تتحكم بالوظائف الحيوية في الجسم

ماذا يحدث عند قصور الغدد الكظرية

قصور الغدد الكظرية
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

ربما يبدو اسم الغدة الكظرية غير مألوف لكثير من الناس، مقارنة بغيرها من الغدد الصماء، كالغدة الدرقية مثلًا، إلا أن هذه الغدد تفرز عدة هرمونات تتحكم بالوظائف الحيوية في الجسم، فتسهم بالتحكم بنسبة السكر في الدم وتنظيم ضغط الدم وحرق الدهون والبروتين وغير ذلك، ويؤثر ارتفاع أو انخفاض تلك الهرمونات عن معدلها الطبيعي سلبًا على أعضاء الجسم، ويؤدي إلى خلل في العديد من وظائفها.

ما الغدد الكظرية

تقع الغدد الكظرية (Adrenal Glands) أعلى الكليتين، لذلك تسمى الغدة فوق الكلوية (suprarenal gland)، وهي صغيرة الحجم ومثلثة الشكل، وتتكون كل غدة من جزأين، الجزء الخارجي منها يسمى “القشر”، والجزء الداخلي يطلق عليه “اللب”.

وتفرز قشرة الغدة الكظرية الهرمونات القشرية السكرية، كـ”الكورتيزول” المعروف بهرمون التوتر والذي يؤثر في ضغط الدم والقلب والمناعة ومستوى السكر، وتُنتَج مثله أدوية “الكورتيزون”، والهرمونات القشرية المعدنية، مثل “الألدوستيرون” المهم لتوازن الماء والأملاح في الجسم، وخاصة الصوديوم والبوتاسيوم، وتفرز أيضًا “الأندروجينات” التي تحفز التطور الجنسي لكلا الجنسين.

أما لب الغدة الكظرية، فهو المسؤول عن إفراز هرموني “الإبينفرين” أو “الأدرينالين”، و”النورإبينفرين” أو “النورأدرينالين”، اللذين يؤثران في القلب وضغط الدم والاستقلاب.

وتسيطر الغدة النخامية الموجودة في المخ على وظائف الغدد الكظرية عن طريق الهرمون الموجه لقشرة الكظرACTH=AdrenoCorticoTropic Hormone) )، فتعمل على زيادة إفرازها “الكورتيزون” في حالة نقصه أو تقوم بتثبيط عملها في حالة زيادته، ويتم التحكم بنشاط الغدة النخامية عن طريق الهرمون المطلق لموجهة القشرة (CRH=Corticotropin-Releasing Hormone) الذي يتم إفرازه من الجزء الموجود في المخ والمسمى بالوطاء  (الهيبوثالاموس) بنفس الطريقة، بمعنى التحفيز في حالة النقص والتثبيط في حالة الزيادة.

ما المقصود بقصور الغدد الكظرية؟

قصور الغدة الكظرية أو ما يعرف بقصور الكظر (Adrenal insufficiency)، حالة مرضية تعجز فيها الغدة الكظرية عن إنتاج كميات كافية من الهرمونات الستيروئيدية، وبشكل أساسي “الكورتيزول”، وقد تشمل أيضًا تدهورًا في إنتاج “الألدوستيرون”.

ويقسم قصور الكظر إلى نوعين:

  1. النوع الأول يدعى قصور الكظر الأولي، ويطلَق عليه أيضًا اسم “داء أدسون” (Addison’s disease) نسبة للطبيب الإنجليزي توماس إديسون، الذي وصف أعراض النقص على أنها مرض مستقل في منتصف القرن الـ19، وفيه يكون هناك ضرر مباشر على الغدة الكظرية يؤثر في قدرتها على إنتاج الهرمونات، وقد تكون الغدة الكظرية غير موجودة أو تكون فاقدة لوظيفتها الأساسية، ويحدث “داء أديسون” في جميع الفئات العمرية ولكلا الجنسين، ويعتبر من أشيَع أمراض الغدد عند الأطفال.
  2. النوع الثاني يدعى قصور الكظر الثانوي، ويحدث نتيجة نقص في إفراز “ACTH” من الغدة النخامية، وفيه لا تفقد الغدة جميع وظائفها، ويكون لديها بعض القدرة على إفراز جزء من الهرمونات، لكن عادة ما يكون هذا الجزء غير كافٍ للقيام بالوظائف الأساسية المرجوة منه، وقد يكون النقص في إفراز “CRH” من “الوطاء” فنكون أمام قصور كظر ثالثي.

ما أسباب قصور الغدد الكظرية؟

يعود قصور الكظر الأولي إلى عدة أسباب:

  • طفرات واعتلالات جينية وراثية، بحيث يكون كلا الأبوين حاملًا أو مصابًا بهذا المرض، وبذلك تكون الغدة غائبة أو فاقده لقدرتها الإنتاجية منذ البدء.
  • مهاجمة الجهاز المناعي للغدة ضمن ما يُعرف بأمراض المناعة الذاتية.
  • انتشار السرطان إلى قشر الكظر.
  • عدوى الغدة كالسلّ والالتهابات الأخرى.
  • نزيف في الغدد الكظرية.

أما القصور الثانوي فأشيَع أسبابه:

  • تناول الكورتيكوستيرويدات الصناعية (مثل بريدنيزلون أو ديكساميتازون) لفترات طويلة لعلاج أمراض مزمنة، كالربو أو التهاب المفاصل، ثم إيقاف العلاج فجأة بدلًا من التوقف التدريجي.
  • قصور الغدة النخامية.
  • أورام الغدة النخامية.

كيف يتظاهر قصور الغدد الكظرية؟

يصاحب الإصابة بقصور الكظر عددًا من الأعراض والعلامات المختلفة، نذكر منها:

  • فقدان الشهية.
  • خسارة الوزن.
  • التعب والإعياء المزمن.
  • ضعف العضلات.
  • انخفاض الكثافة العظمية.
  • ألم البطن.
  • الغثيان والتقيؤ.
  • ألم المفاصل.
  • الإسهال.
  • انخفاض ضغط الدم عند النهوض، والذي بدوره قد يؤدي إلى الدوار أو الإغماء.
  • الرغبة بتناول الأطعمة المالحة.
  • تساقط شعر الجسم وانخفاض الرغبة الجنسية لدى النساء.
  • اضطراب أو انقطاع الدورة الشهرية.
  • انخفاض معدل سكر الدم.
  • اغمقاق مناطق من الجلد (فرط تصبُّغ)، ويحدث فقط في قصور الكظر الأولي، لأنه ينجم عن زيادة هرمون الغدة النخامية الذي يحاول أن يعوض نقص نشاط الغدة الكظرية، ما يتسبب في زيادة الصبغة وتحوّل الجلد إلى اللون الداكن.
  • قصور كلوي.
  • تبدلات في المزاج والشخصية (اكتئاب، تهيج).
  • صدمة (أزمة كظرية).

وفي حال إصابة الأطفال بالمرض تحدث الأعراض التالية أيضًا:

  • الظهور المبكر لشعر الإبط والعانة.
  • عدم نمو الجسم بمعدله الطبيعي.
  • اختلال في نمو الأعضاء التناسلية لكلا الجنسين .

ما المقصود بالأزمة الكظرية؟

الأزمة الكظرية (Adrenal crisis) أو ما يعرف بـ”النوبة الأديسونية” (Addisonian crisis)، هي من الحالات الصحية الطارئة الخطيرة والمهددة للحياة، وتتمثل بانخفاض ضغط الدم وسكر الدم وصوديوم الدم، وارتفاع شديد في نسبة البوتاسيوم في الدم، والذي بدوره قد يؤدي إلى الصدمة (Shock) والغيبوبة (Coma) والموت السريع.

وتتظاهر النوبة الكظرية بما يلي: ضعف شديد، تشوش، ألم في أسفل الظهر أو الساقين، آلام شديدة في البطن وقيء وإسهال قد يؤدي إلى الجفاف، انخفاض الوعي أو الهذيان.

وتحدث الأزمة الكظرية في حال تعرض الجسم لأحد أصناف الشدة، كالحادث، والإصابة بجروح، والجراحة، والإنتانات الشديدة.

كيف يشخَّص قصور الغدد الكظرية؟

إن تشخيص مرض قصور نشاط الغدة الكظرية ليس سهلًا، خاصة أن الأعراض غير محددة للمرض، وتتشابه مع الكثير من الأمراض الأخرى خاصة إذا بدأت بالتدريج، مثل متلازمة الإرهاق المزمن (chronic fatigue syndrome)، ويتم التشخيص بداية باستبعاد الأمراض الأخرى التي تسبب نفس التظاهرات.

مخبريًا، يتم قياس مستويات بعض الهرمونات كـ”الكورتيزول” و”الألدستيرون” والهرمون الموجه لقشر الكظر (ACTH)، التي تعطي انطباعًا جيدًا في حالة انخفاض نسبة “الكورتيزول”، خاصة إذا تزامنت مع الارتفاع في هرمون الغدة النخامية.

كما يتم أيضًا قياس نسبة الأملاح في الدم، التي تظهر نقصًا في معدلات الصوديوم مع أو من دون زيادة في معدلات البوتاسيوم.

ويجري أيضًا قياس نسبة بعض الأجسام المناعية المضادة في حالة نقص “الكورتيزون” وارتفاع هرمون الغدة النخامية لمعرفة إذا كان أصل المرض مناعيًا أم لا.

ويمكن إجراء فحص قدرة الغدة الكظرية على الاستجابة، بحيث يتم حقن المريض بمادة “ACTH”، ومن ثم أخذ عينة دم خلال 30- 60 دقيقة وقياس “الكورتيزول”، ويجب أن يكون بمعدل 500- 550 نانومول/ لتر، وعندها تكون الغدة سليمة والخلل ليس في قدرتها الإنتاجية .

وقد يجرى اختبار نقص السكر في الدم الناجم عن الأنسولين إذا كان هناك اعتقاد بأن قصور الغدة الكظرية نتيجة لمرض الغدة النخامية (قصور الغدة الكظرية الثانوي)، ويتضمن الاختبار فحص مستوى السكر في الدم (غلوكوز الدم) ومستويات “الكورتيزول” بعد حقن الأنسولين، فلدى الأشخاص الأصحاء تنخفض مستويات الغلوكوز وتزيد مستويات “الكورتيزول”.

كذلك يمكن إجراء فحص مختبري لأنسجة الغدة الكظرية، يمكن أن يفيد في معرفة الأسباب الأولية للمرض من خلال التغيرات التي تطرأ على نسيج الغدة نتيجة لمرض ما، مثل السل الرئوي أو نزيف أو أورام ثانوية ناتجة عن ورم خارج الغدة الكظرية (نقائل).

شعاعيًا، يمكن أيضًا إجراء أشعة مقطعية (CT scan) لمنطقة البطن، وتعتبر من الفحوصات المهمة والتي تعطى صورة جيدة عن وجود نزيف أو أورام أو تكلسات في الغدد الكظرية، وليست هناك حاجة لإجراء أشعة رنين مغناطيسي، إذ إنها لا تضيف شيئًا إلى الأشعة المقطعية.

كيف يعالَج قصور الغدد الكظرية؟

يعتمد علاج قصور الغدد الكظرية بشكل أساسي على تعويض الهرمونات التي يتم إفرازها من الخارج، وذلك باستخدام “الكورتيزون” في جميع أنواع النقص، سواء كان حادًا أو مزمنًا أو بشكل خلقي أو نتيجة لمرض آخر، ويتم الإعطاء عن طريق الفم، مثل هيدروكورتيزون أو بريدنيزون أو ميثيل بريدنيزولون، وتعطى هذه الهرمونات في أوقات محددة لمحاكاة التذبذب الطبيعي في مستويات “الكورتيزول” طوال اليوم.

وتعطى أسيتات الفلودروكورتيزون لاستبدال الألدوستيرون، ولكن يتم إعطاؤه في حالات معيّنة فقط، كالحالات التي يكون أصل المرض في الغدة نفسها، وليس في الغدة النخامية أو إذا كان هناك خلل في الهيبوثالاموس.

أما علاج “النوبة الأديسونية” فيتم عبر الحقن الوريدي بما يلي:

  • الكورتيكوستيرويدات.
  • المحلول الملحي.
  • السكر (دكستروز).




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة