مستشفيات الرقة الخاصة.. أسعار “جنونية” وخدمات متواضعة
عنب بلدي- الرقة
بدا مصطفى المحمود (33 عامًا)، من سكان حي المشلب بمدينة الرقة شمال شرقي سوريا، ملهوفًا وهو ينتظر أحد إخوته على باب مستشفى “الفرات” الخاص، إذ أرسله لإحضار نقود بعد أن فاقت فاتورة المستشفى قيمة النقود الذي يحملها بحوزته.
لم يكن الشاب الثلاثيني راضيًا عن قيمة الفاتورة لقاء مبيت أحد أطفاله في المستشفى لثلاثة أيام، بعد أن وصفها بـ”الجنونية” مقارنة بالخدمات والمستوى المعيشي لسكان مدينة الرقة.
يشكو ذوو مرضى في مدينة الرقة، تحدثوا لعنب بلدي، من ارتفاع في فواتير المستشفيات الخاصة بالمدينة، وعدم تحديد سقف لتلك الأجور، ليصبح الأمر متروكًا لإدارة تلك المستشفيات بتحديد قيمة الفواتير.
وقال مصطفى لعنب بلدي، إنه اضطر إلى القبول بقيمة فاتورة المستشفى البالغة 298 ألف ليرة سورية (85 دولارًا)، وهي فقط قيمة المبيت داخل الحاضنة لابنه الرضيع ذي الـ20 يومًا.
الغلاء في كل المستشفيات الخاصة
لا يقتصر ارتفاع الفواتير على مستشفى أو اثنين، إنما هو ظاهرة عامة في كل مستشفيات المدينة الخاصة.
ويوجد في الرقة 26 موقعًا طبيًا، موزعة بين المستشفيات والمستوصفات، منها ثلاثة مستشفيات عامة تقدم خدماتها بالمجان، هي مستشفى “الكبير العام الوطني”، ومستشفى “الهلال الأحمر”، الذي يقدّم خدمات علاج الأطفال وفيه قسم حواضن وعيادات نسائية وولادة، وتدعمه في الوقت الحالي منظمة إيطالية، بالإضافة إلى مستشفى “التوليد العام” قرب دوار “النعيم” في المدينة.
كما توجد مستوصفات طبية، منها مستوصف “المشلب” الذي تموّله منظمة “أطباء بلا حدود”، وكذلك مستوصف مدعوم من قبل منظمة “بهار” بالقرب من مركز الاتحاد النسائي سابقًا، ومستوصف “الرشيد” بحي مفرق الجزرة غربي الرقة، و”العيادات الشاملة”، الذي يُستخدم في الوقت الحالي لعلاج مصابي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وكذلك مستوصفات بالريف الغربي والشرقي والشمالي للمدينة، ومستوصف “الدرعية”، ومستوصفات أخرى قليلة.
ويفضّل بعض السكان التوجه للمستشفيات العامة والمراكز الطبية التي تقدم خدماتها مجانًا على تحمل النفقات المادية في المستشفيات الخاصة، ويعانون مشقة الانتظار من أجل الحصول على دور في قسم المعاينة، أو العمليات الجراحية، أو عمليات الولادة القيصرية.
سجّل محسن الدرويش (41 عامًا) لوالدته على عمل جراحي لإزالة المرارة في مستشفى “الرقة الوطني”، لتخبره إدارة المستشفى بأن دور والدته قد يستغرق بين 15 يومًا ونحو شهر.
وقال محسن الدرويش لعنب بلدي، إن الانتظار خلال هذه الفترة هو أفضل بكثير من دفع قيمة العملية للمستشفيات الخاصة، التي تتجاوز 700 ألف ليرة سورية (200 دولار)، على حد قوله.
ويطالب محسن الدرويش، مثل الأغلبية من ذوي المرضى في المدينة، القائمين على القطاع الصحي في “مجلس الرقة المدني” و”الإدارة الذاتية” العاملة في الرقة بوضع حد للأجور ومراقبة عمل المستشفيات الخاصة.
ويعود غلاء المستشفيات الخاصة لاعتبارات عدة، وفق ما قاله الطبيب حسين (50 عامًا) المختص بجراحة العظام في أحد المستشفيات الخاصة في الرقة لعنب بلدي.
وبحسب الطبيب، فإن غلاء التجهيزات الطبية وأجور العاملين داخل المستشفيات الخاصة سواء كانوا أطباء أو ممرضين أو مستخدمين هو السبب الأول لارتفاع فواتير خدماتها.
وأضاف الطبيب أن قلة المستشفيات الخاصة يسهم أيضًا في غياب روح المنافسة بينها، فلا تسعى أغلب تلك المستشفيات لخفض أسعارها.
ويعود تواضع الخدمات الصحية في القطاع الطبي العام إلى قلّة الدعم الدولي للقطاع الصحي في الرقة، وكذلك العدد المتزايد جدًا للنازحين من كل المناطق، خصوصًا محافظة دير الزور، بالإضافة إلى البيروقراطية بالعمل.
وتأثر القطاع الصحي بشكل سلبي في مدينة الرقة خلال سنوات النزاع المسلح، لكنه عاد للتعافي بعد سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على المدينة أواخر العام 2017، وما تبعه من تأسيس مؤسسات عدة تتبع لـ”الإدارة الذاتية” وتدير شؤون المدينة.
محاولة لضبط العمل الطبي
قال عضو في “لجنة الصحة” بـ”مجلس الرقة المدني” لعنب بلدي، إن اللجنة تدرس إصدار قرار يفرض على إدارات المستشفيات الخاصة وضع لوائح للفواتير يتم الالتزام بها.
وأضاف عضو اللجنة، الذي تحفظ على ذكر اسمه، أن أعضاء من “لجنة الصحة” وموفدين من المستشفيات الخاصة “سيقومون بتقييم الفواتير في المستشفيات، ووضع أسعار تتناسب مع الوضع المعيشي للسكان”.
وفي بداية تشرين الثاني الحالي، أعلنت “لجنة الصحة” في الرقة عن تأسيس “اتحاد الأطباء”، وقالت رئيسة اللجنة، زينة الحسن، إن من أهم أهداف الاتحاد “الارتقاء بمهنة الطب أخلاقيًا وعلميًا وإنسانيًا، والبحث لبناء مجتمع صحي من خلال نشر الوعي والثقافة للوقاية من الأمراض الصحية الموجودة في المجتمع”.
وأضافت رئيسة “اللجنة” أن الاتحاد يسعى إلى تأمين صحة مجانية لجميع أفراد المجتمع وعلى مستوى عالٍ، معتبرة أن هذه الأهداف كبيرة، والسعي لتحقيقها يتطلب خطوات كثيرة للوصول إلى المثالية في الخدمات الصحية.
وفرضت احتياجات السكان الطبية الكبيرة، خصوصًا في ظل انتشار فيروس “كورونا”، ضغوطًا على الكوادر الطبية في مدينة الرقة، كون أعداد العاملين في القطاع قليلة، ويفاقم ذلك صعوبات من ناحية التمويل وتوفير الأجهزة والمعدات النوعية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :