عمليات “قسد” في “الهول”.. خطّة تقطيع الأوصال
عنب بلدي – مأمون البستاني
أطلقت قوى الأمن الداخلي (أسايش) في شمال شرقي سوريا، عملية أمنية سمّتها “الإنسانية والأمن” قبل عشرة أيام، لملاحقة خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” في مخيم “الهول” شرقي الحسكة، وذلك بدعم من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، والتحالف الدولي لمحاربة التنظيم بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
في بيان إعلان إطلاق الحملة، قالت “أسايش”، إن هذه الحملة هي المرحلة الثانية من عملية “الإنسانية والأمن”، وذلك بعد أن صار المخيم مصدر “خطورة دائمة” يستغله التنظيم في عمليات التجنيد ونشر “أفكاره التحريضية”.
وخلال الشهرين الماضيين، شهد مخيم “الهول” تصاعدًا في أعمال العنف والجرائم وعمليات الاغتيال، وبحسب ما قالته “أسايش” في بيانها، شهد المخيم مقتل 44 شخصًا خلال العام الحالي.
اعتقالات وإزالة خيام
في أحدث إحصائية صادرة حول نتائج الحملة خلال أسبوعها الأول، قالت “قسد” في بيان نشرته عبر المكتب الإعلامي التابع لها، إنه تم تمشيط أكثر من 50% من المخيم، وألقي القبض على 121 شخصًا ضالعًا بالانتماء للتنظيم، بينهم 15 امرأة.
وبحسب البيان، أزالت “قسد” و”أسايش” أكثر من 100 خيمة، بحجة أنها “تُستخدم أماكن تدريب ومحاكم شرعية للتعذيب والقتل”، كما عثرت على 16 نفقًا وخندقًا، كان “يستخدمها عناصر خلايا للتخفي أو الفرار من المخيم”.
الصحفي في موقع “نهر ميديا” المعني بتغطية أخبار المنطقة الشرقية من سوريا عهد الصليبي، قال لعنب بلدي، إن المرحلة الثانية من الحملة الأمنية في “الهول”، جاءت عقب استمرار جرائم القتل في المخيم خاصة خلال الشهرين الماضيين.
وأشار إلى أن المخيم شهد في الآونة الأخيرة اتباع طرق جديدة في القتل، كالنحر والقتل بعد الأسر لعدة أيام، ثم إلقاء الجثث في الصرف الصحي، والقتل في وضح النهار، ما دفع إدارة المخيم إلى التحرك لمنع تأزم الوضع الأمني في المخيم.
الصليبي اعتبر أن إطلاق المرحلة الثانية من الحملة في هذا التوقيت، ليس مرتبطًا فقط بتزايد عمليات الاغتيال داخل المخيم.
وأضاف أن قضية مخيمي “الهول” و”روج” في شمال شرقي سوريا، كانت دائمًا في دائرة تركيز “قسد” منذ إنشاء المخيمين، بعد إعلان الانتصار على تنظيم “الدولة في آذار 2019.
وبحسب ما قاله الصليبي، لن تتخلى “قسد” عن هذين المخيمين، حتى لو بقي فيهما عدد محدود من الأشخاص، وذلك لتبقي على خطابها حول مكافحة الإرهاب، ولإبقائهما ورقة ضغط كلما حاولت تركيا تنفيذ عملية عسكرية في مناطق شمال شرقي سوريا.
ولفت إلى أن المرحلة الأولى من عملية “الإنسانية والأمن”، كانت قد بدأت في آذار 2021، وشارك فيها ما يقارب ستة آلاف من “أسايش” و”قسد”، وانتهت باعتقال 117 شخصًا، أُطلق سراح بعضهم بعد فترة، بينما لا يزال بعضهم الآخر مغيبًا حتى الآن.
عزل قطاعات المخيم
مراسل عنب بلدي في الحسكة، نقل في وقت سابق عن عاملين في منظمات إنسانية تنشط داخل مخيم “الهول” قولهم، إن “قسد” نقلت قسمًا من الأشخاص الذين أوقفتهم في مخيم “الهول” إلى مراكز احتجاز في مدينة الشدادي، جنوبي الحسكة، وقسمًا آخرًا إلى سجن في حي غويران جنوبي مدينة الحسكة.
وأشار العاملون إلى أن أكثر من 50 خيمة من تلك التي أزيلت، كانت تُستخدم لتعليم الأطفال القراءة والكتابة، بمبادرات فردية من أبناء المخيم.
ووفق نفس المصادر، أزالت “قسد” الخيام بهدف تقطيع أوصال المخيم، وفتح فراغات فيه، لتسهل عليها السيطرة على المخيم وعمليات المراقبة داخله.
في 1 من أيلول الحالي، قالت صحيفة “الشرق الأوسط“، إن هناك دراسة يتم العمل عليها من قبل إدارة المخيم و”أسايش” لعزل قطاعات المخيم التسعة، وفصلها عن بعضها، على غرار القطاع الذي يؤوي عائلات عناصر التنظيم ويخضع لرقابة صارمة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني من إدارة المخيم قوله، إن هناك عدة عوامل تحول دون عزل قطاعات المخيم، أهمها المساحة الجغرافية الكبيرة، ووعورة الأراضي الصحراوية والكثافة السكانية.
وذكر المصدر أن معلومات استخباراتية وصلت إلى إدارة المخيم، تفيد بسعي خلايا التنظيم للسيطرة على كامل المخيم، لذلك يتم دراسة كيفية عزله جغرافيًا، والفصل بين أجزائه.
الصحفي عهد الصليبي قال لعنب بلدي، إن “قسد” تعمل على إنشاء ثلاثة حواجز في المخيم، إلا أن هذه الخطوة قد تكلف “قسد” الكثير في حال لم تتمكن من كشف جميع خلايا التنظيم في المخيم، إذ ستصبح هذه الحواجز لقمة سائغة لتلك الخلايا.
ورغم أن “قسد” أزالت نحو 100 خيمة خلال الأسبوع الأول من الحملة، فإنها لم تحسم الأمر فيما يتعلق بتقسيم المخيم ونشر حواجز داخله، بحسب الصليبي.
وذكر الصليبي أن “قسد” أطلقت خلال العامين الماضيين سراح 13 دفعة من السوريين المحتجزين داخل مخيم “الهول”، وخمس دفعات من العراقيين الذين أُرسلوا إلى مخيم “جدعة” في العراق.
وحول التقارير الإعلامية التي تحدثت عن توجه العراق لنقل جميع العراقيين في مخيم “الهول” إلى أراضيه، قال الصليبي، إن اجتماعات عدة عُقدت بين “قسد” والجانب العراقي دون التوصل إلى نتيجة.
وأشار إلى أن “قسد” لن تسلّم العراقيين في المخيم للحكومة العراقية دون الحصول على مقابل، أما السوريون فيتم إطلاق سراح بعضهم ممن لا يوجد عليهم أي مشكلات، وذلك بوساطة وكفالة من شيوخ العشائر.
تحرك أمريكي
خلال الأيام الأولى من الحملة الأمنية في مخيم “الهول”، زار وفدان من التحالف الدولي والولايات المتحدة المخيم، بحسب ما نشره الموقع الرسمي لـ”الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا، في 31 من آب الماضي.
واستعرض عضو القيادة العامة لـ”قسد” محمود برخدان، نتائج الحملة مع الوفدين اللذين ترأسهما نائب القيادة العامة لقوات المهام المشتركة في عملية “العزم الصلب” التابعة للتحالف الدولي، كارل هاريسن، ومبعوث الخارجية الأمريكية الخاص إلى شمال شرقي سوريا، نيكولاس جرينجر.
واعتبر برخدان أن هناك حاجة ملحة لهذه الحملة في هذا التوقيت، وبالمقابل، أكد الوفدان مواصلة دعم “قسد” في محاربة الإرهاب، والقضاء على خلايا التنظيم في مخيم “الهول”.
جرينجر قال خلال لقاء الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في “الإدارة الذاتية”، في 1 من أيلول الحالي، إن بلاده تسعى لإيجاد حل لعناصر تنظيم “الدولة” وعوائلهم في مخيم “الهول”، وتناقش الدول بهدف استعادة رعاياها.
وفي اجتماع آخر مع قادة أحزاب كردية بمدينة القامشلي، حث جرينجر الأحزاب الكردية على العودة لطاولة الحوار وحل القضايا الخلافية بين “المجلس الوطني الكردي” المعارض ومسؤولي “الإدارة الذاتية”.
كما أعاد جرينجر تأكيد بلاده رفض أي عملية عسكرية قد تشنها تركيا ضد مناطق سيطرة “قسد” في شمال شرقي سوريا.
وكانت الأمم المتحدة قالت، في حزيران الماضي، إن أكثر من 100 جريمة قتل حصلت خلال عام ونصف في مخيم “الهول”.
ويضم مخيم “الهول” 54 ألفًا و390 شخصًا، بينهم 27 ألفًا و816 من الجنسية العراقية، و18 ألفًا و483 من الجنسية السورية، وثمانية آلاف و91 من أسر عناصر تنظيم “الدولة”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :