ترفض فئة من الفصائل الموجودة في سوريا وجود مرجعية قانونية للقضاء، منادية بالاحتكام إلى الشريعة الإسلامية فقط دون سواها، كما ترفض وجود نصوص ودواوين يرجع لها القضاة، وهو ما يدرجونه تحت مسمى “الشريعة لا تُقونن”، وإنما برأيهم يُصدر كل شرعي الأحكام وفق رؤيته وبحسب قراءته للشريعة، ويقوم بالاستنباط في الأمور التي تحتاج اجتهادًا.
وهذا ما يعتبره شرعيون “جهل وترفّع كبير وفوقية مبالغ بها”، إذ إن أولئك يرفضون بذلك علم وجهود كل علماء الأمة وفقهائها على مر التاريخ، في هذا الصدد يقول لعنب بلدي الدكتور زكريا ملاحفجي، الباحث المتخصص في التاريخ والفكر، إن الأصل في القوننة هو “تدوين الناس الأكفاء لخلاصة خبراتهم في الاجتهاد ليتركوا إرثًا (لمن بعدهم من طلاب ومتدربين غير أكفاء للاجتهاد) من نصوص وتجارب تشكل مرجعية لهم”.
أما عن تاريخ القضاء في ظل الدولة الإسلامية فيوضح الملاحفجي “على مر التاريخ الإسلامي كان (الاجتهاد) في القضاء يفوّض له من هو بمقام أبي حنيفة أو من هو مكافئ له بالمستوى العلمي، وليس أي طالب علم مؤهلًا للاجتهاد والاستنباط من الشريعة، ولاحقًا في عصر الدولة العثمانية صدرت (مجلة الأحكام العدلية) في عصر السلطان عبد المجيد، شارك في كتابتها كبار العلماء، واعتمدتها الكثير من الدول العربية الإسلامية في ذلك الوقت، وكانت مرجعًا قضائيًا لها، وذلك لا يعتبر تعدٍّ على الشريعة الإسلامية، وإنما هو تدوين وقوننة من أجل ضبط من قلّت كفاءته، وحتى تكون كل الأحكام واضحة أمام القاضي.
يعلّق على هذه الجزئية خالد الحلو، معاون وزير العدل في الحكومة المؤقتة “إنّ الأصل في القانون معرفة الناس له، وقيمته تكمن في نشره بين الناس، ولا يصح تطبيقه على الناس قبل أن يُنشر في وسائل الإعلام المتاحة في البلد، بحيث لا يمكن أن يُحكم أي إنسان بحكم لا علم له بعقوبته مسبقًا، فقد قال تعالى “وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا”.
عضو المجلس الإسلامي السوري: لا يوجد في الساحة السورية اليوم علماء مؤهلون للإفتاء
ويرى عبد الله العثمان، عضو مجلس الأمناء في المجلس الإسلامي السوري، ضرورة الالتزام بقانون موحد، لأن تعدد الفتاوى وأحكام العلماء والمذاهب الأربعة توجب توحيد النصوص القضائية لإحقاق العدل وعدم تناقض أو تعدد الأحكام.
كما يرى المجلس جواز قوننة الشريعة الإسلامية بأحكام وفتاوى كانت خلاصة لعلوم الفقهاء واجتهاداتهم على مر التاريخ، ولا يوجد في الساحة السورية اليوم علماء مؤهلون للإفتاء. وما كانت مجلة الأحكام العدلية التي أنتجتها نخبة من العلماء في العهد العثماني إلا نموذجًا للتقنين الذي نؤيد جوازه.
ويُجمع علماء المجلس الإسلامي السوري وغالبية القضاة والشرعيين في الداخل على اعتماد القانون العربي الموحد، المستمد من الشريعة الإسلامية بنسبة 90% ولا يخالفها في النسبة المتبقية وإن كانت غير مستمدة من الشريعة، ويكون تطبيق هذا القانون تحت مظلة جامعة الدول العربية.
-
هيئات قضائية بارزة تشكلت في سوريا المحررة
- الهيئات الشرعية… تكريس حكم “الشيخ” بدل القاضي وبداية مرحلة الانحدار.
- محاكم الشعب في مناطق الإدارة الذاتية.
- مجلس القضاء السوري الحر المستقل يضم 85 قاضيًا يسعون للتغيير.
- مستقبل القانون السوري في سوريا الجديدة.
-
المرجعيات القضائية في سوريا… تعدد ينذر بتقسيم البلاد.
- القانون السوري.. هل يحفظ تطبيقه وحدة الأراضي السورية؟
- الشريعة الإسلامية… بعض الفصائل العسكرية ترفض المرجعيات وتصرّ على اعتمادها.
- القانون العربي الموحد.. مطالب بتطبيقه كحل وسط بين القانون السوري والشريعة.
-
نماذج القضاء وشكل القوانين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري
- القضاء في حلب يعجز عن التحرر من هيمنة العسكر.
- درعا.. نموذج القضاء وشكل القوانين فيها بعد التحرير.
- الغوطة الشرقية وبداية التأسيس لقضاء مستقل بعد التحرير.
- القضاء غائب عن الغوطة الغربية واعتماد الشريعة في القلمون.
- وعود من جيش الفتح في إدلب لتوحيد المرجعية القضائية.
- جبهة النصرة تهيمن على القضاء في ريف اللاذقية.
- غياب القضاء عن ريف حماة والاعتماد على محكمة خان شيخون.
- محكمة الوعر وحل الخصومات بالتراضي في حمص.
- قضاء دير الزور “الوليد” تنهيه سيطرة تنظيم الدولة على المحافظة.
- محاولات لتأسيس قضاء في الرقة أنهاها تنظيم الدولة.
-
القضاء في ظل البعث.. قوانين لتعزيز سلطة الأسد.
-
رأي: وأد العدل في الشمال السوري.
-
كيف يقيّم السوريون أداء المحاكم والقضاء في مناطقهم المحررة؟
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :