خوف وترقب.. سوريون مجنسون حائرون قبل الانتخابات في تركيا

camera iconهوية سوري حاصل على الجنسية التركية (تعبيرية) - 30 آذار 2023 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

قد لا تبدو نسبة 0.2% قادرة على إحداث الفارق في الانتخابات التركية المزمع عقدها في 14 من أيار المقبل، لكن العديد من السوريين المجنسين سيكونون قادرين على الإدلاء بأصواتهم لأول مرة بكل حرية ضمن حقوق المواطنة المكتسبة مع الجنسية الجديدة، خلافًا لما اعتادوا عليه سابقًا في سوريا.

وتأتي هذه النسبة عند معرفة أن عدد السوريين المجنسين البالغين الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة بلغ 126.768 شخصًا، من إجمالي 223.881 سوريًا حصلوا على الجنسية التركية، وفق أحدث تصريحات وزير الداخلية التركية، سليمان صويلو، في 18 من كانون الأول 2022.

بينما يبلغ العدد الكلي للذين يحق لهم التصويت للانتخابات في تركيا، 60.904.499 شخصًا، وفق أرقام المجلس الأعلى للانتخابات التركي، التي نشرت في الجريدة الرسمية في 24 من آذار الحالي.

وبالرغم من ضئالة النسبة، يتعرض السوريون لحملات عنصرية وتشويه للحقائق فيما يتعلق بالانتخابات التركية وغيرها من الأحداث التي تعيشها البلاد، مثل كارثة الزلزال التي ضربت تركيا في 6 من شباط الماضي.

وأدت هذه الحملات بالإضافة إلى توعد الأحزاب التركية بإعادة السوريين حين تقلدها السلطة، إلى تخوف لدى السوريين من المرحلة التي تلي الانتخابات، أرجئ أي مشاريع مستقبلية قد يخططون لها.

ميول لحزب “العدالة”

استطلعت عنب بلدي توجهات عدد من السوريين الحاصلين على الجنسية التركية، والمؤهلين للتصويت في الانتخابات المقبلة، وكان معظمهم ينوون التصويت للرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان، بينما يفكر بعضهم بعدم الإدلاء بأصواتهم، لأسباب تتعلق بعدم نشوء الحس الوطني الدافع لديهم، واعتبار القرار متروك لمن هم أتراك بالأصل.

حسن محمد (30 عامًا)، قال لعنب بلدي، إنه سيصوت لأردوغان في الانتخابات المقبلة، موضحًا أنه اختاره بسبب خلفيته الدينية من جهة، ولإسهاماته في تطور تركيا الاقتصادي والخدمي، ومتوقعًا فوزه بصعوبة، داعمًا ذلك برأيه في زيادة شعبية الحزب الحاكم بعد التعويضات والمساعدات والوعود ببيوت بديلة للمتضررين في الزلزال.

حسن الذي عدّل كنيته بعد حصوله على الجنسية لمحمد أوغلو، تخوف من زيادة التحريض أو التشديد ضد السوريين في تركيا في حال وصول المعارضة إلى الحكم، لكنه يعتقد أنهم لا يستطيعون إعادة السوريين خلال عامين كما يعدون.

وأعلنت “الطاولة السداسية”، أبرز تحالفات المعارضة المنافسة لأردوغان عبر مرشحها كمال كلجيدار أوغلو، في 30 من كانون الثاني الماضي، عن برنامجها الانتخابي والسياسات التي ستتبعها في حال فوزها بالانتخابات.

وبحسب الخطة، تريد المعارضة التركية ضمان عودة السوريين الخاضعين لـ”الحماية المؤقتة” إلى بلدهم في أقرب وقت ممكن، وفقًا للقانون المحلي التركي والدولي.

وتريد المعارضة التعاون مع المؤسسات الدولية و”الإدارة السورية” والسوريين الموجودين في تركيا بجهودها لإعادتهم إلى مناطقهم.

وجاء في الخطة أن المعارضة ستعمل بجهد لبدء حوار مكثف مع جميع الأطراف المعنية التي تمثّل مختلف شرائح الشعب السوري، وحكومة النظام باستثناء الجماعات الإرهابية، لإحلال سلام دائم في إطار قرارات الأمم المتحدة، ودعم جهود الحل السياسي للأمم المتحدة، وخاصة القرار “2254”، لحماية وحدة أراضي سوريا وعودة اللاجئين، بالإضافة إلى دعم مشاركة رجال الأعمال الأتراك في إعادة الإعمار والاستثمار في سوريا.

وبشكل مشابه قال أيمن بحري (32 عامًا)، لعنب بلدي، الحاصل على الجنسية التركية والمقيم في ولاية أنطاكية، إنه سيصوت لمصلحة أردوغان، مبررًا أنه “أفضل الموجودين لمصلحة تركيا”.

وبالرغم من ملاحظته تقصيرًا في جهود الاستجابة لضحايا الزلزال في مدينته، قائلًا “لم نر أي طواقم إنقاذ أو إسعاف حتى اليوم الثالث من الكارثة”، لم يتأثر رأيه بالمرشح الذي سيصوت له، إذ حمّل المسؤولية للبلدية التي يرأسها عضو في حزب “الشعب الجمهوري” المعارض.

وواجهت الحكومة التركية انتقادات واسعة في استجابتها للزلزال، دفعت الرئيس التركي للاعتذار عن تأخر وصول المساعدة لإحدى الولايات التركية قائلًا، “بسبب التأثير المدمر للهزات وسوء الأحوال الجوية، لم نتمكن من العمل بالطريقة التي أردناها في أديمان في الأيام القليلة الأولى، أعتذر عن ذلك”.

ويتفق أيمن مع حسن بأن المعارضة لن ترحل السوريين بشكل جماعي في حال تولّت السلطة، وإنما خطابها يأتي كورقة انتخابية لجذب أصوات الناخبين.

حسن شراباتي (30 عامًا)، قرر عدم الإدلاء بصوته لأي طرف في الانتخابات، قائلًا لعنب بلدي، “إنه شأن تركي بالدرجة الأولى، ولن تؤثر أصوات المجنسين على العملية الانتخابية”، فيما أشار إلى أن أولاده الذين ولدوا هنا سيكون من حقهم التصويت في المستقبل لاحقًا.

طفل حسن ييعتبر واحد ضمن أكثر من 700 ألف طفل لأبوين سوريين داخل الأراضي التركية خلال فترة اللجوء، بحسب تصريحات وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، في تموز 2022.

ويفرض المجلس الأعلى للانتخابات غرامة مالية على من يمتنع عن التصويت خلال الفترة الزمنية المحددة في يوم الانتخابات، على أساس أنه واجب مدني لكل فرد من مواطني الجمهورية التركية، لكنه لم يحدد حتى لحظة كتابة التقرير مقدار الغرامة، في حين كانت قيمتها 22 ليرة تركية خلال استفتاء عام 2017.

انتخابات حزبية داخل حزب "البلد" التركي للترشح للانتخابات الرئاسية - 12 آذار 2023 (الأناضول)

انتخابات حزبية داخل حزب “البلد” التركي للترشح للانتخابات الرئاسية – 12 آذار 2023 (الأناضول)

محاولة لتوحيد القرار

منذ أن أعلن الرئيس التركي، في عام 2016، عن منح الجنسية التركية لأصحاب الكفاءات وحملة الشهادات العلمية والمستثمرين من السوريين الذين يقيمون في تركيا، لم ينشأ أي كيان يمثل هذه الفئة من الناس، بالرغم من تخطي عددهم الـ 220 ألف شخص.

وبسبب قرب موعد الانتخابات ووضوح المرشحين، زادت الضغوط الإعلامية على هذه الفئة بالرغم من التأثير الضئيل الذي قد تحققه في نتيجة الانتخابات، وهو في حال صوّت جميعهم نحو طرف معين دون الآخر، أما في حال تشتت أصواتهم أو اعتراض بعضهم عن التصويت فلن يكون للتأثير أي ملاحظة تذكر.

وفي محاولة لتوحيد وتنسيق أصوات المجنسين السوريين نحو مرشح معين يحقق نجاحه مصلحة للسوريين، طرح رئيس “تجمع المحامين السوريين الأحرار”، المحامي غزوان قرنفل، إنشاء غرفة أو مجموعة مغلقة للمشاورات بين السوريين المجنسين والذين هم فوق سن 18 عامًا.

وتهدف الفكرة، وفق ما قاله قرنفل لعنب بلدي، إلى خلق نوع من التنسيق بعد طرح الآراء بحيث تصب الأصوات باتجاه “الأصلح والذي يخدم قضايا السوريين”.

ولم تلق المبادرة الترحاب، وفق قرنفل، إذ أن العدد الذي وافق على الطرح لم يتجاوز عدد أصابع اليدين، وهو ما جعله يصرف النظر عن الموضوع، وعزا رفض المجتمع للفكرة لتخوف بعض السوريين من طرح آرائهم المخالفة للأغلبية.

وأوضح المحامي السوري أن التصويت لأي طرف هو من الحقوق الدستورية المصانة، لكن تردد المجنسين في المشاركة يعود لـ “ثقافة الخوف” التي عاشها السوريين لعقود، وأن الحقوق المدنية التي اكتسبوها بعد حصولهم على جنسية أخرى لا تزال أمرًا “مستجدًا” عليهم.

وعن الفوائد التي كان بالإمكان حصولها لو نجحت المبادرة، قال قرنفل، عندما يتواجد نحو 120 ألف شخص يحق لهم التصويت باتجاه معين، يمكن لهذا الكيان أن يكسب ود أطراف كثيرة، وأن يكون نواة لتشكيل لوبي قادر على توجيه رسالة لكل الأطراف السياسية وصناعة أوراق ضغط، وهو ما سيجعل هذه الأطراف تحاول كسب هذا اللوبي في المستقبل سواء في الانتخابات البلدية أو البرلمانية أو الرئاسية.

تخوف السوريين

يتخوف بشار قطان (28 عامًا) من وعود المعارضة، ومن الجو المشحون الداعي لترحيل السوريين، وهو صاحب محل لبيع اكسسوارات وصيانة الهواتف المحمولة، مقيم في اسطنبول تحت بند “الحماية المؤقتة”.

وقرر بشار عدم صرف أي أموال إضافية في جلب بضاعة للمحل رغم افتقاره لها، إلى حين صدور نتائج الانتخابات، وذلك لتوفيرها في حال ترحيله إلى سوريا، وفق ما رواه لعنب بلدي.

ويبلغ عدد السوريين المقيمين في تركيا ضمن بند “الحماية المؤقتة”، 3.44 مليون شخص بحسب أحدث بيانات إدارة الهجرة التركية.

وبدأت حالة الخوف هذه لدى السوريين بالظهور بعد منتصف العام الماضي، وذلك بالتوازي مع ملاحظة تغير في سياسة الحزب الحاكم، وتوجهه نحو تسوية العلاقات مع النظام السوري، ومن أحد أهداف هذه الخطوة إعادة اللاجئين السوريين، وفق تصريحات المسؤولين الأتراك.

وتعتمد بعض الحملات الانتخابية لأحزاب سياسية في تركيا على مشروع ترحيل اللاجئين السوريين بشكل أساسي، وهو ما انعكس على حالة الشعور بعدم الاستقرار بالنسبة للاجئين.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية التركية، غادر آلاف السوريين من تركيا، منهم إلى بلدان عربية، وقسم آخر اتجه نحو أوروبا عبر خطوط التهريب والطرق غير الشرعية.

وتتضارب آراء الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات حيال مسألة اللاجئين والعلاقة مع سوريا، إذ يؤيد عدد منها التطبيع مع النظام السوري، وتعتبر قضية إعادة اللاجئين السوريين من أولوياته، مثل حزب “الشعب الجمهوري” (GHP)، وحزب “الجيّد” (IYI Partisi)، وحزب “الوطن” (Vatan Partisi)، وحزب “النصر” (Zafer Partisi).

 

اجتماع رؤساء أحزاب تحالف "الطاولة السداسية" – 2 آذار 2023 (حساب حزب السعادة على تويتر)

اجتماع رؤساء أحزاب تحالف “الطاولة السداسية” – 2 آذار 2023 (حساب حزب السعادة على تويتر)

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة