“الهدف جرها إلى مواجهة”.. كيف ستتحرك إيران بعد ضرب مصالحها في دير الزور

camera iconقوات من النظام السوري وميليشيا "حزب الله" في مدينة البوكمال (رويترز)

tag icon ع ع ع

تعرضت القوات الإيرانية على الأراضي السورية لأعنف الهجمات أمس، الأربعاء 13 من كانون الثاني، إذ اُستهدفت عدة مقرات عسكرية لها في محافظة دير الزور شرقي سوريا، التي تعتبر من أكبر معاقل الوجود الإيراني، وأهمها استراتيجيًا بالنسبة لإيران.

وقال مسؤول استخباراتي أمريكي مطلع على تفاصيل الهجوم لوكالة “أسوشيتد برس“، إن الضربات الإسرائيلية على دير الزور “نُفذت بمعلومات استخباراتية قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية”.

وناقش وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الغارات الجوية الإسرائيلية مع مدير “الموساد” الإسرائيلي، يوسي كوهين، في اجتماع عام بمقهى “ميلانو” في واشنطن، الاثنين الماضي، في حادثة نادرة للتعاون “المعلَن عنه” بين البلدين بشأن اختيار أهداف في سوريا.

واستهدفت الضربات الإسرائيلية، حسب المسؤول الأمريكي، سلسلة من المستودعات في سوريا، كانت تُستخدم عبر خط أنابيب لتخزين الأسلحة الإيرانية وتجهيزها، وكانت المستودعات بمثابة خط أنابيب للمكونات التي تدعم البرنامج النووي الإيراني.

“التحلي بالصبر الاستراتيجي والرد الاعتباري”

من المتوقع أن تكثف إسرائيل ضرباتها العسكرية في الأيام المقبلة، خصوصًا في الجنوب السوري، قبل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، في 20 من كانون الثاني الحالي، بحسب الباحث في مركز “جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي، في حديث إلى عنب بلدي.

وستسعى إسرائيل “لشن ضربات استفزازية لجر إيران إلى رد فعل يعزز من قدرة إسرائيل والولايات المتحدة على تنفيذ ضربات عسكرية، وفق الدستور الأمريكي، الذي يسمح للولايات المتحدة وتحديدًا ترامب بتنفيذ ضربات خلال الـ60 يومًا الأخيرة من ولايته دون الرجوع للكونجرس”.

لكن إيران “ستتحلى بسياسة الصبر الاستراتيجي خلال الأيام المقبلة، ولن تنجر إلى رد تريده إسرائيل وإدارة ترامب”، بحسب عاصي، وربما تقوم برد “غير اعتباري” في العراق أو على جبهات الجولان أو من خلال تسيير طائرات مسيّرة من جنوبي لبنان ليست لها أي مهام غير الاستطلاع، أو ضربات غير استفزازية.

ويرجح الباحث أن إيران ستكون في المرحلة المقبلة مع تسلّم إدارة بايدن “أكثر تحليًا بالصبر”، وذلك بتوقيع اتفاق نووي جديد سيركز على رفع تخصيب اليورانيوم، والذهاب نحو الضغوط الدبلوماسية لتوقيع الاتفاق.

وكانت إيران بدأت، في 4 من كانون الثاني الحالي، بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، في منشأة “فوردو” لتخصيب اليورانيوم، الواقعة جنوب مدينة قم وسط البلاد، وهي نسبة تفوق المنصوص عليها في الاتفاق النووي.

سبق ذلك طلب مجلس الشورى الإيراني، بداية كانون الأول 2020، من الحكومة إنتاج وتخزين 120 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% سنويًا، وذلك بعد أيام من مقتل العالم النووي الإيراني فخري زاده، في 27 من تشرين الثاني 2020.

الهدف جر إيران إلى مواجهة عسكرية

“لا يمكن اعتبار الضربة الأخيرة تأديبية، لكنها غير اعتيادية، والهدف منها جر إيران إلى مواجهة عسكرية سواء مع الولايات المتحدة الأمريكية أم قوات التحالف الدولي الموجودة شرق الفرات، أو المواجهة مع إسرائيل نفسها”، حسب حديث الباحث في مركز “جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي، لعنب بلدي.

وأوضح عاصي أن إسرائيل تجد في التنسيق مع إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فرصة أكثر ملاءمة للدخول في مواجهة وتقويض نفوذ إيران في المنطقة، خاصة أن إدارة بايدن قد تذهب باتجاه توقيع اتفاق نووي جديد مع إيران.

وهذا “لن يسهم في تحقيق استراتيجية إسرائيل في سوريا الهادفة إلى تقليص حجم الوجود الإيراني على المستوى السياسي والعسكري والأمني”، مشيرًا إلى أن “الأيام العشرة المقبلة لإسرائيل وإدارة ترامب فاصلة”.

وسبق الضربات حديث وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، عن أن إيران أصبحت “ملاذًا آمنًا” لعناصر تنظيم “القاعدة” بعد ملاحقتهم في أفغانستان.

كما أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية خمسة من قادة تنظيم “القاعدة” في إيران، على قائمة “الإرهابيين العالميين”

ما أهمية المنطقة المستهدفة

ذكرت شبكات محلية، منها “مشرق ميديا“، أن الغارات استهدفت قاعدة “الإمام علي” والحزام وأطراف معبر “القائم”، والحسيان، والصناعة وبادية الدوير وبادية البوكمال، بغارات يقدر عددها بنحو 50 غارة.

كما اُستهدفت في القصف مناطق المزارع جنوبي مدينة الميادين بست غارات، وجبل الثردة جنوب غربي موحسن، وبادية القورية قرب مزار عين علي، ومنطقة جنوب غربي مطار “دير الزور”.

وشملت الغارات مستودعات عياش وتلة الحجيف جنوب غربي دير الزور، ومواقع أخرى لم يتم تأكيد قصفها داخل مدينة دير الزور، هي مبنى التنمية بحي هرابش، ومبنى النصر (كلية التربية) سابقًا بحي العمّال، ومبنى الأمن العسكري بمنطقة بغازي عيّاش.

وذكرت شبكة “صدى الشرقية” المحلية، أن 16 شخصًا قُتلوا في فرع الأمن العسكري بينهم عقيد وأُصيب 20 آخرون.

وتعتبر محافظة دير الزور وخاصة مدينة البوكمال التابعة لها على الحدود السورية- العراقية من أبرز مدن تمركز المقاتلين الإيرانيين، الذين لا يُعلن عن أعدادهم، لكنهم يُستهدفون بشكل متكرر عبر غارات جوية من قبل أمريكا وإسرائيل.

ومن أبرز الميليشيات الإيرانية الموجودة في البوكمال، “الحرس الثوري”، “حركة النجباء”، “حزب الله”، “فاطميون”، “زينبيون”، “الفرقة 313”.

تتلخص أهمية البوكمال بالنسبة لإيران في كونها عقدة مواصلات برية مهمة تصل منها إلى سوريا ثم لبنان، حيث تُعتبر امتدادًا لصحراء الأنبار العراقية، كما ترتبط بصحراء السويداء ودرعا وتدمر ودير الزور، ما يكسب المدينة أهمية اقتصادية إضافية لإيران.

بالإضافة إلى موقعها على خط الإمداد الفاصل بين العراق وسوريا، وصارت المنفذ الوحيد الرسمي لإيران، خاصة بعد سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على معبر “اليعربية” الحدودي مع العراق أيضًا، وسيطرة أمريكا على معبر “التنف” في دير الزور.

ووثق مركز “جسور للدراسات” 247 موقعًا لإيران و”حزب الله” في جميع الأراضي.

وأعدت عنب بلدي تحقيقًا بعنوان “البوكمال.. قدم إيرانية على طريق المتوسط“، سلّطت الضوء فيه على أبرز ملامح الوجود الإيراني العسكري في مدينة البوكمال، عبر الميليشيات التي تنشط فيها والقواعد العسكرية لها، كما حاولت تفسير الأهداف الاقتصادية الإيرانية من السيطرة على المدينة، والأدوات الناعمة التي تستخدمها لتنفيذ ذلك.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة