عشرات الآلاف دخلوا من المعابر مع تركيا بعد الزلزال
عائدون إلى الشمال يبحثون عن خيمة
عنب بلدي – أحمد ديب
“أن نعيش 11 شخصًا في خيمة واحدة أفضل من أن نبقى في الشارع دون مأوى”، لم تكن هناك خيارات أمام اللاجئ السوري فراس وعائلته سوى التوجه من تركيا إلى الشمال السوري بعد حادثة الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية.
اختار الأربعيني فراس خالدو وعائلته المكوّنة من ستة أشخاص التوجه إلى خيمة أخيه في ريف إدلب، بعد أن ضاقت بهم السبل للبقاء في تركيا، عقب نجاتهم من الزلزال الذي أسفر عن وفاة أكثر من 45 ألف شخص في “حصيلة غير نهائية”.
حالة فراس وعائلته واحدة من مئات الحالات في الولايات التركية “المنكوبة”، والتي توجهت إلى الشمال السوري الذي يشهد ترديًا في الواقع المعيشي والاقتصادي، وطالته أضرار الزلزال وهو منطقة “منكوبة” أيضًا.
من اللجوء إلى النزوح
أوضح الشاب اللاجئ في تركيا منذ عشر سنوات تحت قانون “الحماية المؤقتة” لعنب بلدي، أن منزله الواقع في منطقة الإصلاحية بولاية غازي عينتاب جنوبي تركيا، طالته التشققات والتصدعات، ولم يعد آمنًا للبقاء كما أبلغته “إدارة الكوارث والطوارئ” (آفاد).
كان خيار التوجه للشمال صعبًا، لكنه “أهون الأسوأ” وفق الشاب، إذ لا يملك أي أقرباء ومعارف في الولايات التركية الأخرى، بالإضافة إلى التكلفة المالية العالية المترتبة على تنقله واستقراره في ولاية أخرى.
ولجأ الشاب بشكل مؤقت إلى مركز إيواء لمتضرري الزلزال في منطقة الإصلاحية، لكن برودة الطقس، وعدم توفر شبكات صرف صحي في المركز، أدت إلى إصابة أفراد العائلة ببعض الأمراض.
ومع إعلان المعابر الحدودية فتح أبوابها لاستقبال السوريين المتضررين من الولايات المنكوبة، توجه الشاب وعائلته عبر معبر “باب الهوى” الحدودي إلى ريف إدلب ليقاسم أخاه العيش في خيمة تضم حاليًا 11 شخصًا.
من جهته، اللاجئ عدنان الريا (53 عامًا)، اضطر وعائلته المكوّنة من ثمانية أفراد للذهاب إلى مخيم “الكرامة” شمالي سوريا الذي يقيم فيه ابنه، بعد نجاتهم من الزلزال وخروجهم سالمين من تحت أنقاض منزلهم المدمر في أنطاكيا.
“لم أعد أملك أي شيء في تركيا، راح البيت وراح اللي فيه”، قال عدنان، مضيفًا أن خيارات الاستمرار في تركيا مع استمرار الكارثة وتداعياتها باتت مستحيلة، الأمر الذي أجبره على الذهاب إلى الشمال السوري.
أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في عشر ولايات تركية “منكوبة”، بعد يوم على الزلزال المدمر الذي كان مركزه ولاية كهرمان مرعش التركية بشدة 7.7 درجة على مقياس “ريختر”، تبعه زلزال آخر في الولاية ذاتها بشدة 7.6 درجة في ظهيرة اليوم نفسه، واصفًا إياه بـ”إحدى أكبر الكوارث ليس في تاريخ تركيا فحسب، بل في المنطقة والعالم”.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في المناطق المتضررة من الزلزال مليونًا و750 ألف شخص، بينما يبلغ إجمالي عدد اللاجئين السوريين في تركيا حوالي 3.5 مليون لاجئ.
وأعلنت معابر “باب الهوى” و”تل أبيض” وباب السلامة” و”جرابلس” الحدودية مع تركيا، السماح لجميع السوريين المقيمين في منطقة الزلزال من حملة “بطاقة الحماية المؤقتة” (الكملك) بالزيارة المؤقتة إلى سوريا، وفق شروط، على أن تكون أقل مدة لبقائهم شهرًا واحدًا من تاريخ الدخول، من دون أن تتجاوز فترة وجودهم ضمن الأراضي السورية ستة أشهر على الأكثر.
وبلغ عدد السوريين العائدين عبر المعابر الحدودية مع تركيا خلال الإجازة المخصصة لمنكوبي الزلزال في تركيا 42 ألفًا، حتى 1 من آذار الحالي.
الشمال “منكوب” مسبقًا
لم تكن حال مناطق شمال غربي سوريا أفضل من الولايات التركية “المنكوبة”، إذ طالتها أضرار الزلزال الذي حدث في 6 من شباط الماضي، وأسفر عن وفاة 2274 شخصًا وإصابة 12400 شخص، مع وجود عشرات الآلاف من العائلات بحاجة إلى مأوى وطبابة
وترتب على توجه مئات العائلات إلى الشمال السوري احتياجات كبيرة من مأوى وطعام ولباس ومستلزمات.
ووصف فراس الوضع في سوريا بـ”الصعب جدًا” قائلًا، إنه يعيش مع أخيه على المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات.
ورغم محاولات عديدة، لم يتمكن فراس حتى الآن من الحصول على خيمة ليعيش فيها مع عائلته، ويخفف الحمل عن أخيه الذي يعيش معه في نفس الخيمة.
بدوره، وصف عدنان الحياة في سوريا بأنها “معدومة”، وأنه اضطر لشراء بطانيات وبعض المستلزمات بعد أن وصل إلى الشمال السوري، ولم يتمكن من الحصول على خيمة، إذ أصبحت حلمًا بالنسبة للعديد من السوريين الذين دُمرت منازلهم جراء الزلزال.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، بلغ عدد المباني المدمرة جراء الزلزال شمال غربي سوريا عشرة آلاف مبنى.
ويعيش في شمال غربي سوريا أكثر من 4.6 مليون شخص، منهم 2.9 مليون نازح داخليًا، وأكثر من مليونين يعيشون في مخيمات.
وبعد الزلزال أقيمت عشرات المخيمات استجابة للكارثة، أضيفت إلى المخيمات العشوائية المنتشرة بكثافة في الشمال.
وتفاقمت الأزمة في تلك المخيمات، بعدما اختار أصحاب المنازل التي لم تتأثر بالزلزال البقاء في الخيام خوفًا من زلزال جديد، أو هزات ارتدادية يمكن أن تهدم ما بقي من المنازل.
وقدّر “الدفاع المدني السوري” عدد العائلات التي شُردت جراء الزلزال بحوالي 40 ألف عائلة، بينما بلغ عدد الأبنية المدمرة بالكامل نحو 550 بناء، والمتضررة بشكل جزئي أكثر من 1570 بناء، إلى جانب مئات الأبنية المتصدعة.
وفي حين كانت المنظمات الإنسانية في شمال غربي سوريا عاجزة عن الاستجابة لجميع احتياجات المخيمات قبل الزلزال، تتحمل اليوم أعباء مضاعفة بعد الزلزال.
ورصدت عنب بلدي في تقرير سابق احتياجات الأهالي في شمالي سوريا، وهي الخيام، والتدفئة، ودورات المياه في مراكز الإيواء الجديدة، بالإضافة إلى نقص المواد الغذائية وحليب الأطفال.
وارتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية إلى 14.6 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.2 مليون شخص مقارنة بعام 2021، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 15.3 مليون شخص في عام 2023.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :