براتب يصل إلى 250 دولارًا شهريًا وعقود لـ 6 أشهر
ضباط سوريون يقودون حملة تجنيد للقتال إلى جانب الروس بأوكرانيا
يتحضر زياد (32 عامًا)، الذي ينحدر من محافظة حلب شمالي سوريا، وهو أحد عناصر “الفيلق الخامس” المدعوم من قبل روسيا، للسفر بهدف الانضمام إلى جانب الجيش الروسي في غزوه لأوكرانيا.
وبحسب ما قاله زياد لعنب بلدي، فإن ضباط من قوات النظام بدأوا خلال الأيام القليلة الماضية، بتقديم العروض لمقاتلي الميليشيات الرديفة بقوات النظام، وآخرين من قوام الجيش النظامي، للانضمام إلى جبهات القتال في أوكرانيا، مقابل راتب شهري يبلغ 250 دولارًا أمريكيًا.
وأبدى بعض العناصر رغبتهم في الانضمام، وجرى إبلاغهم بتحضير أمتعتهم للسفر، دون الإعلان عن وقت بداية انطلاق الرحلات التي تضم مقاتلين من “الفرقة 30″ و”الفرقة 25″ التابعتين لـ”الفيلق الخامس”.
وينتشر مقاتلو هذه المجموعات الموالية لروسيا، داخل مدينة حلب وفي أريافها، ومعظم المقاتلين الموالين لروسيا، هم من حملة بطاقات “التسوية”، ومنهم من كانوا مقاتلين سابقين ضمن فصائل المعارضة المسلحة.
كما انضمت مجموعة كبيرة من الشباب في محافظة حلب لـ”الفيلق الخامس”، الذي استحدثته روسيا مع بداية تدخلها العسكري في سوريا، لكف الملاحقات الأمنية عنهم، بحسب زياد، الذي انضم إلى “الفيلق الخامس عقب “التسوية” في حلب، بعد أن كان مقاتلًا في لواء “التوحيد” في أثناء سيطرة المعارضة المسلحة على أجزاء واسعة من محافظة حلب.
إغراءات روسية للمشاركين
تعددت الإغراءات التي قدمها ضباط سوريون موالون لروسيا في مدينة حلب، لتشجيع المقاتلين على الانضمام لغزو الجيش الروسي لأوكرانيا، كالوعود التي قدموها بمبالغ مالية لقاء القتال، بحسب زياد.
وأشار إلى أن المشرفين على تجنيد المقاتلين، هم من الضباط من المعروفين بولائهم الكبير لروسيا.
وتتركز مهمة هؤلاء الضباط على استقطاب الشبان، وضمهم لصفوف “الفيلق الخامس”، والتي تحولت اليوم إلى إغراء العناصر للمشاركة في جبهات القتال المشتعلة في أوكرانيا.
عدد من عناصر “الفيلق الخامس” (مقاتلون سابقون في فصائل المعارضة)، رفضوا الكشف عن هوياتهم لأسباب أمنية، قالوا لعنب بلدي، إن الواقع المعيشي السيئ بات دافعًا للخروج من سوريا، والعمل بأي شيء من أجل تأمين متطلبات الحياة.
وذكر عمار (28 عامًا)، والذي ينوي قبول عرض السفر إلى أوكرانيا، أن الإغراءات دفعته لقبول العرض، مقابل الراتب الشهري الذي قد يحصل عليه شهريا من الروس، وهو 200 دولار أمريكي، إضافة إلى نحو 140 ألف ليرة سورية (35 دولار) وهي راتبه الأساسي الذي يتقاضاه من قوات النظام.
ولكن الراتب لا يكفي، بحسب عمار، ويمكنه التوجه إلى أوكرانيا لتحسين وضعه المعيشي، من وجهة نظره، والمعونة الإغاثية الشهرية التي ستحصل عليها عائلته قد تعينهم خلال غيابه.
وبحسب المعلومات الأولية التي أُبلغ بها المقاتلون في حلب، فإن العقود التي سيجري توقيعها تبلغ مدتها ستة أشهر فقط، مع وجوب قضائها في أوكرانيا على جبهات القتال كاملة.
مكاتب التجنيد تستغل الوضع المعيشي
توقع زياد، خلال حديثه لعنب بلدي، أن تدفع الأوضاع المعيشية المتردية في عموم سوريا، والظروف الخدمية التي تعاني منها مناطق نفوذ النظام السوري، الكثيرين لقبول القتال في أوكرانيا.
كما هو الحال عندما شرعت روسيا بتجنيد المقاتلين السوريين لإرسالهم إلى ليبيا.
وينظر المرتزقة الجدد اليوم من المقبلين على السفر إلى أوكرانيا، إلى قدماء المرتزقة السوريين في ليبيا على أنهم حسنوا من أوضاعهم المعيشية بشكل “لا يصدق”.
وتنتشر مكاتب التجنيد في محافظة حلب بكثرة منذ مطلع شهر آذار الحالي، وتتبع بشكل مباشر لـ”الفيلق الخامس”، وتعمل على إعداد قوائم للأسماء المحتملة للتجنيد، بحسب ما قاله زياد.
وعن مكان انتشار هذه المكاتب بالتحديد، قال زياد، إنها تنتشر في أحياء الجميلية، والسبع بحرات، وميسلون، والحمدانية، وحلب الجديدة.
ويعمل فيها ضباط و إداريون يتبعون للروس بشكل مباشر ويأتمرون بأمرهم، عدد منهم من حملة بطاقات “التسوية”، والتي يكون الهدف منها في مرحلة ما كف الملاحقات الأمنية بحقهم، إلا أنها تحولت إلى مصدر رزق “عابر للقارات”.
صف ضابط برتبة رقيب أول في أحد مكاتب التجنيد بحلب، وهو عنصر منشق عن النظام، وأجرى “التسوية” الأمنية مع قوات النظام عند سيطرتها على مدينة حلب، في كانون الأول من عام 2016، قال لعنب بلدي إنه عمل بعدها لصالح الروس لدرء الخطر الأمني الذي تشكله قوات النظام السوري عليه.
وتتزايد أعداد الراغبين بالمشاركة إلى جانب القوات الروسية في غزوها لأوكرانيا منذ أكثر من أسبوعين، بحسب صف الضابط، حيث أعد مكتب التجنيد الذي يعمل فيه نحو أربعة قوائم، تضم 180 اسمًا معظهم من عناصر “التسويات” المنضمين لـ”الفيلق الخامس” حديثًا.
وقسم آخر من المُقبلين على الانضمام إلى هذه المجموعات، هم ممن كانوا في ليبيا سابقًا، بموجب عقود نصف سنوية وسنوية أنهوها حديثًا.
منظمات حقوقية رصدت عمليات تجنيد
نشرت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تقريرًا يتحدث عن مشاركة سوريين في الحرب بين روسيا وأوكرانيا المستمرة منذ إعلان “الغزو” الروسي عليها في 24 من شباط الماضي.
وبحسب، التقرير المنشور في 4 من آذار، وردت أنباء تفيد بقيام أجهزة أمنية تابعة لحكومة النظام السوري المدعومة روسيًا، وعدد من فصائل المعارضة المسلحة السورية المدعومة من تركيا، بفتح باب التسجيل لمقاتلين الراغبين بالقتال في أوكرانيا إلى جانب كل من طرفي النزاع هناك.
كما أعلن بعض المقاتلين المعارضين، من بينهم شخصيات محلية معروفة، عن رغبتهم بالقتال في أوكرانيا ونشروا ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل المقاتل في صفوف “الجيش الحر” سهيل الحمود، الملقب بـ”أبو التاو”، الذي أبدى استعداده القتال في أوكرانيا، عبر تغريدة على “تويتر“.
ونقلت المنظمة الحقوقية عن مصدرين في ريف دمشق (تحفظا عن نشر هويتهما لأسباب أمنية)، أحدهما شخص سجّل اسمه لدى الأجهزة الأمنية السورية من أجل الذهاب إلى أوكرانيا والقتال إلى جانب القوات الروسية، والآخر مسؤول محلي في إحدى لجان المصالحة التي أنشأها النظام السوري
لماذا أوكرانيا
في 24 من شباط الماضي، أعلن الرئيس الروسي بدء “عملية عسكرية خاصة” في إقليم دونباس الذي يضم منطقتي لوغانسك ودونيتسك، ما أدى إلى إدانات دولية ثم فرض عقوبات على بنوك ومصارف ومسؤولين روس.
ثم وسّع بوتين عمليات قواته في جميع أنحاء أوكرانيا، وسط دعم غربي، عسكري وسياسي، للحكومة الأوكرانية.
بدوره أعلن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، تأييده “الغزو” الروسي، خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
واعتبر الأسد في بيان نشرته منصات “رئاسة الجمهورية” أن ما تقوم به روسيا هو “تصحيح للتاريخ، وإعادة للتوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفييتي”.
شهدت محافظات سورية عديدة مسيرات داعمة لـ”الغزو” الروسي لأوكرانيا حمل خلالها المشاركون أعلام روسيا وصورًا لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في حلب صابر الحلبي
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :