قوائم وفق المحسوبيات.. مزارعو درعا يشكون ضعف مخصصات المازوت
درعا – حليم محمد
لم يتسلّم محمد الزعبي مخصصاته من مادة المازوت الخاصة بدعم القطاع الزراعي خلال الموسم الصيفي الحالي، رغم حاجته الشديدة لها، وهو الذي زرع، هذا الموسم، أكثر من 50 دونمًا بالخضراوات المتنوعة، حسب قوله.
اقتصر توزيع مديرية زراعة درعا على ليترين من المازوت للدونم الواحد من القمح، بحسب عدد من المزارعين في درعا ممن التقتهم عنب بلدي.
وأدى عدم توزيع المحروقات المدعومة على الفلاحين إلى زيادة تكلفة الإنتاج، ولجوئهم لشراء المحروقات من السوق الحرة، أو تركيب منظومات الطاقة الشمسية لتأمين حاجتهم من الطاقة.
لا عدالة.. ومحسوبيات
جمال (50 عامًا)، وهو مزارع من مدينة طفس غربي محافظة درعا، قال لعنب بلدي، إن أسباب شح الدعم تعود إلى شبكة من المسؤولين ممن يختلسون من مخصصات المزارعين، وهذا ما تؤمن به شريحة واسعة من مزارعي المحافظة.
وفي الوقت الذي يحصل فيه مزارعون من درعا على بضعة ليترات من المحروقات، حُرم قسم آخر منهم من المخصصات بشكل كامل، ما دفعهم إلى خطط بديلة رفعت من تكلفة الإنتاج، وأثّرت بالتالي في ارتفاع الأسعار في السوق.
وأضاف جمال أن ما وزعته مديرية الزراعة لمخصصات المزارعين من المحروقات، لا يكفي ربع الاحتياجات.
في حين لم تقم جمعية الفلاحين في درعا بإجراء “الكشف الحسي” (جولة ميدانية للتأكد من حاجة المزارع للمحروقات من خلال معاينة محصوله الزراعي)، واكتفت بوضع قوائم شملت أشخاصًا لا يزرعون المحاصيل.
وتشرف مديرية زراعة درعا على الخطة الزراعية في المحافظة، بناء على إحصاء وتقديرات الوحدات الإرشادية، في حين توكل للجمعيات الفلاحية مهمة إعداد القوائم بالأشخاص المستحقين لتسلّم المخصصات، وتجري جولات ميدانية لتفقد الحاجة الفعلية للمحروقات.
وبالتالي فإن توزيع المحروقات في المحافظة جاء بناء على قوائم أشخاص اختارتهم مديرية الزراعة مسبقًا، دون اعتمادها على معرفة مسبقة بحاجات المنطقة ومزارعيها.
وقال جمال، إن بعض مزارعي القمح لم يتمكنوا من سقاية محصولهم، لعدم قدرتهم على شراء المازوت “الحر”.
وأضاف أنه تسلّم 25 ليترًا من المحروقات فقط، خلال العام الحالي، مع أنه زرع محصولًا متنوعًا من القمح والفول، إلى جانب أشجار الزيتون والرمان التي يملكها، ما جعل من سقاية المحصول مكلفة بالنسبة له.
جمال هو أحد المزارعين الذين اعتبروا أن توزيع المحروقات غير عادل، ولا يتناسب مع الحاجة والمساحات المزروعة، إذ قال إن المستفيدين من التوزيع، هم أشخاص ليست لديهم مشاريع زراعية أصلًا.
محمد الزعبي مزارع آخر في ريف درعا الغربي، قال لعنب بلدي، إن معظم المستفيدين من المخصصات هم ليسوا مزارعين بالفعل، إذ حوّل فساد رؤساء البلديات والجمعيات تسجيل القوائم إلى أمر كيفي، ولا رقابة ملموسة على عملهم من قبل مديرية الزراعة أو مجلس المحافظة.
وأشار إلى أنه سبق وراجع، ولأكثر من مرة، المسؤولين عن التوزيع في منطقته، دون الحصول على إجابة مقنعة، سوى أن كميات المحروقات المخصصة للمزارعين قليلة.
محمد (65 عامًا)، وهو يملك حقلًا من أشجار الزيتون والرمان ومساحة مزروعة بالملوخية والباذنجان، قال لعنب بلدي، إنه لم يتسلّم أي مخصصات مازوت “مدعوم” على الإطلاق، معتبرًا أن الشفافية في تسليم المحروقات باتت “معدومة”، ولا توجد رقابة مؤسساتية ولا مجتمعية عليها.
الجهة المتحكمة
لا يعلّق المزارعون آمالًا على مديرية الزراعة في المحافظة، إذ لا حلول مرجوة “تحت روتين حزب (البعث)”، الذي يتحكم بدوائر الدولة وحتى الجمعيات الإرشادية.
ويرتبط توزيع المحروقات وتقديرات المساحات المزروعة بشبكة موظفي دوائر الدولة من مديرية الزراعة، إلى مجلس المحافظة، ومجالس البلديات، والجمعيات والوحدات الإرشادية، وكل منهم له معارف أو أقارب يعتبرهم من المستحقين الفعليين، حتى ولو كانوا من غير المزارعين.
وسبق أن قال مدير الزراعة، بسام الحشيش، لصحيفة “الوطن” المحلية، في نيسان الماضي، إن المديرية سلّمت الفلاحين خلال الموسم الشتوي 3.5 مليون ليتر من المازوت “المدعوم” بسعر 500 ليرة سورية لليتر الواحد، أي بمعدل ثلاثة ليترات للدونم الواحد.
السوق الحرة
قال جمال، إن المازوت “المدعوم” في حال وُزع بـ”شكل عادل” قد لا يكفي احتياجات المزارع، إنما يخفف عليه عبء شراء المحروقات من السوق الحرة.
في حين وصل سعر المحروقات “الحرة” إلى ثمانية آلاف ليرة سورية (1.63 دولار أمريكي) لليتر الواحد.
المزارع أحمد المصطفى يملك 30 دونمًا من أشجار الرمان، ويحتاج لتأمين السقاية لها إلى حوالي 50 ليترًا من المحروقات كحد أدنى لسقايتها بشكل يومي، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
ومع اتجاهه اليوم إلى السوق الحرة لتأمين المحروقات، فإن حوالي ربع مرابح محصوله الزراعي سيذهب ثمنًا للمحروقات، وبالتالي فإن خسارته باتت “مؤكدة”.
الطاقة الشمسية
لجأ بعض المزارعين لتركيب منظومات طاقة شمسية، كبديل عن المحروقات الحكومية، لكن تكلفتها المرتفعة جعلتها غير متوفرة بالنسبة لشريحة كبيرة من المزارعين.
وبحسب المزارع محمد الزعبي، فإن تركيب ألواح الطاقة الشمسية كلّفه نحو مئة مليون ليرة سورية، في حين أنها لا تعمل سوى ثماني ساعات يوميًا، وتتعطل عن العمل في الأيام التي تحجب فيها الغيوم أشعة الشمس، ما يدفعه إلى الاستعانة بمولدات الكهرباء لتأمين سقاية كامل محاصيل البندورة والباذنجان والفليفلة والذرة.
وقال وائل الأحمد، رئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية زراعة درعا لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن المساحات المزروعة بالخضار الصيفية تجاوزت الخطة الموسمية الموضوعة من قبل المديرية بـ730 هكتارًا.
وأضاف أنه في حين بلغت خطة الموسم الماضي 1287 هكتارًا، زرع الفلاحون 2664 هكتارًا، متجاوزين التوقعات الحكومية بأكثر الخضار الصيفية من الضعف.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :