من أين تأتي.. هل يغيّر وصول الكهرباء شكل الحياة في إدلب

camera iconعمليات توصيل الكهرباء في مدينة سلقين شمالي إدلب من قبل عمال شركة - 17 حزيران 2021 (Green Energy)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – جنى العيسى

وصل التيار الكهربائي إلى مدينة إدلب وريفها، فور إعلان شركة “Green Energy” البدء بتغذية المدينة بالكهرباء، في أيار الماضي، بعد أن عانى أهالي المدينة سنوات طويلة من انقطاعها.

وبسبب تأخر وصولها هذه السنوات، لجأ المقيمون في المنطقة إلى حلول بديلة تأقلموا مع وجودها، إذ كان الاستغناء عن الأجهزة الكهربائية الأساسية في المنزل ضرورة يفرضها الواقع الموجود.

واليوم، فرضت الكهرباء المتاحة في المدينة خيارات للسكان، بين من يريد الاعتماد عليها أو الاستمرار في الوسائل البديلة التي قد تكون خيارًا أوفر بالنسبة لهم.

تخديم المنطقة ودعم الإنتاج

بدت نظرة محمد أبو النور، المقيم في مدينة إدلب، تفاؤلية، إذ شجعه وصول الكهرباء على التفكير بشراء العديد من الأجهزة الكهربائية الضرورية لمنزله، كالغسالة والبراد والمكواة.

واعتبر محمد أن وصول الكهرباء إلى المدينة يمكن أن يدعم الخدمات المحلية الأخرى في المنطقة، كوصول المياه إلى المنازل بسهولة أكبر مما كانت عليه في السابق.

لكنه يرى أن قرارات الحكومة بتوصيل الإنارة للطرقات ليست أولوية، وبرأيه فإن الاستفادة من الكهرباء لتوصيل المياه إلى المنازل مثلًا أفضل بكثير بالنسبة لأهالي المنطقة.

ويتشابه رأي محمد أبو النور مع رأي حسام زنرّة المقيم في مدينة إدلب، بالخدمة الجديدة، إذ سيستطيع حسام استعمال الأجهزة الكهربائية التي تحتاج إلى كميات من الكهرباء، كمصفف الشعر والغسالة والبراد والمروحة، والتي كان يستغني عنها عند اعتماده على خدمة “الأمبيرات” التي تُشغل الإنارة في المنزل فقط، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

ويعتقد حسام أن وصول الكهرباء سيوفر له في المستقبل استخدام الدراجات الكهربائية التي تعتمد على وجودها، والاستعاضة عن الدراجات النارية التي تعد وسيلة النقل الأولى في المنطقة.

أوس الزير، صاحب معمل خياطة في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، إن توصيل الكهرباء الصناعية إلى معمله وفّر عليه مصروف الكهرباء إلى أكثر من النصف، وهذا ما يجعله ممتنًا لوصولها إلى المدينة.

وأضاف أوس أن تكلفة تشغيل الماكينات في المعمل سابقًا كانت تصل إلى 5000 ليرة تركية شهريًا (تقترب من مليوني ليرة سورية) أما الآن فلا تتجاوز قيمة فواتير الكهرباء الشهرية التي يدفعها للمعمل مبلغ 1200 ليرة تركية (نحو نصف مليون ليرة سورية).

ونظرًا إلى وجود الكهرباء لساعات أطول زاد عدد ساعات العمل في المعمل، وأصبحت الإنتاجية الكبرى تسمح لأوس بالمنافسة في السوق.

من أين تأتي الكهرباء؟

أُسّست شركة “GREEN ENERGY” لإنشاء واستثمار مشاريع الطاقة الكهربائية بأشكالها كافة، في عام 2014، بمحافظة حلب باسم “GE POWER”، وفي عام 2019، اندمجت مع شركة “GREEN FUTUER” للاستثمار تحت اسم “GREEN ENERGY”.

ولا توجد الشركة في ريف حلب الشمالي أو الشرقي، حيث تتغذى تلك المناطق من قبل شركتين، هما “AK ENERGY” و”STE ENERGY”.

وتتلخص أعمال الشركة بثلاثة أنشطة رئيسة هي: إنشاء وتنفيذ مشاريع الطاقة الكهربائية، وصيانة البنى التحتية للشبكات والمحطات الكهربائية، واستثمار وتوزيع الطاقة الكهربائية، بحسب ما قاله المدير العام للشركة، عمر شقروق.

وكانت المؤسسة العامة للكهرباء في إدلب، التابعة لحكومة “الإنقاذ”، أعلنت الاتفاق مع شركة خاصة تركية، لاستجرار الكهرباء إلى المحافظة، في آذار 2020.

وذكرت المؤسسة حينها أنها وقّعت اتفاقًا، عبر إحدى الشركات السورية الخاصة، مع شركة تركية خاصة، لتزويد منطقة إدلب وريفها بالتيار الكهربائي.

وعملت تركيا خلال السنوات الماضية على إيصال خدمات حيوية وإقامة مشاريع استثمارية، خاصة في ريف حلب الشمالي، أبرزها الكهرباء، عبر شركات خاصة تدخل باستثماراتها في المنطقة، مستفيدة من التسهيلات الحكومية.

ألواح الطاقة أوفر

على عكس الآراء السابقة، اختار عبد الله النجار، من سكان مدينة إدلب، البقاء معتمدًا على الحلول البديلة لتوليد الكهرباء في منزله، نظرًا إلى تكلفتها التي تعتبر أوفر من رسوم الاشتراك بعدادات الكهرباء الجديدة.

وأوضح عبد الله، في حديث إلى عنب بلدي، أنه يملك بطاريتين من الحجم الكبير، وثلاثة ألواح من الطاقة الشمسية، وهي تكفيه لاستخدام كامل الأجهزة الكهربائية التي يريد تشغيلها، نظرًا إلى مخزون البطاريات الجيد الذي يملكه.

ولكن وجود الكهرباء في المدينة ككل قد يسهل الحياة نوعًا ما، وقد يُغري عبد الله ليشترك بها اشتراكًا مؤقتًا خلال فصل الشتاء، الذي تقل إمكانية شحن الألواح فيه في ظل غياب أشعة الشمس فترات أطول، على حد قوله.

وكان عبد الله يعتمد على البنزين في فصول الشتاء السابقة لتشغيل المولدات، وتوصيل الكهرباء إلى المنزل لساعات محددة.

معظم الأهالي في إدلب يعتمدون كليًا على ألواح الطاقة الشمسية كمصدر رئيس للطاقة الكهربائية في فصل الصيف.

وتقدر تكلفة المعدات لهذه الآلية بنحو 500 دولار تقريبًا، إذ يلزمها عدد من ألواح الطاقة الشمسية، وبطاريات، ورافع جهد كهربائي (إنفرتر)، يُحوّل التيار المستمر المنتَج من ألواح الطاقة الشمسية والمخزن في البطاريات إلى تيار متناوب بقوة 220 فولتًا، مناسب لتشغيل الأجهزة الكهربائية المنزلية.

وتختلف أسعار ألواح الطاقة بحسب نوعيتها وجودتها، إذ يبلغ الحد الأدنى لسعر اللوح الحديث غير المستعمل حوالي 80 دولارًا، بينما يصل سعر اللوح المستعمل إلى 38 دولارًا، واللوح المستعمل الأوروبي إلى 50 دولارًا تقريبًا، ويحتاج المنزل الواحد كحد أدنى إلى لوحي طاقة لشحن البطاريات وتشغيل الإنارة.

ما خطة الشركة؟

المدير العام لشركة “GREEN ENERGY”، عمر شقروق، أوضح في حديث سابق إلى عنب بلدي، أن خطة الشركة هي الوصول إلى كل المناطق في إدلب ولكن بالتدريج، ولذلك ستبدأ الشركة بالمناطق ذات الكثافة السكانية الكبرى والقريبة من محطات التحويل، وهي مدن إدلب وسلقين والدانا وسرمدا.

وعند الانتهاء من تغذية هذه المدن ستنتقل إلى البلدات والمدن الأخرى، حتى تصل إلى كل البلدات بما فيها منطقة جبل الزاوية وجسر الشغور والمناطق على خطوط التماس مع مناطق سيطرة النظام السوري.

وأضاف شقروق أنه لا بد للمواطن من شراء ساعة كهرباء جديدة (عدّاد مسبق الدفع)، إذ يوجد نوعان من العدّادات، أحادية الطور وثلاثية الطور.

ويبلغ سعر العدّاد الأحادي الطور 350 ليرة تركية ورسم الاشتراك 100 ليرة، أمّا العدّاد الثلاثي الطور فسيكون ثمنه 900 ليرة ورسم الاشتراك 400 ليرة.

ويبلغ سعر الكيلو واط المنزلي 90 قرشًا، أما سعر الكيلو واط التجاري أو الصناعي فسيكون ليرة تركية واحدة.

وتقابل الليرة التركية 350 ليرة سورية وسطيًا، بينما يقابل الدولار 3200 ليرة، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات.

الخدمات المحلية نقمة على الأهالي؟

عبد الله النجار، المقيم في إدلب، اعتبر أن دخول أي خدمات جديدة إلى المدينة كالكهرباء وغيرها، يترافق عادة مع ارتفاع تكلفة المعيشة في عموم الخدمات بالمنطقة، واستغلال الخدمات الحديثة لرفع الأسعار، وأول القطاعات المتأثرة إيجارات المنازل والمحال التي يلحقها نوع من التطور بالخدمات المقدمة.

وحول أثر وصول الكهرباء إلى المدينة، أكد عبد الله أن أسعار الأجهزة الكهربائية ارتفعت بشكل ملحوظ، قبل أن يزداد الإقبال على شرائها، الأمر الذي يعتبره من لا يريد توصيل الكهرباء إلى منزله نقمة على حياته وليست نعمة.


شارك في إعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في مدينة إدلب أنس الخولي

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة