حلب.. عائلات محرومة من الدعم الحكومي للاشتباه بقربها من المعارضة
أوقفت حكومة النظام السوري الدعم الحكومي عن مواطنين في مدينة حلب، كانوا موجودين في مناطق نفوذ المعارضة سابقًا، دون إبلاغهم بأسباب الإقصاء من الدعم.
وقابلت عنب بلدي مجموعة من المدنيين من سكان حي القاطرجي، أحدهم محيي الدين (52 عامًا) الذي فوجئ بتوقف الدعم الحكومي عن بطاقته “الذكية”، إذ أرجع الأسباب للوهلة الأولى إلى خلل فني في “البطاقة الذكية” أو إلى تحديث البرنامج.
إلا أنه، في 24 من شباط الماضي، راجع محيي الدين مركز إصدار البطاقات، وأُبلغ هناك أن يراجع المركز منتصف آذار الحالي.
وفي منتصف آذار الحالي، عاد محيي الدين إلى المركز ليجري تأجيله إلى ما بعد انتهاء عطلة عيد الأم، وفي آخر مرة راجع فيها مركز تحديث البطاقة في منطقة الميدان، أُبلغ بأن الدعم الحكومي أُلغي عن كامل العائلة دون ذكر الأسباب.
ونقل محيي الدين عن عدد من جيرانه في الحي ممن أُوقف الدعم الحكومي عن بطاقاتهم أيضًا، أن السبب المشترك بينهم، هو وجود أقارب لهم مع فصائل المعارضة بريف حلب، إضافة إلى عدد من العائلات توقف عنها الدعم لأن لديهم أبناء قُتلوا في معارك ضد النظام.
دعم يستثني الأشد فقرًا
تستمر سياسة التضييق التي يفرضها النظام على المدنيين الذين بقوا في مدينة حلب بموجب اتفاق “التسوية” عقب سيطرة النظام على المدينة عام 2016.
ويتزامن التضييق المستمر مع أوضاع خدمية ومعيشية متواضعة، إذ اعتبر مدنيون قابلتهم عنب بلدي في الأحياء الشرقية والجنوبية لمدينة حلب، أن الحكومة تفرض سياسة “التجويع والعقاب” بحقهم.
محمد (49 عامًا)، وهو أحد سكان حي سد اللوز في مدينة حلب، قال لعنب بلدي، إن إيقاف الدعم الحكومي استهدف المدنيين الذين لم يغادروا المنطقة عقب “التسوية”، ومن كانوا موجودين فيها خلال سيطرة المعارضة المسلحة.
ومنذ البدء بإلغاء الدعم عن “البطاقة الذكية”، تشكّلت صورة عامة بالنسبة للسكان، بأنهم صاروا يعرفون من أُلغي الدعم عنهم مسبقًا، فمع أن قسمًا كبيرًا من العائلات التي لم يُلغَ عنها الدعم الحكومي تعتبر من أصحاب الدخل المادي الجيد، يتسلّمون مخصصاتهم بشكل كامل.
محمد قال إن اعتراضه على إلغاء الدعم لم يُقبل، بسبب عمل ابنه سابقًا في فصائل المعارضة المسلحة، وصادر مركز “تكامل” في حلب بطاقته “الذكية” خلال مراجعته المركز للاعتراض على إيقاف الدعم.
وتسود حالة من الاستياء والغضب اليوم في حلب بسبب إلغاء الدعم عن “البطاقة الذكية” لعدد كبير من العائلات التي تعتمد بشكل أساسي على مخصصاتها عبر “البطاقة الذكية”.
ويبلغ سعر كيلو السكر 3500 ليرة سورية في السوق بينما يباع عبر “البطاقة الذكية” بنحو ألف ليرة.
ويُباع الأرز في الأسواق بين 4500 و5000 ليرة سورية بحسب النوعية، بينما يباع عبر “البطاقة الذكية” بألف ليرة سورية.
وسيق أن قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن تسعة ملايين سوري يعيشون في مناطق لا تخضع لسيطرة النظام السوري، بينهم 5.6 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
جاء ذلك عبر تقرير من 19 صفحة قدّمه غوتيريش لمجلس الأمن الدولي، مطلع العام الحالي، يتناول بالأرقام واقع الوضع الإنساني في سوريا، قبل تمديد قرار مجلس الأمن الدولي رقم “2585”، الخاص بآلية المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا لمدة ستة أشهر أخرى.
وأكد أن 7.78 مليون سوري ليس لديهم أطباء أو مرافق طبية تستوفي المعايير الدنيا المقبولة عالميًا، إلى جانب وجود 90% من السوريين تحت خط الفقر، يعاني 60% منهم “انعدام الأمن الغذائي”.
ماذا تقول الحكومة؟
أحد الموظفين في مركز “تكامل” لإصدار “البطاقات الذكية” بحي السليمانية بحلب، قال لعنب بلدي إن إلغاء الدعم لم يكن عشوائيًا وإنما أُعدت قوائم بأسماء العائلات التي كانت تتعامل مع جهات أخرى وتنسق معها، وبعد عودة “الجيش” بقوا في منازلهم ولديهم أقارب ما زالوا يعملون مع المعارضة.
ومع أن القرار كان صريحًا بإيقاف الدعم لفئات محددة من المدنيين الذين تعتبر أوضاعهم المادية جيدة، وكذلك من يملك عقارات أو سيارة ومنزلًا، يبدو أن المحرومين من الدعم عبر “البطاقة الذكية” توجد بحقهم أحكام قضائية أو جرائم “تمس أمن الدولة” سواء سابقًا أم حاليًا.
وأضاف الموظف، الذي تحفظت عنب بلدي على اسمه لأسباب أمنية، أن من المقرر أن يُستكمل إلغاء الدعم عن عائلات جديدة في مدينة حلب خلال الفترة المقبلة.
وتعتمد العائلات الموجودة في مدينة حلب على مخصصاتها عبر “البطاقة الذكية” لأنها تشتريها بما يعادل ربع قيمتها في السوق.
وفي 28 من شباط الماضي، قررت حكومة النظام عدم استبعاد مالكي السيارات الخاصة من “ذوي الإعاقة”، وعدم حساب هذه السيارة للأسرة في حال تملكها سيارة ثانية، بالإضافة إلى عدم استبعاد أسرة المتوفى من قوات النظام، في حال انتقال ملكية السيارة السياحية للأسرة إرثًا.
وأكّدت حكومة النظام أن الاستبعاد من الدعم بسبب امتلاك سيارة لا يشمل السيارات المملوكة للأحزاب والمنظمات والنقابات المهنية والجمعيات الخيرية والفعاليات الروحية.
وبدأت وزارة الاتصالات في حكومة النظام، منذ مطلع شباط الماضي، بتطبيق إزالة “الدعم الحكومي” عن مجموعة من حاملي “البطاقة الذكية”، إذ وصل عدد البطاقات المزالة إلى حوالي 598 ألفًا، بحسب تصريح الوزارة لإذاعة “نينار إف إم”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :