متابعة التحصيل العلمي، خاصة في التعليم العالي، بالإضافة لـ”وصمة عار” تلاحقهن من بعض أفراد المجتمع لمجرد أنهن مطلقات أو أرامل أو ذوات إعاقة، لذلك كانت هذه المحاولة للضغط أكثر لمراعاة احتياجات هذي الفئات “الهشة والضعيفة”.
مساعدة النساء على إكمال التعليم
وأوضحت العيسى أن الهدف الأساسي من الحملة، هو توعية المجتمع بأهمية تعليم النساء وحصولهن على التعليم العالي، وتخفيض رسوم الجامعات على الفئات المهمشة من النساء (أرامل وليس شرطًا أن تكون أرملة “شهيد”، مطلقات، وذوات إعاقة)، من خلال الضغط على الجهات الفاعلة، لإصدار قرار مستدام، وذلك بتخفيض 25% على الأقل من الأقساط الجامعية لهذه الفئات من النساء.
ونوَهت العيسى إلى أن النساء الأرامل والمطلقات، من الممكن أن يكون لديهن أطفال بحاجة رعاية، ما يمنعهن من متابعة التعليم، وهذا يستوجب إقامة حضانة في الجامعة لتأمين الرعاية للأطفال، بينما يتلقين التعليم في الجامعة، أو على الأقل يتم تأمين سكن مجاني قريب من الجامعة، أو مواصلات مجانية لهن.
بدأت الحملة بعملية الحشد والمناصرة ومحاولة الضغط على أصحاب القرار من خلال عقد عدة اجتماعات مع الفعاليات المدنية لشرح أهداف الحملة، والحصول على وعود منهم بدراسة مشروع قرار يخدم الحملة، وفق العيسى.
وتابعت العيسى، اجتمعنا مع وزير التعليم، اتحاد الطلبة، معاون وزير الادارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة، ومن المخطط أن نجتمع مع المنظمات الداعمة للتعليم العالي، والمنظمات الداعمة للنساء بشكل عام”.
وأضافت أن الحملة ستتضمن لوحات طرقية توعوية للمجتمع ورسم جداريات وتوزيع منشورات (بوسترات)، بالإضافة إلى برنامج مرئي لمناصرة الحملة والتعريف بأهدافها، مشيرة إلى وجود تعاون ملحوظ من الجميع، لكن لم يصدر أي قرار من مجلس التعليم العالي يخص هذه الفئة من النساء.
وعود وزارية وانتظار القبول
بحسب القائمين على الحملة من نشطاء واعلاميين، فقد لاقت الحملة تفاعلاً من المسؤولين على الملف التعليمي، وقبولًا من الفعاليات المدنية.
عبد الله المحمد (36 عامًا)، أحد مناصري الحملة وناشط في مجال المجتمع المدني، قال “لا شك أن النساء الأرامل والمطلقات وذوات الإعاقة، هن من الشرائح الأشد ضعفًا في المجتمع، ومن المهم الوقوف بجانبهن، وخصوصًا في متابعة تحصيلهن العلمي، بهدف دمجهن بالمجتمع، ليكنَ نساء فاعلات، قادرات على الإنتاج والبذل وتحسين الواقع للأفضل”.
وأضاف المحمد أنه تمت إضافة شريحة الناجيات من الاعتقال إلى الشرائح المستهدفة بالحملة، والأمر المشجع أكثر، بحسب رأيه، أن المرأة بدل أن تكون شخصًا ضعيفًا في المجتمع تلاحقها وصمة الاعتقال ووصمة الطلاق وغيره، تصبح شخصًا آخرًا قادرة على العمل.
واعتبر أنه ليس هناك أفضل من متابعة المرأة للتحصيل العلمي في المرحلة الجامعية، وهنا يكمن هدف الحملة، بتسهيل وصولها إلى التعليم من خلال المساهمة بتخفيض رسومها الجامعية.
وزير التربية والتعليم العالي في “الحكومة السورية المؤقتة”، الدكتور جهاد حجازي، أيّد فكرة الحملة، لمساعدة هذه الفئات من النساء بقدر المستطاع، وقال في حديثه لعنب بلدي، إنه استقبل فريق “لأنها روح” في الوزارة، وأبدى تعاونه معها، معربًا عن أمله بتقديم شيء إيجابي يخص هذه الشريحة من النساء.
وأوضح حجازي أن الوزارة مع جميع المبادرات الشبابية التي تحاول تحسين واقع الفئات المهمشة من أيتام ونساء أرامل أو ليس لهن معيل ومعاقين، ويأمل أن يتم البناء على هذه المبادرة، مضيفًا أنه “سيتم إصدار قرار بتخفيض الرسوم ضمن المفاضلات القادمة في الجامعات التابعة لمجلس التعليم العالي”.
ولفت عبد الله المحمد إلى أن اللقاء مع الوزير كان إيجابيًا، إذ أبدى تعاونه وتفاعله مع الحملة وأهدافها من خلال تخصيص مفاضلة خاصة لهذه الفئات، ووعد بالدفع باتجاه انجاز أهداف الحملة، من خلال طرح الفكرة للنقاش في أول اجتماع لمجلس التعليم العالي صاحب القرار في هذا الموضوع، معربًا عن مناصرته للحملة في سبيل استصدار قرار من المجلس بخصوصها.
جامعيات يواجهن التحديات
يواجه طلاب شمال غربي سوريا صعوبات عدة تؤثر على تحصيلهم العلمي واختياراتهم الجامعية وحتى دراستهم، لكن ظروف الطالبات تكون مضاعفة وسط واقع اجتماعي واقتصادي ومعيشي متردٍّ.
وردة حجازي (أم زاهد 45 سنة)، مهجرة من مدينة تل رفعت شمالي حلب الواقعة تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) منذ ست سنوات، وهي أم لسبعة أبناء وجدّة أيضًا، منقطعة عن الدراسة منذ 27 سنة، أصرت على متابعة تحصيلها العلمي رغم الظروف المحيطة بها، والتحديات التي تواجهها.
وروت السيدة لعنب بلدي تجربتها في متابعة التعليم وما يواجهها من صعوبات، وقالت إنها درست الثالث الثانوي ورسبت في العام الأول، ونجحت في العام الثاني، وهي حاليًا في سنة التخرج من كلية التربية بقسم علم النفس في جامعة “النهضة” باعزاز.
وأضافت أن الظروف كانت صعبة جدًا، وخصوصاً نظرة المجتمع المحيط بها، الذي لم يتقبل بداية فكرة إكمال امرأة كبيرة في السن تعليمها في الجامعة، مما عرضها لحالات من الاستهزاء والتنمر، الأمر الذي زاد من إصرارها على متابعة التحصيل العلمي الى الدراسات العليا، ولن يقف العمر عائقاً أمامها وفق السيدة.
وواجهت وردة صعوبة في دراسة المنهاج التعليمي بسبب التقدم في العمر والانقطاع الطويل عن الدراسة، وبنظرها أن الوضع المادي متردٍ جدًا لدى كثير من الطلاب وخاصة النساء المطلقات أو الأرامل، وليس لهن معيل، والرسوم الجامعية مرهقة جدًا، ويضاف إليها أجار مواصلات ومصاريف أخرى.
لدى وردة زميلتين متقاربتين في العمر، واحدة زوجها مفقود منذ عشرة أعوام، والثانية مصابة بمرض السكر المزمن، وتقدما مع وردة بطلب منحة للإعفاء من الرسوم الجامعية، وينتظرن الثلاثة أن يصدر قرار من الجامعة بخصوص ذلك.
وتعاني منطقة شمال غربي سوريا من تردٍ في الأوضاع الاقتصادية، الأمر الذي انعكس سلبًا على جميع مناحي الحياة، ونال طلبة الجامعات نصيب من سوء الأوضاع، وتكثر التكاليف التي يدفعونها لقاء تلقيهم العلم، سواء من الرسوم الجامعية، أو تأمين السكن، والمواصلات، ومتطلبات ومعدات الدراسات العملية، خاصة في الكليات الطبية والهندسية.
ويوجد في شمال غربي سوريا قرابة 19 جامعة ما بين حكومية وخاصة، أبرزها جامعة “حلب الحرة” التابعة لمجلس التعليم العالي في “الحكومة المؤقتة”، وجامعة “إدلب” التابعة لمجلس التعليم العالي في حكومة “الإنقاذ”.
وتتراوح الرسوم الجامعية بين 130 و300 دولار أمريكي، وتصل لـ600 دولار للتعليم الموازي في الكليات الطبية، في حين تعتبر الجامعات الخاصة ذات رسوم مرتفعة، تصل إلى 1000 دولار كما في جامعة “الراعي” شمالي حلب، و1800 دولار في جامعة “الشمال” الخاصة بإدلب.
اقرأ أيضًا: جامعيات إدلب.. الظروف الاقتصادية تتحكّم بالخيارات
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :