"براغماتية وفذلكة"..
تشكيك في الإعلام السوري بـ”تصريحات التقارب” التركية
توالت تصريحات المسؤولين الأتراك التي تشير إلى تقارب تركي- سوري، وتغيير في السياسة التركية تجاه النظام السوري، بينما عبّر الإعلام السوري الرسمي أو الموالي للنظام عن عدم جدية التصريحات، واعتبارها في “الإطار الإعلامي” فقط.
جاء الموقف الرسمي للنظام السوري عبر وزير خارجيته، فيصل المقداد، بتحديد طلبات النظام لإعادة العلاقات مع تركيا واصفًا إياها بـ “مقدمة لإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه”.
مطالب رسمية
وقال المقداد في معرض رده على أسئلة الصحفيين، خلال مؤتمر صحفي عقده إلى جانب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من موسكو، في 23 من آب الحالي، إن حكومته مع تراجع الدولة التركية عن الدور الداعم الذي قامت به إلى جانب “التنظيمات المسلحة” (المعارضة للنظام السوري) في شمال غربي سوريا.
وأضاف المقداد، “نعتقد أن الجهد الذي يجب أن يُبذل في هذا المجال لإقناع القيادة التركية بضرورة الانسحاب من سوريا، وإعادة الأمن والاطمئنان إليها، وعدم وجود القوات التركية على ميليمتر واحد من التراب السوري، هو الطريق الوحيد لإعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا”.
لا يريد المقداد أن يضع شروطًا، بحسب تصريحه، لكنه اعتبر أن “الاحتلال التركي لسوريا يجب أن ينتهي، الدعم الذي تقدمه تركيا للتنظيمات المسلحة يجب أن ينتهي، بالإضافة إلى أنه يجب ألا يكون هناك أي تدخل من قبل تركيا في الشؤون الداخلية لسوريا”، مؤكدًا أن هذه ليست شروطًا وإنما مقدمة لإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه.
جاءت تصريحات المقداد بعد ساعات على إعلان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عدم وجود شروط مسبقة من قبل بلاده للحوار مع النظام السوري.
وأضاف الوزير التركي أن الحوار مع حكومة دمشق يجب أن يكون هدفًا بالنسبة لبلاده، وأشار إلى أن وحدة الأراضي السورية، وحماية الحدود التركية، والعودة الآمنة للاجئين السوريين، هي ما تسعى إليه بلاده.
اتفاق إعلامي على “هزلية” التصريحات
صحيفة “الوطن” المحلية المقربة من النظام، عنونت في “مانشيت” عددها اليومي في 29 من آب الحالي، بـ”أردوغان يسعى لإعادة العلاقات مع دمشق لقطع الطريق على معارضيه.. خطاب أنقرة لا يزال إعلاميًا وفي سياق الأقوال لا الأفعال”.
وأشارت الصحيفة إلى تضارب التصريحات بين التقارب مع النظام والتهديدات المستمرة بشن عملية عسكرية لإنشاء “منطقة آمنة” بعمق 30 كيلومترًا شمالي الأراضي السورية.
وقالت الصحيفة، إن التصريحات التي أطلقها المسؤولون الأتراك التي توحي بالتقارب مع دمشق، هي عبارة عن “بالونات اختبار”، وإن تغير خطاب أنقرة حيال دمشق لا يزال “إعلاميًا وفي سياق الأقوال دون الأفعال”.
ووصفت صحيفة “الثورة” الحكومية، في 21 من آب الحالي، سياسة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بـ”البراغماتية”، والتي جاءت “لتلطيف الأجواء بعد قمة طهران”.
هذا التوصيف جاء ردًا على تصريحات أردوغان، خلال عودته من أوكرانيا، في 19 من آب الحالي، وقال فيها، إن همّ تركيا ليس “هزيمة الأسد”، بل الوصول إلى حل سياسي والتوصل إلى اتفاق بين المعارضة والنظام،
بدورها، قالت صحيفة “البعث” الحكومية والناطقة باسم حزب “البعث”، في تقرير لها بتاريخ 23 من آب الحالي، إن أي حديث عن مطالب واشتراطات للتقارب هو نوع من “الفذلكة اللفظية”، والتعاطي الدبلوماسي “الساذج”.
اقرأ أيضًا: ما مواقف أبرز الأحزاب التركية من التطبيع مع النظام السوري؟
تعدد التفسيرات
في تقرير لصحيفة “تشرين” الحكومية، في 23 من آب الحالي، أرجع أسباب الحديث التركي عن التقارب إلى داخلية وخارجية، أولها الانتخابات الرئاسية في العام المقبل، واشتداد قوة المعارضة التركية المطالبة بتحسين العلاقات مع دمشق، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي تعانيها تركيا.
وعلى الصعيد الخارجي، وقوف إيران وروسيا “بحزم” ضد نية الرئيس التركي بالتدخل العسكري في شمالي سوريا، وهو ما تجلى في قمة طهران الثلاثية التي جمعته بالرئيس الإيراني، ونظيره الروسي، بالإضافة إلى مواقف دولية رافضة لسياسة تركيا الخارجية، من بينها الولايات المتحدة والدول الغربية، وفق الصحيفة.
من جهتها، أرجعت صحيفة “الوطن” أسباب التقارب التركي “لقطع الطريق” على أحزاب المعارضة التركية التي أعلنت نيتها تطبيع العلاقات مع النظام فور فوزها بالانتخابات، ونزع “ورقة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم”، التي تساوم عليها لكسب ود الرافضين لوجودهم داخل تركيا.
وابتعدت صحيفة “البعث” في سرديتها، إذ اعتبرت أن حديث التقارب جاء بعد سقوط مشروع “الشرق الأوسط الجديد”، وعدم استطاعة تركيا “تزعم العالم الإسلامي”، بعد فشل “الحرب على سوريا”، وأن إعادة بناء العلاقة مع سوريا هي “السبيل الأخير لتركيا كي تعاود الوقوف مجددًا”.
شبكة “أثر” المحلية المقربة من النظام، اعتبرت أن أردوغان انتهج سياسة خارجية “خاطئة جعلته معزولًا” عن محيطه القريب والبعيد، ما جعل أغلبية الرأي العام التركي مناهضًا لسياسته، وفي محاولة لحل هذه المشكلة قبل الانتخابات الرئاسية، أقدم على التطبيع مع السعودية، والإمارات، وإسرائيل، وتبقى بوابته الجنوبية سوريا.
وبالنسبة للضربات الميدانية التركية الأخيرة على مناطق لقوات النظام السوري، والتي خلّفت قتلى، فسرها التقرير بأنها قد تكون واحدة من “أدوات التفاوض بين الجانبين التركي والسوري”.
وفي 22 من آب الحالي، أقام “اتحاد الكتاب العرب” ندوة بعنوان “مستقبل العلاقات السورية- التركية” بمشاركة رئيس جمعية “الصداقة السورية- التركية”، محمد يوفا، الذي أشار إلى أهمية تعزيز علاقات سوريا مع الشعب التركي بكل قطاعاته الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، بما يعود لمصلحة سوريا، وعدم حصرها بجهة واحدة مثل حزب “العدالة والتنمية”.
وسبق أن أكد أردوغان أن روسيا تدفع في سبيل حصول “تقارب” بين تركيا والنظام السوري، وقال في 19 من آب الحالي، إن هم تركيا ليس “هزيمة الأسد”، بل الوصول إلى حل سياسي والتوصل إلى اتفاق بين المعارضة والنظام.
وكان وزير الخارجية التركي كشف، في 11 من آب الحالي، عن إجرائه محادثة “قصيرة” مع وزير الخارجية السوري، على هامش اجتماع “حركة عدم الانحياز” الذي عُقد في تشرين الأول 2021، بالعاصمة الصربية بلغراد.
وقال جاويش أوغلو، إن من الضروري “تحقيق مصالحة بين المعارضة والنظام في سوريا بطريقة ما”، معتبرًا أنه لن يكون هناك “سلام دائم دون تحقيق ذلك”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :