توقيف منح الموافقات الأمنية يعرقل نقل الملكية العقارية في حلب
“منذ حوالي أسبوعين، صار هناك تدقيق وإيقاف منح الموافقات الأمنية لبعض الأشخاص، مثل المتخلفين عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياط، كذلك الأشخاص الذين توجد بحقهم أحكام سابقة، وخاصة أقارب عناصر المعارضة المسلحة من الذين بقوا في حلب”، بحسب ما قاله “جواد”، وهو اسم مستعار لصاحب مكتب عقاري في حي الإذاعة بمدينة حلب، لعنب بلدي.
ويعاني الراغبون بنقل ملكيتهم العقارية في محافظة حلب شمالي سوريا من شرط الحصول على الموافقة الأمنية، الذي لم يعد يتحقق في الفترة الأخيرة إلا نادرًا، وفق “جواد” الذي قال إنه “على الرغم من أن الموافقات الأمنية كانت تُمنح بشكل مستمر، فقد توقفت بشكل شبه نهائي هذه الفترة”.
في عام 2015، أصدرت حكومة النظام السوري التعميم رقم “4554” لوزارة الإدارة المحلية، الذي يقضي بإضافة البيوع العقارية وعمليات إيجار و”فراغ” المنازل والمحال إلى القضايا التي تستوجب الحصول على موافقة أمنية مسبقة من الجهات المختصة، وهو الأمر الذي أضاف أعباء على المواطنين، وحد من حريتهم في التصرف بأملاكهم.
وبررت الحكومة التعميم بحجة منع شراء العقارات أو استئجارها من قبل “الإرهابيين” واتخاذها كمقرات لهم، ولحماية الملكيات العقارية من الضياع أو التزوير، وبموجبه صار أمين السجل العقاري يشترط الحصول على الموافقة الأمنية لتسجيل نقل الملكية العقارية، رغم وجود قرار قضائي مكتسب درجة القطعية.
اقرأ المزيد: “الموافقة الأمنية” حماية لأملاك المواطنين أم عرقلة لحياتهم
ويستطيع الحصول على الموافقات “من يدفع مبلغًا يصل أحيانًا إلى نحو مليوني ليرة سورية، ولا يستغرق الحصول عليها في حال الدفع أكثر من ساعة”، وفق ما قاله صاحب المكتب العقاري.
وخلال عملية بيع عقار ما في المدينة يجري التواصل مع البائع أو صاحب العقار، وإن كان خارج سوريا بإمكانه توكيل شخص ليصبح هذا الطرف الثالث وكيلًا عن البائع، لإتمام عملية البيع و”الفراغ” بينه وبين المشتري، وفق “جواد”.
وذكر “جواد” أن من إجراءات بيع العقار في حلب، “تحليل البصمات في الأمن الجنائي للتأكد من أن البائع أو الوكيل هو بالفعل صاحب العلاقة، والغاية من هذا الأمر ضمان الحقوق لأصحابها، وكذلك ينبغي أن تكون هناك موافقة أمنية من قبل فرع الأمن السياسي لإتمام عملية البيع”.
اقرأ أيضًا: مقيمون في مناطق سيطرة النظام محرومون من أملاكهم في إدلب
أحد سكان حي الكلاسة في حلب (طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية)، حاول الحصول على موافقة أمنية من فرع الأمن السياسي التابع للمحافظة.
وعن العملية شرح لعنب بلدي، “بدأت بإجراءات بيع منزلنا في حي الكلاسة، وذلك بعد سفر أهلي وتوكيلي من إخوتي لبيع المنزل وإتمام كافة الإجراءات”.
وتابع، “لم أستطع الحصول على موافقة أمنية من فرع الأمن السياسي، وعلى الرغم من أنني عرضت مبلغ مليون ليرة على مساعد أول بالفرع، لم يبدِ أي تجاوب، وقال إنه لا يستطيع مساعدتي لأن أحد إخوتي كان يعمل مع فصائل المعارضة في أثناء وجودهم في المنطقة واستشهد بسبب القصف، وفي حال عدم حصولي على الموافقة الأمنية لن أستطيع إتمام عملية البيع”.
وبحسب مراسل عنب بلدي في مدينة حلب، فإن “الموافقة الأمنية” تصدر من قبل “اللجنة الأمنية والعسكرية” في المنطقة، المختصة بذلك.
ويؤدي إجراء الحصول على “الموافقة الأمنية” إلى زيادة احتمال دخول أصحاب العلاقة بنزاع قانوني طويل ومعقد من أجل تنفيذ القرار القضائي ونقل الملكية، إذ يتطلب الأمر الحصول على براءة ذمة من المديريات المالية التابعة لوزارة المالية، وللحصول عليها لا بدّ من تقديم طلب موافقة أمنية قد يستغرق مدة تصل إلى أكثر من عشرة أيام، وفي حال كان البائع أو المشتري مطلوبًا إلى جهة أمنية لأي سبب كان، أو متخلفًا عن خدمة العلم أو الاحتياط، أو كان قد ارتكب سابقًا جرمًا أو جنحة أو صدر بحقه حكم بالسجن، لن يتمكن من الحصول على تلك الموافقة.
وقد أسهم ذلك في زيادة الجمود العقاري والركود الاقتصادي على المدى الطويل، إذ عرقلت الموافقات الأمنية حصول الشخص على سيولة نقدية ناجمة عن بيعه لعقاره للقيام بمشاريع استثمارية، خاصة أن كثيرًا من السوريين لجؤوا إلى شراء عقارات بقصد حماية أموالهم النقدية من التآكل، نظرًا إلى انهيار قيمة الليرة السورية.
وتعتبر “الموافقة الأمنية” هيمنة من قبل الأجهزة الأمنية على الحياة الاجتماعية في سوريا، عبر اشتراط الحصول على موافقتها لممارسة حقوق خاصة بالأفراد، ومكفولة بنص الدستور السوري.
ونشطت حركة بيع المنازل والمحال في مدينة حلب، وذلك عقب حديث العميد إلياس بيطار، رئيس “فرع البدل والإعفاء في الجيش السوري”، عن إمكانية الحجز على أملاك المتخلفين وأقربائهم بسبب عدم تأديتهم الخدمة الإلزامية.
وبعد أقل من عشرة أيام على نشر تسجيل مصوّر لبيطار، في شباط الماضي، وهو يتحدث عن قرار حجز أموال وأملاك المواطنين الذين تجاوزت أعمارهم 42 عامًا ولم يلتحقوا بالخدمة العسكرية أو يدفعوا البدل النقدي، نفت وزارة الخارجية صحة القرار، لكن سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري لم يشعروا بالأمان.
اقرأ أيضًا: يثير مخاوف آلاف السوريين.. التجنيد الإلزامي من وجهة نظر القانون الدولي
كما عرضت عائلات داخل مدينة حلب وخارجها منازلها وأملاكًا لها للبيع خلال شباط الماضي، خوفًا من حجزها، بسبب عدم تأدية أحد أقربائها المقيمين في الخارج الخدمة الإلزامية.
أسهم في هذه المادة مراسل عنب بلدي في محافظة حلب صابر الحلبي.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :