بإدارة "حزب الله" ومشاركة مافيا سورية

السويداء.. محطة على “طريق الحشيش” من لبنان إلى الأردن

camera iconتعبيرية (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – لؤي رحيباني

تزداد إعلانات الجيش الأردني عن إحباط محاولات تسلل مهربين قادمين من سوريا، تُضبط بحوزتهم كميات كبيرة من الحشيش والمواد المخدرة على اختلاف أنواعها.

تمر هذه الشحنات برحلة طويلة تنطلق من أولى محطاتها في مناطق نفوذ “حزب الله” في لبنان، وتمر بسوريا لتصل إلى نافذتها المطلة على الأردن في محافظة السويداء جنوبي سوريا، ثم تحط أخيرًا بآخر محطاتها في متناول موزعين بالأردن، أو تصادَر على أيدي القوى الأمنية الأردنية.

ولكن في زحمة هذه التفاصيل، مَن الأشخاص الذين يديرون هذه التجارة؟ وكيف يجري التهريب؟

مهربون في قبضة الأمن الأردني

في 8 من شباط الحالي، صرح مصدر عسكري مسؤول في “القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية” أن “القوات المسلحة، وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، أحبطت على إحدى واجهاتها الحدودية محاولة تهريب كميات كبيرة من المخدرات”، وفق ما نشرته “القوات المسلحة الأردنية” عبر صفحتها الرسمية في “فيس بوك”.

وأضاف المصدر العسكري، حينها، أن القوات الأردنية تابعت تلك الشبكات، وضبطت كميات كبيرة من المخدرات بمختلف أنواعها سواء مادة الحشيش أو الحبوب المخدرة قبل دخولها إلى الأردن.

وفي 30 من كانون الثاني الماضي، أفادت إدارة مكافحة المخدرات في الأردن بأنها أحبطت، على إحدى واجهاتها الحدودية مع سوريا، محاولة تسلل مجموعة من الأشخاص يعملون على تهريب كمية من المخدرات من الأراضي السورية إلى الأراضي الأردنية.

ونقلت “القوات المسلحة الأردنية”، عبر صفحتها الرسمية في “فيس بوك”، عن مصدر في الإدارة آنذاك، أن اشتباكات دارت بين الجيش الأردني والمهربين، ما أدى إلى تراجعهم إلى العمق السوري، لافتًا إلى أنه بعد تفتيش المنطقة ضبط الجيش 362 “كفًا من الحشيش”، وحوّل المواد المضبوطة إلى الجهات المختصة.

بحماية “حزب الله”.. قافلة “الحشيش” تسير وحواجز النظام سالكة

في محادثة إلكترونية، وصلت عنب بلدي إلى أحد المهربين المقربين من “حزب الله” بمحافظة السويداء، طالبًا عدم الكشف عن اسمه، وأفاد بأن مادة الحشيش تنطلق من منطقة بعلبك في لبنان، إلى جرود القلمون ثم إلى محافظة السويداء عبر سيارات مدعومة بعناصر مسلحين، وبالتالي تعبر من خلال حواجز النظام السوري، دون سؤال أو تفتيش لحمولتها.

وتابع، “يصل الحشيش إلى السويداء، ويخزن ضمن مستودعات ليجهز إلى الوقت المناسب لعملية التهريب إلى الأردن”.

الشتاء.. موسم التهريب الأمثل

غالبًا تكون عمليات التهريب في فصل الشتاء، نظرًا إلى الأحوال الجوية السيئة التي يغتنمها المهربون في التواري عن أنظار القوى الأمنية الأردنية، بحسب المهرب، الذي أوضح أن جو الضباب هو الأمثل لإجراء عملية التهريب عبر الحدود.

يجري التهريب بحمل أكياس الحشيش من عدة أشخاص، يتسللون عبر الحدود لإيصالها إلى الجهة المقابلة وبيعها مقابل القبض بالعملة الأردنية (الدينار الأردني)، بحسب المهرب، مضيفًا أنه يحمل بين 20 و30 كيلوغرامًا من الحشيش في عملية التهريب.

وأوضح المهرب أن كيلو الحشيش يتراوح سعره في السويداء بين 250 ألفًا و350 ألف ليرة سورية (حوالي 100 دولار)، بحسب “نوعية وجودة المادة”، على حد تعبير المهرب، بينما يباع بسعر يصل إلى الضعف أو أكثر داخل الأراضي الأردنية.

وبالإضافة إلى الحشيش القادم من لبنان، تأتي كميات قليلة من الساحل السوري، بحسب المهرب، مردفًا أنها تأتي بجودة منخفضة مقارنة باللبنانية.

وعلمت عنب بلدي من أربعة مصادر محلية منفصلة، في منطقة صلخد بالسويداء (نمتنع عن الكشف عنهم لأسباب أمنية)، أن محاولات تسلل المهربين تجري من معابر غير شرعية من منطقة وادي خازمة على الحدود السورية- الأردنية جنوبي السويداء.

وأوضحت المصادر أن الحدود شهدت مؤخرًا اشتباكات عنيفة بين حرس الحدود الأردني وعدد من المهربين.

في السويداء.. متورطون مقربون من “الأمن العسكري”

تجارة المخدرات لا تقتصر على عناصر “حزب الله” القادمين من لبنان فحسب، بل يديرها أيضًا تجار مخدرات آخرون من أبناء السويداء، بحسب المصادر التي قابلتها عنب بلدي ومن بينها مقربون من رموز هذه التجارة في المحافظة، وتقاطعت المصادر بثلاثة أسماء:

– فارس صيموعة، من قرية عرمان جنوبي السويداء، يعد من كبار تجار مادة الحشيش المخدر، وشكّل مجموعة مسلحة بدعم من “الأمن العسكري”.

– حسين الوهبان، من أبناء العرب البدو في حي الحروبي، شمال مدينة السويداء، تاجر مادة الحشيش المخدر، مدعوم من فرع “الأمن العسكري” بسبب علاقاته القوية مع ضباطه.

– جامل البلعاس، من أبناء العرب البدو، مسؤول عن ترويج مادة الحشيش المخدر شمال السويداء، وفي منطقة اللجاة، لديه علاقات قوية تربطه مع ضباط “الأمن العسكري” ومقرب من “حزب الله” اللبناني.

ويعرف “الأمن العسكري” بسطوته في المحافظة، ويقوده العميد لؤي العلي منذ عام 2018، المعروف بنفوذه وقربه من طهران، وهو موضوع على قوائم العقوبات الأوروبية والكندية والبريطانية.

رأس الأفعى

يعود مصدر قوافل الحشيش هذه إلى تاجرها المعروف نوح زعيتر، بحسب ما أفاد به المهرب الذي تواصلت معه عنب بلدي، الذي أشار إلى أن الحشيش يأتي من منطقة البقاع اللبنانية.

ونوح مطلوب لأجهزة الأمن اللبنانية و”الإنتربول” الدولي، كما يُتهم بارتكاب جرائم قتل واختطاف، لكنه يتجول في سوريا بحرية، إذ ظهر عام 2015 في القلمون (على الحدود السورية- اللبنانية)، وفي عام 2019 في العاصمة دمشق.

الأردن غيض من فيض التهريب السوري

في 21 من كانون الأول 2020، كشفت مصادر معنية بإتلاف المخدرات في إيطاليا عن حجم الإنتاج غير المشروع للمخدرات في سوريا، وذلك ضمن تقرير متلفز عرضته قناة “BBC”، حصلت فيه على لقطات حصرية لحرق الحبوب المصادَرة بإيطاليا.

وقال مراسل “BBC”، إن وزن حبوب “الكبتاجون” المخدرة التي انطلقت من سوريا إلى ليبيا وصودرت في إيطاليا بلغ نحو 14 طنًا، بتكلفة 900 مليون جنيه إسترليني (مليار يورو).

وأوضح التقرير أن المخدرات أتت من اللاذقية، وضُبطت في إيطاليا، معتبرًا أنها نتاج جهد منسق بين النظام السوري وحليفه “حزب الله”، المنغمسين في مجال تجارة المخدرات، ويعتبر هذا المجال “مصدر التمويل الأكبر لهما”، وفق ما ترجمته عنب بلدي.

وعلى الرغم من أن “الكبتاجون” يُستخدم بغرض ترفيهي في الشرق الأوسط، يستخدمه المقاتلون في سوريا للحصول على الشعور بالقوة والتغلب على النعاس على جبهات القتال، وفق تعبير المراسل.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة