تحقيق: “تالون أنفيل” خلية أمريكية سرية حاربت تنظيم “الدولة” وقتلت مدنيين في سوريا
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تحقيق صادر الأحد 12 من كانون الأول، عن خلية قتالية أمريكية سرّية للغاية، قاتلت تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا، وقتلت العديد من المدنيين.
ما تفاصيل العمل؟
عملت الوحدة القتالية باسم “تالون أنفيل” (Talon Anvil) بين عامي 2014 و2019، وضمّت نحو 20 شخصًا يعملون من غرف مجهولة مزدحمة بشاشات مسطّحة لعبت دورًا كبيرًا في إطلاق 112 ألف قنبلة وصاروخ ضد تنظيم “الدولة”، بحسب الصحيفة.
لم تكن الخلية موجودة بشكل رسمي، وكل ما فعلته كان سرّيًا للغاية، وجُمعت تحركات الخلية من أوصاف تقارير سرّية للغاية، ومقابلات مع أفراد عسكريين حاليين وسابقين تفاعلوا مع الخلية، وتحدثوا عنها بشرط عدم ذكر أسمائهم.
وتم تشغيل الخلية الهجومية من قبل وحدة عمليات خاصة سرّية تسمى “فرقة العمل 9″، التي أشرفت على الهجوم البري في سوريا، وكانت لها مهام متعددة، ودرّبت “القبعات الخضراء” التابعة للقوات السورية الكردية والعربية المتحالفة.
وعملت من مساحات مكتبية بسيطة، أولًا في أربيل، العراق، ثم مع تقدم الحرب، عملت في سوريا، بمصنع أسمنت مغلق في الشمال، وفي مجمّع سكني بالقرب من الحدود العراقية يسمى “القرية الخضراء”.
واستخدمت الخلية نصائح من القوات البرية المتحالفة، واعتراضات إلكترونية سرّية، وكاميرات الطائرات من دون طيار وغيرها من المعلومات للعثور على أهداف العدو، ثم ضربها بذخائر من طائرات دون طيار أو بضربات من طائرات التحالف الأخرى، كما نسّقت الدعم الجوي للقوات الكردية والعربية المتحالفة التي تقاتل على الأرض.
ونقلت الصحيفة عن أشخاص عملوا مع الخلية قولهم، إنها تحايلت على القواعد المفروضة لحماية غير المقاتلين، وأزعجت شركاءها في الجيش ووكالة المخابرات المركزية، بقتل الأشخاص الذين لم يكن لهم دور في النزاع، وهم مزارعون يحاولون جني المحاصيل، وأطفال في الشوارع، وعائلات تفر من القتال، وقرويون يحتمون بالمباني، بحسب الصحفية.
اقرأ أيضًا: أمريكا تقتل مدنيين في سوريا.. تحقيقات دون اعتراف ولا تعويض
ضربات “سيئة”
وقال ضابط سابق في القوات الجوية عمل بمئات المهمات السرّية في الخلية بين عامي 2016 و2018، إنهم “كانوا فعّالين وجيدين في وظائفهم بلا رحمة، لكنهم قاموا أيضًا بالعديد من الضربات السيئة”.
وأضاف أنه أخطر مركز عمليات القوات الجوية الرئيس في المنطقة بالخسائر في صفوف المدنيين عدة مرات، بما في ذلك بعد غارة في آذار 2017، عندما أسقطت الخلية قنبلة بوزن 500 رطل (نحو 227 كيلوغرامًا) على مبنى كان يحتمي به حوالي 50 شخصًا، لكن القادة بدوا مترددين في التدقيق بخلية هجومية كانت تقود الهجوم في ساحة المعركة.
ووفقًا للصحيفة، قال أربعة مسؤولين عسكريين حاليين وسابقين، إن أغلبية الضربات لم تصدر بأوامر من كبار القادة، ولكن من قبل “كوماندوز” قوة “دلتا” بالجيش الأمريكي منخفضة الرتبة نسبيًا في الخلية.
وأضاف المسؤولون أن شركاء الخلية دقوا ناقوس الخطر مع تصاعد الضربات “السيئة”، ورفض الطيارون فوق سوريا في بعض الأحيان إلقاء القنابل، لأن الخلية أرادت ضرب أهداف مشكوك بها في مناطق مكتظة بالسكان.
واشتكى كبار ضباط وكالة المخابرات المركزية لقادة العمليات الخاصة من النمط المزعج للضربات، وجادلت فرق القوات الجوية التي تقوم بعمل استخباراتي مع الخلية عبر هاتف آمن يُعرف بـ”الخط الأحمر”.
ورفض بعض الأعضاء في بعض الأحيان المشاركة في ضربات تستهدف أشخاصًا لا يبدو أنهم يشاركون في القتال، حتى داخل الخلية.
من جهته، قال المستشار السابق في “البنتاغون” ووزارة الخارجية، والذي كان أحد معدّي تقرير وزارة الدفاع لعام 2018 حول الأضرار المدنية، لاري لويس، إن معدل الخسائر المدنية في سوريا زاد بشكل كبير في كل عام كانت الخلية تعمل فيه.
وأضاف لويس، الذي اطلع على بيانات الخسائر المدنية السرية لـ”البنتاغون” في سوريا، أن معدل الخسائر المدنية كان عشرة أضعاف خسائر العمليات المماثلة التي تعقبها في أفغانستان.
هجمات أمريكية قتلت مدنيين
وتواجه وزارة الدفاع الأمريكية والقوات الأمريكية المحاربة في سوريا، دعوى قضائية واتهامات بإخفاء معلومات عن قتل مدنيين في سوريا في أثناء الغارات الأمريكية على تنظيم “الدولة”.
رفع “الراديو الوطني العام” الأمريكي (NPR) دعوى قضائية ضد وزارة الدفاع الأمريكية، لإجبارها على إصدار وثائق تتعلق بسقوط ضحايا مدنيين محتملين خلال الغارة العسكرية في تشرين الأول 2019 في سوريا، والتي أسفرت عن مقتل زعيم التنظيم، “أبو بكر البغدادي”.
ولم تقدم أمريكا أي تعويض لأسر الضحايا عن الضرر الذي تسببت به خلال ضرباتها في السنوات الماضية.
وفي 4 من كانون الأول الحالي، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية مسؤوليتها عن احتمالية إصابة مدنيين عبر الغارة الجوية التي نفذتها طائرة مسيّرة من طراز MQ-9″”، مستهدفة قياديًا في “القاعدة”.
ولم يكن الاستهداف الذي تسببت به المسيّرة هو الأول أو الأخير من الاستهدافات التي طالت المدنيين في سوريا.
واعترفت القيادة المركزية الأمريكية، في أيار 2015، للمرة الأولى بسقوط ضحايا مدنيين نتيجة ضرباتها التي تسببت بمقتل طفلين وإصابة مواطنين “عن طريق الخطأ” في حارم بإدلب، في تشرين الأول 2014.
وفي 13 من تشرين الثاني الماضي، كشف تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إخفاء الولايات المتحدة الأمريكية ضربة جوية في سوريا عام 2019، أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين، خلال حرب التحالف الدولي ضد التنظيم في بلدة الباغوز شرقي سوريا.
اقرأ أيضًا: إذاعة أمريكية تقاضي البنتاغون حول معلومات عن مقتل مدنيين بغارة استهدفت البغدادي
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :