رغم “كورونا”.. إقبال جماهيري على الملاعب السورية من دون رقيب

جمهور "حطين" في أثناء مباراة حطين والساحل في ملعب الباسل (اللاذقية) - 18 كانون الأول (الصفحة الرسمية لنادي حطين في فيس بوك)

camera iconجمهور "حطين" في أثناء مباراة حطين والساحل في ملعب الباسل (اللاذقية) - 18 كانون الأول (الصفحة الرسمية لنادي حطين في فيس بوك)

tag icon ع ع ع

برنامج “مارِس” التدريبي – خالد شيشكلي

يرفع التلفزيون السوري الرسمي في أعلى شاشته وسم “#وعيك_أمانك”، في محاولة لتوعية المشاهدين بفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وفي الوقت ذاته ينقل عبر قنواته مباريات الدوري السوري الممتاز، التي تظهر فيها جليًا مدرجات تعج بالجماهير دون استخدام أي قواعد للتباعد الاجتماعي.

وسم "#وعيك_أمانك" يظهر على شاشة التلفزيون السوري بالتزامن مع جماهير تملأ مدرجات ملعب تشرين (دمشق) في أثناء مباراة الوحدة وتشرين - 28 تشرين الثاني 2020 (قناة سوريا دراما)

وسم “#وعيك_أمانك” يظهر على شاشة التلفزيون السوري بالتزامن مع جماهير تملأ مدرجات ملعب تشرين (دمشق) في أثناء مباراة الوحدة وتشرين – 28 تشرين الثاني 2020 (قناة سوريا دراما)

 

الحضور الجماهيري يتصدر مشهد الدوري هذا الموسم

على الرغم من انتشار فيروس “كورونا” في كل دول العالم، تشهد منافسات الدوري السوري في الموسم الحالي إقبالًا على الحضور الجماهيري من عشاق الرياضة في مختلف المحافظات السورية، خاصة في مباريات الفرق التي تملك حاضنة جماهيرية، أو مباريات “الديربي” التي تجمع فريقين متنافسين من نفس المدينة.

ويُعزى هذا الإقبال في الموسم الحالي تحديدًا، مقارنة بالأعوام الماضية، إلى ازدياد المنافسة في وسائل التواصل الاجتماعي بين جماهير الفرق، وإلى “عودة الأمان” لمعظم المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، بحسب ما قاله أحمد، وهو عضو رابطة مشجعي نادي “الوحدة” الدمشقي.

وأضاف أحمد الذي تحفظ على ذكر اسمه كاملًا، لعنب بلدي، “مباراة فريقي ضد الفريق المنافس تبدأ على (فيس بوك) قبل أيام من بدايتها على أرض الملعب، ويجب علينا الحضور في المدرجات خلف لاعبي فريقنا لمؤازرتهم ضد الفريق المنافس وجمهوره”.

وتابع أحمد، “عودة بعض اللاعبين السوريين المحترفين من الخارج، أعطت أهمية ونديّة لمباريات الدوري، وأشعلت نار المنافسة بعد أن كانت محصورة بين ناديين فقط سابقًا، ولا يمكننا غض النظر عن (عودة الاستقرار والأمان) لأغلب المناطق السورية، الأمر الذي سمح للفرق أن تلعب على ملاعبها، وبين جماهيرها”.

إهمال حكومي

في الوقت الذي تُقام فيه معظم مباريات الدوريات العالمية، ومنافسات دوري أبطال أوروبا، من دون جمهور للوقاية من انتقال عدوى “كورونا”، يرى الاتحاد الرياضي السوري أنه لا ضير من تجمعات الحضور الجماهيري في الملاعب، إذ أصدر الاتحاد تعميمًا، في 19 من تشرين الأول 2020، يعلن فيه السماح بعودة الجماهير في أثناء منافسات المسابقات المحلية، بنسبة 40% من الطاقة الاستيعابية للملاعب.

ولكن يبدو واضحًا لمن يتابع مباريات الدوري السوري أن هذه النسبة يجري تجاهلها من قبل المنظمين، فالجماهير تملأ مدرجات الملاعب في بعض المباريات، سواء في منافسات كرة القدم، أو حتى كرة السلة.

الصحفي السوري وائل البزرة، مراسل قنوات “beIN Sports”، يحمّل الحكومة السورية مسؤولية دخول الجماهير للملاعب من دون قيود، كما يحمّل جزءًا من الإهمال للجمهور، وقال لعنب بلدي، إن “وجود الجماهير في ظل الظروف الحالية يمكن تفسيره على أنه توجه من الحكومة للسماح للناس بإيجاد ما يلهيهم ويبعدهم عن التفكير في ضغوطات الحياة التي تزداد يومًا بعد آخر”.

وأضاف البزرة، “من غير المنطقي ألا تكون هناك أي قيود أو قواعد على دخول أو جلوس الجماهير، لأن هذا يترجم الواقع المر الذي يؤكد أن الدولة لا تهتم بأرواح الناس، إضافة إلى عدم إيلاء القضية التي تشغل العالم بأكمله أهمية كبرى، سواء من الحكومة أو حتى من أولئك الذين يرغبون في حضور المباريات ولكن من دون استخدام قواعد التباعد. الإيجابي في الموضوع هو أن شكل الملاعب صار أجمل، ولربما هو النقطة المضيئة في ظل غياب المستويات الراقية إضافة إلى سوء الأرضيات في كل ملاعبنا”.

الجمهور يملأ مدرجات صالة غزوان أبو زيد (حمص) في مباراة الكرامة والاتحاد بكرة السلة (صفحة نادي الكرامة الرسمية في فيس بوك)

تفاوت بالآراء

ينقسم الشارع الرياضي ومتابعو الكرة بين مؤيد لقرارات الاتحاد، ومعارض لها.

عبد الرحمن، لاعب أحد أندية الدوري السوري الممتاز، يرى أنه من الخطر تجمع هذا العدد “الكبير” من الناس في مكان واحد في ظل انتشار فيروس “كورونا”.

وقال عبد الرحمن لعنب بلدي، الذي فضّل عدم ذكر اسمه كاملًا، “لا شكّ أن سماع هتافات الجماهير من المدرجات، يشكل حافزًا عند أي لاعب لتقديم أفضل ما يملك على أرضية الملعب، كردّ دين لحناجر المناصرين، ولكن حين يتعلق الأمر بسلامتهم وسلامة أهاليهم، فأنا أفضل عدم تجمهرهم واكتفاءهم بمشاهدة المباريات من شاشة التلفاز في منازلهم”.

بينما يرى أحمد، مشجع نادي “الوحدة”، أن قرارات الاتحاد صائبة، ووجود الجماهير على المدرجات مهم جدًا، لا سيما أن كرة القدم صارت المتنفس الوحيد، حسب تعبيره.

ولكنه في الوقت ذاته مستعد لعدم دخول الملعب، ومتابعة المباراة من المنزل، بشرط العدل بالمتابعة الجماهيرية في كل المحافظات، فقبل قرار الاتحاد الرياضي بعودة نسبة من الجماهير، كانت مباريات “تشرين” في اللاذقية، أو “الكرامة” في حمص، تلعب بحضور يتجاوز 500 مشجع، وهذا “غير منطقي”، حسب قوله.

وأضاف أحمد، “في حال قدرة الاتحاد الرياضي على تنفيذ قرار منع الحضور الجماهيري في جميع المحافظات، فأنا أؤيد منع دخول الجماهير للملاعب، وأحترم القرار، ولكن طالما أن الاتحاد لن يستطيع السيطرة على الأمر في بعض الملاعب، فمن الأفضل فسح المجال لكل مناصري الأندية بالدخول في جميع المحافظات، كما هو الأمر الآن”.

ضعف الإمكانات الصحية.. وأرقام الإصابات غير حقيقية

رجّحت الأمم المتحدة أن يكون انتشار فيروس “كورونا” في سوريا أكبر بكثير من الحالات المعلَنة رسميًا من قبل وزارة الصحة.

وقال الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارك لولوك، إن “حالات (كورونا) التي جرى تأكيدها في سوريا كانت في الغالب نتيجة انتقال مجتمعي”، مشيرًا إلى صعوبة إمكانية تتبع 92% من الإصابات المؤكدة رسميًا، خلال اجتماع افتراضي لمجلس الأمن الدولي حول الوضع الإنساني في سوريا، في 27 من تشرين الأول 2020.

وخلال محادثة مع طبيب في دمشق (تتحفظ عنب بلدي على ذكر اسمه)، قال الطبيب، “أرقام الإصابات المعلَنة لا تمثل 10% من الأرقام الصحيحة، معظم المصابين نطلب منهم أن يحجروا أنفسهم في المنزل من دون إجراء مسحة طبية ومن دون أن يدخلوا في عداد الأرقام المعلَنة رسميًا”.

ويعود ذلك إلى قلة الإمكانيات، فالتعليمات تنص على إجراء المسحات لمرضى العناية المشددة، ذوي الحالات الحرجة فقط، بحسب الطبيب، الذي أضاف، “الوضع (كارثي) في مستشفيات الدولة، حيث لا وسائل حماية للكوادر الطبية، ولا إمكانات كافية لاحتواء المصابين”.

الطبيب يناوب في مستشفى “المجتهد” وسط دمشق، وقال، “للأسف (الفريق الحكومي) لم يتخذ الإجراءات الكافية للحد من انتشار المرض، واقتصرت قراراته على منع الأركيلة في المقاهي، ومنع الأعراس في الصالات فقط، هناك أشياء أنت مضطر للدخول في الزحام من أجلها، أنا أتفهم مثلًا ضرورة الدخول في زحمة دور الخبز أو المواصلات، ولكن ما الداعي للتجمع في الملاعب!”.

وأضاف، “لو أن القرار بيد وزارة الصحة، أتوقع أن الإجراءات ستكون مختلفة، ولكن (الفريق الحكومي) منفصل عن الواقع، ويبدو أن هناك جهات أكبر منه، مستفيدة من هذا الحضور الجماهيري”.

“الفريق الحكومي” هو فريق معني باتخاذ قرارات وإجراءات للتصدي لفيروس “كورونا”، شكّلته الحكومة السورية في آذار من عام 2020، ووزير الصحة ليس عضوًا فيه.

توقفت منافسات الدوري السوري، في 6 من آذار 2020، بشكل قسري، بسبب تفشي فيروس “كورونا”، وعاود نشاطه بعد قرابة ثلاثة أشهر، في 28 من أيار 2020، ليكون أول دوري عربي يستأنف مبارياته في ظل انتشار المرض، ويتصدره حاليًا نادي “الكرامة” برصيد 26 نقطة بفارق ثلاث نقاط عن أقرب منافسيه.

وأُصيب عدد من اللاعبين والإداريين في الدوري السوري “بوعكات صحية”، حسب البيانات الرسمية للأندية، فعلى سبيل المثال، نشر نادي “الوحدة” عبر “فيس بوك” بيانًا ذكر فيه أن المدير الفني للفريق، غسان معتوق، “طريح الفراش”، من دون ذكر أي تفاصيل إضافية.

ولكن عنب بلدي علمت من مصدر داخل المركز الإعلامي لنادي “الوحدة”، أن معتوق كان مصابًا بفيروس “كورونا”، ولكن جرى التكتم على الخبر و”الخجل” من إعلانه.

وحسب آخر بيانات وزارة الصحة السورية، وصل عدد الإصابات بالفيروس إلى أكثر من 12 ألف حالة، بينما توفي 755 شخصًا بسبب الفيروس، وهو رقم لا يوازي “النعوات” التي تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي لأشخاص توفوا بسبب الفيروس.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة