تقرير: الاستثمار في الصحة النفسية أمر بالغ الأهمية لإعادة بناء سوريا
أصدرت “الجمعية الطبية السورية الأمريكية” (سامز) تقريرًا حول الدعم النفسي الذي يحتاج إليه الأطفال والمراهقون السوريون المتأثرون بسبب النزاع.
وبحسب التقرير، الصادر اليوم الثلاثاء 25 من أيار، يحتاج حوالي 7.5 مليون طفل ومراهق سوري إلى الدعم حاليًا، إذ تظهر على أكثر من نصفهم علامات الاضطراب النفسي والعاطفي.
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من أن العديد من اللاجئين يظهرون مرونة هائلة في مواجهة التحديات، يوجد عدد كبير جدًا من الأطفال يعانون من اضطرابات كبيرة في نشأتهم، إذا تُركت دون علاج.
ويمكن أن تتسبب هذه الاضطرابات بمشكلات عقلية وعاطفية وفسيولوجية تتبعهم طوال حياتهم، إذ يعد توفير خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي (MHPSS) للأفراد الأصغر سنًا جزءًا مهمًا من التعافي الطويل الأمد للجيل القادم في سوريا، وفق ما ذكره التقرير.
ومن بين خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي المتاحة حاليًا للشباب السوريين، يركز معظمها على المشكلات النفسية الناتجة عن عقد من الصراع، مثل الحزن واضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والقلق.
وتركز الخدمات الأخرى على القضايا الخاصة بالحياة في بيئة إنسانية من خلال معالجة اضطرابات التعليم وأنظمة الدعم الاجتماعي وفرص التطور.
وأكد التقرير أن هذه خدمات بالغة الأهمية، ولا شك في أهمية تنفيذ هذه البرامج وتأثيرها الواسع على المستفيدين. ومع ذلك، فإن احتياجات الصحة النفسية للسوريين تشمل أكثر بكثير من الأعراض الناتجة عن الحرب.
فالأمراض العقلية لم تبدأ فقط منذ عام 2011، أي منذ بداية الصراع في سوريا، بل دخل عدد من السوريين في الأزمة مع اضطرابات موجودة مسبقًا، مثل الاكتئاب السريري، واضطراب ثنائي القطب، والفصام، إضافة إلى حالات أخرى.
كما تشمل أيضًا أولئك الذين ولدوا بإعاقات ذهنية أو في النمو تؤثر على قدرتهم على التعلم أو التفكير بمنطقية وحل المشكلات والتكيف مع المواقف الجديدة.
أحد الأمثلة على هذه الاضطرابات هو اضطراب “طيف التوحد” (ASD)، الذي يؤثر على واحد من كل 270 شخصًا، بحسب منظمة الصحة العالمية، ويمكن أن يتأثر الأطفال المصابون باضطراب “طيف التوحد” بالحرب بطرق غير متناسبة، لأنهم غالبًا ما يكون لديهم تواصل محدود، ونقص في اللغة التعبيرية، وصعوبة التكيف مع التحولات.
في حالات الصراع والأزمات، الأطفال الذين يعانون من اضطراب “طيف التوحد” قد يستجيبون لهذه الأزمات عبر الانطوائية والانغلاق على أنفسهم بشكل أكبر، أو أن يصبحوا عدوانيين بشكل متزايد، ما يفاقم وطأة المرض، إذ غالبًا ما يحتاج الأطفال المصابون بالتوحد إلى رعاية خاصة ودعم إضافي لمساعدتهم على معالجة الموقف والتعامل مع العديد من التغييرات والشكوك التي يواجهونها، حسب التقرير.
“اضطراب ما بعد الصدمة” حالة شائعة بين السوريين
قال تقرير لموقع “تنسيق الشؤون الإغاثة الإنسانية في سوريا” (Syria Relief)، إن 99% من النازحين داخليًا في إدلب شمال غربي سوريا يعانون من أعراض “اضطراب ما بعد الصدمة” (PTSD).
وذكر التقرير، المنشور في 1 من آذار الماضي، أن 74% من اللاجئين السوريين في لبنان، و76% من اللاجئين السوريين في تركيا، يعانون أيضًا من أعراض الاضطراب.
وبحسب التقرير المعنوَن بـ”الدمار الذي لا يمكنك رؤيته”، فإن 88% من المستجيبين للدراسة الاستقصائية الذين بلغوا 721 من مواقع مختلفة في إدلب (سوريا)، وسهل البقاع (لبنان)، واسطنبول وهاتاي وغازي عينتاب وكلّس (تركيا)، لديهم أعراض متوافقة مع “اضطراب ما بعد الصدمة”.
ففي إدلب، شملت الدراسة 393 شخصًا ظهرت عليهم أعراض “اضطراب ما بعد الصدمة”، باستثناء اثنين، أي بنسبة 99%.
ومن بين الأعراض الـ15 المحتملة للاضطراب، عانى 42% من الأشخاص المشمولين بالدراسة من حادثة واحدة على الأقل تهدد حياتهم، إذ ظهرت لديهم عشرة أو أكثر من أعراض الاضطراب الأخرى.
وحول إمكانية وجود دعم صحي نفسي، ذكر التقرير أنه عندما يتعلق الأمر بتحليل النسبة المئوية للأشخاص الذين يعتقدون أن هناك دعمًا للصحة العقلية متاحًا لهم، أفاد اللاجئون في تركيا بأنهم يتمتعون بوصول أفضل إلى خدمات الصحة العقلية، حيث قال 64% من الأشخاص، إن هناك بعض خدمات الصحة العقلية متاحة لهم.
أما في لبنان، فيعتقد 15% فقط من اللاجئين أن هناك دعمًا متاحًا في مجال الصحة النفسية، بينما خلصت الدراسة إلى أن 1% فقط من النازحين في الداخل السوري يعتقدون أن هناك دعمًا صحيًا متاحًا لهم.
وأوضح التقرير أن الأطفال تحت 18 عامًا الذين ما زالوا يعيشون منذ ولادتهم في منطقة حرب نشطة، هم أكثر عُرضة للإصابة بأعراض “اضطراب ما بعد الصدمة” من الأطفال اللاجئين والبعيدين عن الحرب.
إذ بلغت نسبة 100% ممن هم دون سن 18 عامًا في إدلب ممن يعانون من أعراض الاضطراب، وذلك مقارنة بـ60% في لبنان و69% في تركيا.
وقال مؤلف التقرير ورئيس الاتصالات والمناصرة في “سوريا للإغاثة”، تشارلز لولي، إنه “عندما طُلب منك تخيل الأضرار التي سببتها الحرب، فإن الصور التي تتبادر إلى الذهن عادة ما تكون مباني مدمرة، وجدرانًا مغطاة بثقوب الرصاص، وأشخاصًا يفرون من البلدات والمدن المحترقة”.
وأضاف أنه على مدى السنوات العشر الماضية، كانت سوريا مرادفة لهذه الأمثلة والأضرار الملموسة، ومع ذلك، بعد صمت البنادق والقنابل وترميم المباني، لا يزال هناك ضرر دائم من الصراع الذي نادرًا ما يجري إصلاحه بشكل مناسب لأنه غير مرئي، وهو الندوب العقلية للحرب في أذهان الأشخاص الذين تحملوا القتال الوحشي.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :