لنشرهم على حواجز الحدود اللبنانية

“الرابعة” تعزز اقتصاد التهريب بمنتسبين هاربين من “الإلزامية”

camera iconالتهريب عبر الدراجات النارية في محافظة حمص في آب 2022 (عنب بلدي/ عروة المنذر)

tag icon ع ع ع

حمص – عروة المنذر

فتحت “الفرقة الرابعة” أمام الشبان باب الانتساب لقواتها في ريف حمص الشمالي والغربي، مقابل رواتب تراوحت بين 200 ألف و250 ألف ليرة سورية إلى جانب سلة غذائية توزع على العناصر شهريًا.

وتسعى “الفرقة الرابعة” لتعزيز حواجزها الأمنية على الشريط المحاذي للحدود اللبنانية، وفي القرى والبلدات التي تقع على خطوط التهريب.

كما نُقلت إدارة بعض الحواجز من سلطة “الأمن العسكري” و”المخابرات الجوية” لسلطة “الفرقة”، لتسيطر بشكل شبه كامل على طرقات التهريب بالاتجاهين.

الحواجز في المنطقة تعتبر منذ عدة سنوات مصدرًا للرزق بالنسبة للمجندين والمتطوعين في “الفرقة”، في حين باتت اليوم بابًا للهروب من الخدمة الإلزامية بقوات النظام مع فتح باب التجنيد المباشر في صفوفها.

المنتسبون المطلوبون

يشكّل الشبان المطلوبون والمتخلفون عن الخدمة الإلزامية أبرز المنتسبين لـ”الفرقة الرابعة” في حمص، خصوصًا أن الانتساب يجنّبهم شبح الخدمة العسكرية.

كما توفر لهم فرصة الانتساب لـ”الرابعة” النفوذ الأمني، والمكاسب المادية لمواجهة الأزمة المعيشية التي تشهدها مناطق سيطرة النظام منذ عدة سنوات.

وتجني حواجز “الفرقة الرابعة” مبالغ كبيرة بشكل شهري في محافظة حمص، إذ تتحكم بحركة عبور التجار والمدنيين في المحافظة، بحسب مدنيين ممن قابلتهم عنب بلدي من سكان ريف حمص الشمالي.

فارس (32 عامًا) ينحدر من مدينة الحولة، وهو متطوع حديثًا لدى “الفرقة الرابعة”، قال لعنب بلدي، إن باب الانتساب لـ”الفرقة” مفتوح منذ شهر تقريبًا، في حين لا توجد أي شروط للانتساب، باستثناء صورة للهوية المدنية يقدمها المتطوع إلى جانب صورة عن دفتر الخدمة العسكرية.

طريقة الانتساب بهذا الشكل تفرض على المتطوع توقيع “عقد خدمة” لمدة سنة واحدة قابلة للتمديد، ويحصل بعدها على بطاقة صادرة عن مكتب أمن “الفرقة”، ويستطيع بموجبها التجول في جميع أنحاء سوريا.

وأضاف فارس، طلب عدم الكشف عن اسمه الكامل، أن المتطوع يحصل على راتب 250 ألف ليرة وسلة غذائية بداية كل شهر، بالإضافة إلى بعض المبالغ من “غلة الحاجز اليومية”، التي تصل شهريًا إلى 200 ألف لكل عنصر، مصدرها الإتاوات التي يفرضها عناصر الحواجز على العابرين، من المدنيين والتجار والمهربين.

تضييق على المهربين

تشكّل حواجز “الفرقة الرابعة” الهاجس الوحيد أمام المهربين الذين يضطرون لدفع الأموال مقابل مرور بضائعهم بسلام، خصوصًا تلك القادمة بطريقة غير شرعية من لبنان.

فيما يسلك آخرون طرقًا فرعية وترابية تجنبًا للحواجز، في حين تسعى “الفرقة” لإحكام قبضتها على المنافذ الفرعية، لكون المهربين يشكّلون مصدرًا مهمًا للأموال.

عمر (36 عامًا)، ينحدر من مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي، ويعمل على خط التهريب القادم من لبنان إلى محافظة حمص، قال لعنب بلدي، إن حواجز “الفرقة” تزايدت خلال الشهرين الماضيين، إذ نشرت المزيد من الحواجز على الطرقات التي كانت آمنة بالنسبة للمهربين.

عمر أضاف أن تكثيف الحواجز يهدد عمله في التهريب بشكل كبير، فإما دفع مبالغ إضافية للحواجز، وإما مصادرة البضائع.

وتعتبر عمليات التهريب مصدرًا رئيسًا للدخل، خصوصًا بالنسبة لسكان ريف حمص الشمالي، في حين تحولت مدينة تلبيسة، عقب “تسوية 2018″، إلى معرض مفتوح للبضائع المهربة، بحسب ما رصده مراسل عنب بلدي في المنطقة.

وعن المبالغ التي تفرضها حواجز “الفرقة” على المهربين، قال عمر، إنه لا توجد تسعيرة محددة، إذ يختلف المبلغ المدفوع بحسب عناصر الحاجز.

التهريب يتحول إلى مهنة

يمتهن العديد من شباب محافظة حمص التهريب بالدراجات النارية، وتقتصر حمولتهم على أسطوانات الغاز، وبضعة ليترات من البنزين، إذ يحققون الأرباح من خلال فرق السعر بين القرى المنتشرة على جانبي الحدود اللبنانية- السورية.

ويعمل المهربون على بيع بضائعهم في نقاط بيع المحروقات المنتشرة على الطرقات والتي تعتمد أسعار “السوق السوداء”، في حين تُنقل بعض الكميات إلى العاصمة دمشق بالحافلات أو بسيارات الضباط مقابل أرباح للطرفين.

يوسف (39 عامًا)، وهو أحد أصحاب “بسطات” المحروقات على طريق حمص- حماة، قال لعنب بلدي، إن البنزين المباع على “البسطات” مصدره بالغالب لبنان عبر التهريب، إلى جانب نسبة بسيطة جدًا يشتريها من أصحاب السيارات الخاصة.

وأشار يوسف إلى أن سعر ليتر البنزين الواحد في القرى المحاذية للحدود اللبنانية لا يتجاوز 6500 ليرة سورية، يبيعه المهربون للتجار بـ8000 آلاف ليرة، ويبيعه التجار بأسعار تتراوح بين 9000 و10500 ليرة سورية لكل ليتر.

في حين يبلغ سعر جرة الغاز القادمة من الحدود اللبنانية حوالي 90 ألف ليرة سورية، وتباع في حمص بحوالي 140 ألف ليرة.

سائق إحدى الحافلات على خط حمص- دمشق، تحفظ على اسمه لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إن عمله بالتهريب إلى جانب آخرين جنّب محافظة حمص شللًا بحركة الآليات.

وذكر المهرّب أن الأسعار تتفاوت أيضًا بين محافظة حمص وجاراتها من المحافظات السورية، إذ يبلغ سعر جرة الغاز في حمص 140 ألف ليرة سورية، بينما تباع في دمشق بـ160 ألفًا، وليتر البنزين الذي يباع في حمص بعشرة ألاف يباع في دمشق بـ14 ألفًا.

وحسب دراسة نشرها معهد الجامعة الأوروبية (EUI)، فقد راكمت “الفرقة الرابعة” خلال سنوات الصراع رؤوس أموال من أنشطة اقتصاد الحرب.

وذكرت الدراسة، وتحمل عنوان “شبكة اقتصاد الفرقة الرابعة خلال الصراع السوري“، أن أبرز الأنشطة التي تديرها “الفرقة” هي تجارة “الخردة”، و”التعفيش”، و”الترفيق”، حيث تتولى مجموعات عسكرية رسمية وشبه رسمية مرافقة وحماية شاحنات النقل التجارية من منطقة إلى أخرى، مقابل تقاضي أموال من مالكي هذه البضائع، و”الترسيم”، حيث يتقاضى القائمون على المعابر الداخلية، وهم من المجموعات العسكرية الرسمية وغير الرسمية، رسومًا مالية على مرور البضائع والأفراد من منطقة إلى أخرى.

وذكرت المجلة “الدولية للمعلومات” اللبنانية، المتخصصة بنشر الدراسات والأبحاث والإحصاءات، أن تهريب المحروقات من لبنان إلى سوريا يكلّف لبنان نحو 200 مليون دولار سنويًا.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



English version of the article


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة