ابتزاز مادي ومعنوي لموظفي المنظمات الإغاثية والمدنية في الرقة
الرقة – حسام العمر
قبل لؤي تقاسم راتبه في إحدى المنظمات الإغاثية بالرقة، خلال الأشهر الثلاثة الأولى، مع الشخص الذي “أمّن” له وظيفته.
ودفع لؤي القاسم (30 عامًا) مبلغ 300 دولار أمريكي على ثلاثة أشهر، وقال لعنب بلدي، إنه اضطر لدفع نصف راتبه للحصول على الوظيفة، بعد أن طلب منه شخص مرتبط بالمنظمة ذلك مقابل عقد عمل لمدة ستة أشهر.
وصف لؤي الحصول على وظيفة في المنظمات بـ”الحلم” لكل شباب الرقة، نظرًا إلى الدخل المرتفع الذي تقدمه بالمقارنة مع الوظائف في “الإدارة الذاتية” أو سوق العمل الحرة.
وتقاضى لؤي راتبًا شهريًا بلغ 600 دولار، خلال فترة عقده في المنظمة، التي عمل فيها مديرًا لقسم الموارد البشرية، ينظم المتطوعين والعاملين فيها.
حالة لؤي لم تكن فريدة، إذ يتعرض موظفون أو متقدمون على الوظائف في المنظمات الإغاثية لأوجه متعددة من الابتزاز من قبل المسؤولين فيها أو مديري مكاتبها أو أشخاص مرتبطين بهم.
“ابتزاز معنوي” لجهود المتطوعين
يتركز عمل المنظمات الإغاثية والمجتمعية في الرقة على تقديم المعونات الإغاثية لبعض أحياء المدينة، أو إقامة النشاطات الاجتماعية والثقافية.
ولا تقتصر الشكاوى على تعامل المنظمات عند التوظيف واقتطاع أجزاء من الراتب، إنما قد تتجاوز ذلك لتصل إلى إنكار جهود المتطوعين.
تقدمت فضيلة حسين (30 عامًا) للعمل التطوعي لدى منظمة مجتمعية في الرقة، وقالت إنها حصلت على وعد بإجراء عقد مدفوع البدل في حال حصول المنظمة على دعم من جهات خارجية.
فضيلة قالت لعنب بلدي، إنها “تفاجأت” بعد انتهاء فترة العمل التطوعي، التي تمحورت حول توزيع مناشير وإرشاد السكان لاتباع الإرشادات الخاصة بالوقاية من فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، بتعيين أشخاص “أغلبيتهم” لم يكونوا ضمن المتطوعين السابقين.
وعندما راجعت فضيلة مكتب المنظمة لم تلقَ إلا “التهكم والاستهزاء” من مدير المنظمة، الذي طلب منها “نسيان عنوان المنظمة”، على حد قولها.
وتواصلت عنب بلدي مع أحد أعضاء “لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل” في “مجلس الرقة المدني”، وهي المؤسسة المعنية بتنظيم عمل المنظمات في الرقة.
قال عضو اللجنة، إن طريقة عمل المنظمة وتعيين الموظفين فيها هي “شؤون داخلية” للمنظمات ولا يمكن للجنة التدخل فيها.
وأضاف عضو اللجنة، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأنه لا يملك تصريحًا للحديث إلى الإعلام، أن شروط التعاقد بين “لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل” والمنظمات، هي بمثابة “دستور عمل”، يسمح للجنة بإيقاف عمل المنظمة في حال الإخلال به.
تهم بالتزوير والفساد
تتعرض المنظمات العاملة بالمجال الإنساني غالبًا لتهم التزوير والفساد وسوء الإدارة فيما يتعلق بأموال المتبرعين، ولا تختلف الحال في الرقة عن غيرها.
المحاسب السابق بإحدى المنظمات المعنية بدعم المشاريع الصغيرة في الرقة صبري العلي، قال إنه اضطر لترك العمل في المنظمة بسبب التزوير “الهائل” في فواتير المشاريع التي كانت تديرها وتنفذها، قبل أن ينتقل للعمل لمصلحة منظمة أخرى.
أضاف صبري أنه واجه مديره مرارًا بسبب طلب تزوير الفواتير، ووضع أسعار للأجهزة والأدوات المقدمة للمشاريع بقيم لا تتناسب مع سعرها الحقيقي في السوق.
ويرى المحاسب أن القائمين على المنظمات “يبتزون” موظفيهم عن طريق تقديم الرواتب المغرية مقابل التكتم على الفساد أو المشاركة به.
شروط التعاقد في المنظمات تتضمن خطة عمل المنظمة وطبيعة عملها، والأحياء التي تستهدفها في حال توزيع المساعدات، مع إيضاح جهات الدعم الخارجي.
وتفتقد هيكلية “مجلس الرقة المدني” التنظيمية لجهاز رقابي يتابع شؤون المنظمات ويدقق في مشاريعها، باستثناء العقد الذي يوقع بين “المجلس” والمنظمة، وفقًا لما ذكره عضو “لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل”.
وتتناقل صفحات محلية في الرقة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بشكل مستمر شكاوى لسكان المدينة عن فساد المنظمات، وازدواجية العمل، والتأخر في توزيع الإعانات الإغاثية التي تقدم للعوائل الفقيرة.
ويتجاوز عدد المنظمات العاملة في الرقة 110 منظمات، مسجلة رسميًا لدى “مكتب المنظمات” في “مجلس الرقة المدني”، المسؤول عن منح تراخيص العمل والتنسيق.
ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، توجد في مدينة الرقة التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” 33 منظمة مدنية، منها خمس تابعة للأمم المتحدة، و21 منظمة غير حكومية، واثنتان تابعتان لحكومة النظام السوري.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :