هل التسعيرة واقعية؟

ما العوامل التي تؤثر بتسعيرة المحروقات في إدلب

camera iconطرح العملة التركية عن طريق بنك الشام التابع لحكومة الإنقاذ في مدينة إدلب شمال سوريا - 18 حزيران 2020 (عنب بلدي/ يوسف غريبي)

tag icon ع ع ع

ارتفاع مستمر لأسعار المحروقات في إدلب، بعد وعود من شركة “وتد” للمحروقات، المسيطرة على معظم الحصة السوقية للمحروقات في محافظة إدلب، بخفض الأسعار سابقًا.

وتبرَّر زيادة الأسعار بارتفاع سعر صرف الدولار تارة، وارتفاع أسعار النفط العالمية تارة أخرى، دون التوافق مع الأسعار في مناطق شمال غربي سوريا.

وعاودت أسعار المحروقات اليوم، السبت 27 من شباط، الارتفاع بعد انخفاضها بداية الشهر الحالي، حسبما توضح قوائم الأسعار التي تنشرها قناة “أسعار المحروقات في إدلب”، عبر “تلجرام“، والتي تتابع الأسعار وموردي المحروقات بعد أن توقفت شركات النفط المتحكمة بالسوق عن الإعلان عبر معرفاتها عن نشرات الأسعار.

وفي حين كان أعلى سعر لجرة الغاز 78 ليرة في 1 من شباط الحالي، انخفض تدريجيًا حتى بلغ أدنى مستوياته بسعر 73.5 ليرة في 20 من الشهر نفسه، لكنه عاود الارتفاع إلى 77 ليرة وفق أسعار اليوم.

وأما ليتر البنزين المستورد، فقد بلغ أعلى سعر له اليوم، بقيمة 5.03 ليرة، بعد أن بدأ الشهر بسعر 4.85 ليرة، وانخفض حتى وصل إلى 4.61 منتصف الشهر الحالي.

وليتر المازوت المستورد بدأ الشهر بسعر 5.06 ليرة، ثم انخفض حتى 4.76 في 20 من شباط، قبل أن يتصاعد إلى 5.27 ليرة اليوم، وليتر المازوت المكرر الأول بدأ 3.82 ثم انخفض إلى 3.61 ليرة في 10 من الشهر، وعاود الارتفاع إلى 3.80 ليرة اليوم.

مبررات للرفع لا تبرر الاختلاف عن ريف حلب

التخفيض منذ بداية الشهر الحالي جاء بعد تحسن قيمة الليرة التركية، التي تُستخدم للتداول في إدلب منذ حزيران من عام 2020، إذ انخفض سعر الصرف من 7.1 ليرة تركية مقابل الدولار بداية الشهر، حتى 6.9 ليرة في 15 من شباط، وعاد للارتفاع حتى 7.4 ليرة تركية مقابل الدولار اليوم، السبت 27 من شباط، وفقًا لموقع “Dovis” المختص بأسعار الصرف لليرة التركية.

وأما حجة الزيادة فهي ارتفاع أسعار النفط عالميًا، الذي كان بأدنى معدلاته بداية الشهر، بسعر 53.5 دولار للبرميل، وتصاعد حتى 63.5 دولار في 25 من شباط، قبل أن ينخفض إلى 61.5 دولار للبرميل أمس، الجمعة 26 من شباط، حسبما يبيّن موقع “Oil Price” المختص برصد أسعار النفط عالميًا.

لكن أسواق شمال غربي سوريا ليست متوافقة بالأسعار، ويتضح انخفاض أسعار المحروقات في ريف حلب الشمالي مقارنة مع إدلب، إذ لا يزيد سعر البنزين ولا المازوت المستوردين في المحطات اليوم، السبت 27 من شباط، على خمس ليرات تركية، وسعر ليتر المازوت المكرر 3.35 ليرة، والغاز 72 ليرة فقط.

وتستورد مناطق المعارضة كافة النفط من تركيا عبر شركة واحدة فقط، سواء في إدلب أو حلب، بحسب ما تحدث به مدير المكتب الإعلامي في شركة “وتد” للمحروقات، صفوان الأحمد، وهي أبرز الشركات التي تستورد المحروقات في الشمال السوري، وصاحب محطات “السلام” المنتشرة في الباب واعزاز بريف حلب الشمالي والشرقي عبد الله الدك، في تصريح سابق لعنب بلدي.

عنب بلدي تواصلت مع مسؤول مكتب العلاقات العامة والإعلام في “وتد”، لكنه امتنع عن التصريح حول الارتفاع الأخير في الأسعار، مشيرًا إلى توقف المكتب الإعلامي للشركة عن العمل.

مؤثرات دولية ومحلية

برأي الأستاذ في العلاقات الاقتصادية الدولية حسن الشاغل، فإن أسعار المحروقات في محافظة إدلب مرتبطة بالطلب، كما هي الحال في الأسواق الدولية، موضحًا، في حديث إلى عنب بلدي، أن مصادر النفط في الشمال هي إما مصدر رسمي عن طريق تركيا، وهو ما يرتبط بالأسعار الدولية، وإما من شمال شرقي سوريا، وهو ما يؤدي إلى خفض الأسعار.

ويرى الشاغل أن ارتفاع أسعار النفط عالميًا يعتبر “مبررًا قويًا” لرفع الأسعار في المنطقة، خاصة للمحروقات المستوردة، مع إشارته إلى أن المحروقات الواصلة من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، والتي تكون مكررة تكريرًا أوليًا، بإمكانها خفض الأسعار.

تحاول “قسد”، حسب رأي الشاغل، ضخ المحروقات في أسواق شمال غربي سوريا، خاصة مع تشجيع أمريكا والقيود التي تضعها أمام بيعها النفط للنظام السوري، لجني المزيد من الأرباح.

وكانت “قسد” أوقفت بيع النفط للنظام السوري منذ نحو شهر، بعد التوترات بين قوات “الأمن الداخلي” (أسايش) و”الدفاع الوطني” في الحسكة والقامشلي، خلال كانون الثاني الماضي.

ارتفاع أسعار المحروقات يزيد معاناة السكان

“صدقًا، نحاول النوم باكرًا حتى نوفر ليتر المازوت”، قال يونس المصطفى، من سكان مدينة الدانا في ريف إدلب الشمالي لعنب بلدي، واصفًا محاولة التكيف مع ارتفاع الأسعار.

يعمل يونس في أحد مستودعات السيراميك، ويتقاضى مبلغًا قدره 500 ليرة تركية شهريًا، وبرأيه فإن أجور اليد العاملة لا تتناسب مع ارتفاع الأسعار، وخاصة المحروقات، موضحًا عدم قدرته على شراء برميل للوقود أو تخزينه، حتى في فترات تخفيض الأسعار.

يوسف اليوسف، أحد سكان مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، إنه يحاول الاستغناء عن المحروقات من خلال استخدام الدراجة النارية بدل السيارة، أو مصاحبة أحد الجيران لجلب احتياجات منزله، مضيفًا أن المحروقات أصبحت تتطلب مصروفًا بمقدار مصروف المنزل.

وبرأي يوسف، فإن شركات المحروقات في إدلب تتلاعب بالأسعار دون رقابة من أي جهة، ضاربًا مثلًا “لو ارتفع الدولار مقابل الليرة التركية ترتفع الأسعار عدة قروش، وإذا صار العكس، يحتجون أن لديهم بضاعة قديمة، وإذا ثبتت الليرة يقولون إنهم اشتروا كميات كبيرة عند الغلاء حتى لا تقطع المنطقة من المحروقات”.

ما الشركات المسيطرة على المحروقات في إدلب

وتوجد في محافظة إدلب ثلاث شركات للمحروقات حصلت على تراخيص من حكومة “الإنقاذ السورية”، هي “وتد” التي أُسست عام 2018، وكانت تعد المستورد الحصري للمحروقات، قبل تأسيس “كاف” عام 2019، التي تقول إنها تعمل على الوصول إلى المستهلك بشكل مباشر عن طريق إنشاء محطات ومراكز تابعة للشركة، وشركة “الشهباء” التي أُسست نهاية عام 2020.

وواجهت شركة “وتد” احتجاجات شعبية متكررة على رفعها الأسعار، دون تبرير اختلافها عن ريف حلب الشمالي.

وبرأي الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” محمد العبد الله، فإن تأسيس شركتي “الشهباء” و”كاف”، والسماح لهما بالاستثمار في قطاع المحروقات، “يعد بمثابة خطوة ترمي من خلالها (هيئة تحرير الشام) لتخفيف الضغط الشعبي عن شركة (وتد)، ومحاولة منها لتوسيع كمية استيراد الوقود وضخه داخل هذه المناطق وتحصيل عوائد أكبر”، وليس كما يُشاع لخلق جو من التنافس بين هذه الشركات.

ووفقًا للواقع الاقتصادي الحالي الذي تعيشه هذه المناطق، “من المستبعد أن تتخلى (تحرير الشام) عن المكاسب الاقتصادية المحققة من الاستثمار في هذه المادة الحيوية”، حسبما قال العبد الله في حديث سابق لعنب بلدي.

وأوقفت شركة “وتد” نشر الأسعار عبر معرفاتها، بحجة “خلل تقني”، ثم عادت بعد فترة لاعتماد قناة “أسعار المحروقات في إدلب”، التي أُنشئت في كانون الأول من عام 2020.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة