لكل حاجز تعريفة خاصة..

رسوم “الفرقة الرابعة” إجبارية على المارين في حلب وريفها

camera iconعناصر من الجيش السوري في حلب - كانون الأول 2016 (AFP)

tag icon ع ع ع

حلب – عنب بلدي

دفع نزار، أحد سكان مدينة حلب الذي تحفظ على ذكر اسمه الكامل لاعتبارات أمنية، مبلغ 650 ألف ليرة سورية (305 دولارات وفق أسعار الصرف في آب 2020)، لعناصر حاجز “الفرقة الرابعة” الموجودين قرب المدينة الصناعية، للسماح له بالمرور بسيارة محملة بآلات لصناعة المعجنات، اشتراها من عفرين متجهًا إلى حي الميسر في مدينة حلب، إلا أنه تفاجأ بأن الحواجز الأخرى التابعة لـ”الفرقة” نفسها طالبت بدفعات أخرى، حسبما قال لعنب بلدي.

عند مرور نزار بجسر النيرب فرض عليه عناصر حاجز على طريق الراموسة، المتصل بطريق مطاري “النيرب العسكري” و”حلب الدولي”، دفع مبلغ 500 ألف ليرة، “لم يهتموا بأنني دفعتُ لحاجز (الفرقة الرابعة) الموجود عند مدخل المدينة الصناعية، وحاولتُ معهم لتخفيض المبلغ لأن الآلات مستعملة، ولكن لم يقبلوا بذلك. وبعد مجادلة طلبوا مني العودة وقالوا إنهم لن يسمحوا لي بالدخول إذا لم أدفع المبلغ”.

“كابوس” المرور من حواجز “الفرقة الرابعة”، حسب وصف المدنيين الذين قابلتهم عنب بلدي، تجاوز خشية الاعتقال والإهانة إلى خشية الخسارة المادية المستمرة التي تفرض عليهم عند نقل بضائعهم أو عند المرور من الحواجز التي تحتل الطرقات ما بين الأرياف وداخل المدينة وعند مداخل المحافظات.

“ترسيم” يفصل ريف حلب عن المدينة

لا يُسمح بدخول المدنيين القادمين إلى مدينة حلب قبل دفع “الترسيم” لعناصر حواجز “الفرقة الرابعة” المنتشرين على طرقات الأرياف الأربعة، حيث يفرض على كل شخص دفع ستة آلاف ليرة سورية (1.8 دولار)، حتى وإن لم يكن يحمل معه أغراضًا.

وبحسب شهادة سائق حافلة لنقل الركاب، ما بين مدينة دير حافر في ريف حلب الشرقي ومدينة حلب، قال لعنب بلدي، متحفظًا على ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، إن عناصر حاجز “الفرقة الرابعة”، المتمركزين بشكل دائم عند تحويلة طريق مطار “حلب الدولي”، يفرضون على كل راكب دفع مبلغ ستة آلاف ليرة، وفي حال عدم الدفع لا يُسمح لهم بالمرور، “لا أحد يتجرأ ويرفض الدفع لعناصر (الرابعة)، عندما ندفع لهم نكون قد اشترينا كرامتنا من أجل عدم قيامهم بالشتم وتوجيه كلمات نابية”.

في حال لم يمتلك المار من الحاجز المبلغ المطلوب يتوصل العناصر إلى حل بمصادرة ما يحمله من بضائع، إذ إنه خلال توقف طابور من السيارات قرب بلدة مسكنة بريف حلب الشرقي، صادر العناصر خروفين من أحد المزارعين المارين، ورغم غضبه لم يمتلك حق الاعتراض، “بصراحة تخوفتُ من أخذ بقية الخرفان الموجودة في السيارة، أو من قيام العناصر باحتجازي مثلما حصل مع عدد من المزارعين في قرى رسم العبد والشيخ أحمد والقطبية وغيرها”، حسبما قال المزارع الذي تحفظ على ذكر اسمه لعنب بلدي.

وأضاف المزارع أنه يحاول تفادي المرور من حواجز “الفرقة الرابعة”، ولكن “لا جدوى من ذلك، إن لم يكن معي مال أو خراف يأخذون اللبن والحليب، وهم يأخذون ما يريدون بالقوة مع كونهم يسيطرون على الطرقات، ونحن لا نستطيع فعل شيء معهم، وفي حال عدم التجاوب معهم يعتقلون من يرفض طلباتهم أو لا يسمحون له بالمرور من الطرقات”.

لصهاريج المحروقات تعامل خاص

تفرض الحواجز التابعة لـ“الفرقة الرابعة”، والمحيطة بمدينة منبج في ريف حلب الشرقي الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، على قوافل صهاريج المازوت المارة عبر مناطق النظام، تفريغ صهريجين أسبوعيًا كمخصصات لها من أجل السماح بالمرور والوصول إلى ما يعرف بمنطقة الشهباء، التي تخضع لسيطرة “الإدارة الذاتية”، وتضم بلدة تل رفعت وتل قراح وأحرص وقرى أخرى وأحياء داخل مدينة حلب.

وقال أحد عناصر “الفرقة الرابعة”، تحفظ على ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، لعنب بلدي، إن الحاجز يجبر سائقي صهاريج المحروقات التي تخرج من قرية العريمة، وتسلك طريق الريف الشرقي الذي يمر من مسكنة ودير حافر ومطار “كويرس العسكري” وصولًا إلى طريق حلب المطار، على تفريغ صهريجين من المازوت كل أسبوع.

وأضاف أن السائقين يقومون بتفريغ الصهاريج في أحد المواقع العسكرية التابعة للفرقة غربي قرية عريمة، “لا يمكنهم الرفض تحسبًا من قيامنا بقطع الطرقات عليهم ومنعهم من المرور”.

لا مهرب من “ترسيم” البضائع المجمركة

عند مداخل أسواق مدينة حلب تنتشر حواجز “الفرقة الرابعة”، التي يفرض عناصرها رسومًا على البضائع التي دُفعت رسومها الجمركية مسبقًا، عند إخراجها من الأسواق.

عند خروج سالم، أحد سكان مدينة حلب الذي تحفظ على ذكر اسمه الكامل لاعتبارات أمنية، من سوق العبارة قرب المنشية القديمة، في كانون الثاني الماضي، أوقفه عناصر الحاجز لمعرفة ماذا يحمل معه، وكان بحوزته أربعة صواريخ لقص البلاط، وطلبوا منه الدفع مقابل إخراجها، “أعطيتهم فاتورة الشراء ولكنهم لم يقتنعوا وطلبوا مني دفع رسوم لإخراج الأدوات، وبعد مجادلة استمرت حوالي ساعة كاملة دفعتُ مبلغ 250 ألف ليرة سورية (86 دولارًا وفق أسعار الصرف حينها)، وبعدها تركوني ولكن بأسلوب ومعاملة سيئة”.

أصبحت تلك الرسوم تمثل مصدر قلق مستمر للمدنيين عند التوجه إلى الأسواق، وحسبما قال سالم لعنب بلدي، فإن تجاوز تلك الحواجز أو تفاديها غير ممكن، “لا نستطيع فعل شيء. مداخل الأسواق ومخارجها بيد (الفرقة الرابعة) التي تفرض رسومًا على كل شيء”.

ويعتبر ابتزاز الحواجز ورسومها من أهم الأسباب التي يحتج بها الباعة والتجار في رفع أسعار المواد والمنتجات الاستهلاكية، التي يضطرون لاستيرادها أو نقلها عبر الحواجز، وهو ما يزيد صعوبة الحصول عليها من قبل المدنيين، مع تدهور قيمة العملة المحلية منذ بداية العام الحالي، حتى بلغت سعر صرف 3350 ليرة مقابل الدولار منذ منتصف شباط الحالي.

وعند مداخل ومخارج المحافظات السورية، تنتشر عشرات الحواجز التابعة لـ“الفرقة الرابعة”، بينما يبلغ عدد حواجزها في مدينة حلب وأريافها نحو 26 حاجزًا موزعًا عند المداخل والمخارج الرئيسة.

وبحسب أحد عناصر “الفرقة الرابعة”، تحفظ على ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، فإن المبالغ التي يجمعها كل حاجز تزيد على 13 مليون ليرة سورية بشكل يومي (3880 دولارًا)، وأضاف لعنب بلدي أن جميع أنواع البضائع تُفرض عليها رسوم المرور، “في حال الامتناع عن الدفع تُمنع السيارة من المرور ويُطلب منها العودة من نفس الطريق، وفي هذه الحالة ستضطر للمرور عبر أحد الحواجز التابعة لـ(لفرقة) على الطريق، وأيضًا ستُمنع من المرور، لذلك يضطر المارون للدفع”.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة