د. أكرم خولاني
كثيرًا ما يتعرض الصغار لنزيف مفاجئ من الأنف، وهو ما يعرف بـالرعاف، وعادة ما تصاب الأم بالارتباك والذعر من مشاهدة الدماء تسيل من أنف ابنها فجأة، مع أن الحالة غالبًا ما تكون غير خطيرة، ويزيد خوفها عدم معرفتها بطريقة التعامل مع هذه الحالة.
ما المقصود بالرعاف؟
هو سيلان الدم من فتحة واحدة أو من فتحتي الأنف، ويحدث إمّا نتيجة سبب معين أو عفويًا، ويكثر حدوثه لدى الأطفال من عمر سنتين إلى عشر سنوات، وله نوعان:
رعاف أمامي؛ أي من الجزء الأمامي من الأنف من الحاجز الذي يفصل بين فتحتي الأنف (ما يسمى الوترة) حيث توجد الكثير من الأوعية الدموية الغزيرة والسطحية في هذا الجزء، وأي رض خفيف يمكن أن تجعلها تنزف. وهو الشكل الأكثر مشاهدة.
رعاف خلفي؛ أي من الجزء الخلفي من الأنف، وهو صعب العلاج ولكنه قليل الحدوث.
ما أسباب الرعاف عند الأطفال؟
هناك ثلاث حالات للرعاف تصنف حسب السبب:
1- الحالة الأولى هي الرعاف السليم: وهو لا يخيف، إذ ليس وراءه أي نوع من الأمراض، وهو أكثر أنواع الرعاف التي تحصل عند الأطفال، يكون أماميًا عادة، وقد يحدث بشكل عفوي دون سابق إنذار، كما أن التعرض لهواء جاف أو لأشعة الشمس يزيدان من احتمال حدوثه لما يسببانه من جفاف في الغشاء المخاطي المبطن للأنف، كذلك إذا تعرض الطفل لجهد زائد، أو عند العطاس أو السعال، ويكون النزف بسيطًا، ويتوقف بسهولة عند الضغط لدقائق على الأنف والرأس متجه للأسفل، قد يكون هناك استعداد عائلي لهذا النوع من الرعاف، وقد يتكرر حتى سن البلوغ حيث يشفى في أكثر الحالات.
2- الحالة الثانية هي الرعاف الذي ينتج من أسباب موضعية في الأنف ولها أسباب:
إمّا رض على الوجه أو رض على الأنف، كما يحدث عندما يتم تنظيف الأنف بالإصبع بطريقة عنيفة وراضة، أو عند سقوط الطفل على وجهه، أو إدخاله جسمًا غريبًا في أنفه، وعادة ما يكون النزف بسيطًا ويتوقف بسهولة، أما إذا كان شديدًا فيحتاج مراجعة الطبيب.
الرشح البسيط أو التهاب الأنف واحتقانه؛ وهنا تشاهد مشحات دموية بسيطة بشكل عابر.
التهاب الجيوب الأنفية وحساسية الأنف؛ تؤدي إلى تراكم الإفرازات مع تكوين قشور، كما تسبب ضعفًا بالأوعية والشعيرات الدموية في الغشاء المبطن للأنف.
الورم الليفي الأنفي البلعومي؛ يسبب انسدادًا تدريجيًا متزايدًا في أنف واحد، ورعافًا متكررًا، وقد يكون شديدًا، وهو مرض وراثي يصيب الذكور بشكل أكبر من عمر الـ 10 إلى 18 سنة، ويعالج بالجراحة.
3- الحالة الثالثة هي الرعاف الذي ينجم عن أمراض عامة في الجسم؛ كاضطرابات تخثر الدم، أو الناعور، واللوكيميا، أو أمراض القصور الكبدي، أو نقص الصفائح الدموية، أو ارتفاع ضغط الدم، أو وجود ورم ليفي في الأنف، أو نقص فيتامين C أو فيتامين K، أو تناول أدوية تزيد من سيولة الدم كالأسبرين.
ماذا نفعل إذا أصيب الطفل بالرعاف فجأة؟
- التصرف بهدوء والحفاظ على الطفل هادئًا، لأن البكاء يزيد من النزف.
- تنظيف الأنف بلطف ومرة واحدة إمّا بسيروم فيزيولوجي أو بالماء النظيف.
- ترك الطفل واقفًا أو إجلاسه مع بقائه قائمًا، ورأسه منحن للأمام (وليس للخلف كما هو شائع خطأ) أي كأنه ينظر إلى الأرض.
- في هذه الأثناء نضغط على جانبي الأنف بالأصابع بقوة متوسطة ولمدة تتراوح بين 5-10 دقائق في المنطقة الوسطى للأنف عند التقاء عظم الأنف بغضروف الأنف، ونطلب من الطفل أن يتنفس من فمه.
- وضع كمادات باردة على مؤخرة الرقبة وعلى الأنف والجبين، وهذا يدعم تأثير الضغط على الأوعية الدموية؛ إذ تعمل البرودة على قبض الأوعية الدموية الصغيرة وبالتالي يتوقف النزف.
- يمكن وضع نقط من مادة مقبضة للأوعية الدموية في حال توفرها.
- يتم إرخاء الضغط على جانبي الأنف تدريجيًا بعد مرور بضعة دقائق، وفي معظم الحالات يتوقف النزف خلال دقائق قليلة تلقائيًا.
متى يجب نقل المصاب بالرعاف إلى المشفى؟
إذا لم تتم السيطرة على النزف منزليًا واستمر لأكثر من 15 دقيقة رغم تطبيق العلاج الإسعافي للرعاف، أو إذا ترافق الرعاف مع شحوب الطفل وتعرقه وتسرع نبضه وضعفه. وهنا قد يحتاج الطفل لدك الأنف الأمامي أو الخلفي (وضع قطع شاش أو بالون خاص داخل الأنف) ويترك لمدة يومين قبل نزعه من قبل الطبيب.
ما الحالات التي تستوجب مراجعة الطبيب؟
إذا كان الرعاف شديدًا يجب أن يعرض الأهل طفلهم على الطبيب فور توقف النزف أو في غضون الأيام التالية للإصابة به على الأكثر ليستطيع الطبيب التحقق مما إذا كان هذا النزيف الشديد يرجع إلى أسباب أخرى أكثر خطورة.
كذلك يجب مراجعة الطبيب في حالات الرعاف المرافق للصداع والإقياء أو الرعاف المتكرر ولو كان بسيطًا.
ويمكن أن يجري الطبيب بعض التحاليل الدموية حسبما توحي به القصة المرضية وفحص الطفل (تعداد دم كامل، وظائف كبد، زمن نزف وتخثر…)، فإذا تبين أن الرعاف بسيط دون مرض يسببه لكنه متكرر قد يلجأ إلى تخثير الأوعية الدموية التي تنزف باستخدام مواد خاصة أو بالكهرباء، أما إذا تبين أن الرعاف ناجم عن مرض ما فيكون العلاج النهائي بعلاج المرض المسبب.
كيف يمكن الوقاية من الرعاف البسيط المتكرر؟
بتعليم الطفل عدم نكش أنفه بواسطة إصبعه بل يجب أن يتم تنظيفه بالماء وبلطف.
ترطيب الجو حول الطفل، واستخدام المحلول الملحي للتخلص من جفاف الأنف لدى الأطفال الذين يكونون بحاجة لذلك.
استخدام الفازلين أو زيت الغليسرين لتدليك الأنف من الداخل بشكل دوري.