هل هي سياسة التهجير ؟
جريدة عنب بلدي – العدد 43 – الأحد – 16-12-2012
ما يجري الآن في مدينة حلب وعلى مدى عدة أشهر مضت، ربما يعيد إلى ذاكرتنا ما كان يحصل في العراق. حيث اتبعت الولايات المتحدة الأمريكية خلال حرب العراق عدة خطط كانت تهدف إلى تقسيم البلاد وإضعاف الدولة وفقًا لمخططات طائفية معينة حيث عمدت إلى تشويه صورة المجاهدين المقاومين لها في المدن المحتلة وذلك بارتكاب السرقات ونسبها إليهم بالإضافة إلى الضغط على المدن بالقصف العنيف ليفقد هؤلاء المجاهدون حاضنتهم الشعبية ويضطروا للخروج من المدن. كما عمدت إلى تهجير المثقفين والعقول وأصحاب رؤوس الأموال، وذلك بخطف عدد كبير منهم وطلب فدية كبيرة مما اضطرهم إلى الهرب، وبالمقابل كان إقليم أربيل يستقطب عددًا كبيرًا منهم بفرص عمل مغرية. حيث كانت كل هذه السياسات تهدف إلى تقسيم العراق، وجعلها دولة ضعيفة مدمرة، لا وجود للاستثمارات ورؤوس الأموال فيها.
أما في حلب، فالكم الكبير من اللصوص والشبيحة الذين سرقوا ونهبوا باسم الجيش الحر ثبت مع الوقت تورط معظمهم مع النظام إلى حد كبير، فمن قياداتهم من استلم مناطق محررة من الجيش الحر (مثل الليرمون حديثًا ومدينة عندان سابقًا) ثم سلمها للنظام، ومنهم من شوهد وهو خارج من فرع المخابرات الجوية ومنهم من أخر اقتحام الفوج 46 بالرغم من اهترائه، وذلك من أجل قبض مبالغ خيالية لإدخال الطعام للفوج وغيره من الخيانات.
فشلت هذه الطريقة في إفقاد الجيش الحر حاضنته الشعبية، حسبما أراد النظام، فلجأ إلى سياسة تهجير أصحاب رؤوس الأموال وأبناء الطبقات الراقية في المجتمع ممن كانوا يتعرضون في السابق لعمليات خطف كي يضطروا إلى مغادرة البلاد، إذ حدثت مؤخرًا حادثة جديدة من نوعها من الخطير جدا أن يكون النظام قد انتقل إليها ضمن استراتيجية التهجير، ألا وهي سياسة الاغتيالات
ففي يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، وفي حدود الساعة التاسعة مساء، استهدف مسلحون أربع رجال وهم خارجون من مطعم اللاروز في فندق البولمان، الواقع في أرقى أحياء مدينة حلب، وكان قد اعتاد هؤلاء الخروج يوميًا منه في ذلك التوقيت تحديدًا، فتوفي ثلاثة منهم وهم القاضي محمود البابي، والمهندس سامر كيالي، والقنصل الفخري للمغرب علاء كيالي، والشخص الرابع خالد القدسي بقي بحالة حرجة، مع العلم أنه لا يمكن الوصول إلى هذه المنطقة إلا بالمرور بعدة حواجز وأحد هذه الحواجز يبعد فقط عدة أمتار عن موقع الجريمة، مما يدل على تسهيل النظام لهؤلاء المسلحين تنفيذ العملية.
من الملفت أيضًا أن انقطاع الكهرباء الذي تعاني منه كافة الأحياء هو مركز وبشكل كبير على حي جمعية الجامعة، وهو أرقى حي سكني في حلب، فمنذ شهر تقريبًا لم ير هذا الحي الكهرباء إلا لعدة أيام، وانقطاع الكهرباء فيه بشكل مستمر قد يصل إلى أسبوعين متواصلين والسؤال الذي يطرح نفسه هنا وبقوة، هل يسعى هؤلاء لتكثيف الضغط على السكان لدفعهم للهجرة؟
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :