لماذا يصر الأسد على الاحتفاظ بالجنود والضباط؟

قرارات تسريح من قوات النظام السوري لا تشمل أحدًا

شباب سوريون يخدمون في قوات النظام السوري (وزراة الدفاع السورية)

camera iconشباب سوريون يخدمون في قوات النظام السوري (وزراة الدفاع السورية)

tag icon ع ع ع

تصدر قيادة الجيش التابع لحكومة النظام السوري أوامر في أوقات متفاوتة، بتسريح عسكريين وضباط ممن سيقوا إلى خدمة الاحتياط في الجيش.

وأنهت “القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة” التابعة لحكومة النظام السوري، الاحتفاظ والاستدعاء للضباط الاحتياطيين وصف الضباط والأفراد الاحتياطيين اعتبارًا من 1 من شباط الماضي، بحسب ما نشرته وزارة الدفاع في سوريا عبر حسابها في “فيس بوك“، في 18 من تشرين الثاني الحالي.

لكن الفئات التي يشملها الأمر الإداري محدودة وغير مقنعة، بحسب ما رصدته عنب بلدي من التعليقات على القرار، إذ سخر العديد من المعلّقين على عدم شمولية أمر إنهاء الخدمة ومحدوديته.

تعليقات على قرار التسريح للضباط والأفراد في سوريا

وفي مجموعة “عوعو” الساخرة، انتشر كاريكاتير يسخر من هذا القرار، ويتضمن شخصًا يقرأ القرار ويرفقه بشروط تعجيزية لا يمكن تحقيقها.

كاريكاتير ساخر من قرار التسريح

إصرار النظام على الاحتفاظ بالملتحقين بالخدمة الاحتياطية

الضباط الاحتياطيون الذين يشملهم الأمر الإدراي الأول هم الضباط العاملون المنتهية خدماتهم، ويجب تسريحهم لأنهم أتموا السن القانونية للالتحاق بالخدمة، وهؤلاء احتُفظ بهم دون رغبتهم، بحسب ما أفاد به مدير مركز “دراسات رصد الاستراتيجي”، الدكتور في العلوم السياسية عبد الله الأسعد، عنب بلدي.

ويشمل القرار أيضًا الضباط المجندين الذين انتهت خدماتهم واحتُفظ بهم دون رغبتهم، والضباط المسرحين سابقًا واستدعوا لخدمة الاحتياط، وما زالوا في الخدمة من 1 من أيار 2011، والاحتفاظ بهم من الأساس منافٍ للقوانين المنصوص عليها لخدمة العلم والاحتياط.

وسينتهي الاحتفاظ بالضباط المحتفظ بهم والملتحقين بالخدمة الاحتياطية، الذين بلغت خدمتهم أكثر من سنتين، حتى 1 من كانون الثاني عام 2021، بحسب قرار القيادة العامة للجيش.

كما سيُسرح الأطباء البشريون المختصون في إدارة الخدمات الطبية ممن بلغت خدمتهم عامين وأكثر، ويُسرحون وفقًا لإمكانية الاستغناء عن خدماتهم.

وبالنسبة للأطباء المُحتفظ بهم وأنهوا مهمتهم أو الأطباء المتطوعين في الجيش الذين أنهوا خدمتهم، ينص القرار على ترك أمرهم لقياداتهم ولا يمكن تسريحهم إلا في الحالات القاهرة بحسب قول الأسعد.

ويشمل القرار صف الضباط والأفراد المحتفظ بهم والملتحقين بالخدمة الاحتياطية وبلغت خدمتهم أكثر من سبع سنوات ونصف حتى 1 من كانون الثاني عام 2021.

بالإضافة إلى صف الضباط والأفراد الذين التحقوا بالخدمة الاحتياطية، وهم من مواليد سنة 1982، وبلغت خدمتهم الاحتياطية أكثر من عامين، وسيُسرح لاحقًا من أكمل سنتي خدمة احتياطية فعلية لمواليد 1982.

وأضاف الدكتور في العلوم السياسية عبد الله الأسعد أن صف الضباط والأفراد (من مواليد 1982) أنهوا الخدمة الفعلية وهم مستمرون بالخدمة بصفة الاحتياط، ولم يتبقَّ منهم إلا العجزة والمصابون ولا يتجاوز عددهم العشرات.

وبقاؤهم حتى هذا الوقت منافٍ لكل القوانين والأنظمة في كل الدول، ويخالف المواد المنصوصة والمتبعة بما يخص خدمة العلم، بحسب عبد الله الأسعد.

ويرى أن السبب الأساسي لإصرار النظام على الاحتفاظ بالاحتياطيين في صفوف جيشه هو أنه فقد الكثير من الأطقم من الناحية التعبوية، والأعمال القتالية تنقصها أعداد كبيرة.

وبحسب الدكتور في العلوم السياسية، صارت القوات البرية من الدبابات والمشاة والمدفعية وغيرها منقوصة أو تُجمع الطواقم لتعبأ بنسبة 10% كحد أقصى، وتحولت الفرقة بالكامل سواء مدرعة أو ميكانيكية إلى لواء عامل فقط، وفوج المدفعية غير فعال نظرًا لنقص العناصر المدربة على المدافع وغيرها.

والإدارات العاملة التي تؤمّن العامل اللوجستي في الجيش لم تعد كافية، وأعداد العاملين ضمنها قليل، بسبب تحويلهم إلى الألوية والفرق العاملة.

ونتيجة لذلك، صار جيش النظام السوري غير قادر على تأمين الإصلاح الفني والإمداد الإداري والتأمين الطبي نظرًا إلى قلة عدد العناصر، بحسب تعبير الأسعد، الذي يرى أن تركيز القرار على الأطباء سببه أن المعارك لم تعد بحاجة إلى الخدمات الطبية بشكل كبير، ولأن سنوات الخدمة الاحتياطية لهم تصل إلى تسع سنوات منذ عام 2011.

وصدر قرار سابق مشابه لهذا في 29 من آذار الماضي، وهو تنفيذ لأمرين إداريين ينهيان الاحتفاظ والاستدعاء للضباط الاحتياطيين ممن أتموا ثلاث سنوات فأكثر من الخدمة الاحتياطية الفعلية حتى تاريخ 1 من نيسان الماضي.

وأُضيف إليهم صف الضباط والأفراد الاحتياطيون المحتفظ بهم، والملتحقون بالخدمة الاحتياطية، قبل تاريخ 1 من كانون الثاني 2013، ممن بلغت خدمتهم الاحتياطية الفعلية سبع سنوات فأكثر حتى تاريخ 1 من نيسان، ليكون مجموع الخدمة ثماني سنوات ونصفًا على الأقل.

وتكون جميع أوامر التسريح نافذة بتاريخها، ولا تشمل من يحقق شروطها بعد انتهاء تاريخ التعميم، حتى لو كان الفارق بسيطًا بين تاريخ تنفيذ القرار وتاريخ انتهاء خدمة بعض المجندين.

التسريح مثير للجدل ويستفز المجندين

أثار القرار حفيظة المجندين في صفوف جيش النظام السوري، واعتبره ضباط وأفراد قابلتهم عنب بلدي (تحفظوا على أسمائهم لدواعٍ أمنية) استهزاء بعقول الناس ومخيبًا للآمال.

مساعد في الجيش من ريف حمص الشمالي، وهو خريج كلية الاقتصاد، قال لعنب بلدي إن “قرار التسريح هذا يعبر عن مدى استخفاف قيادة الجيش بالمجندين لديها”.

وأضاف، “نحن ندفع ثمن قرارنا بالبقاء في الخدمة، وسأخدم خمس سنوات ونصفًا لأنني لست مهندسًا ولم أكمل دراسات عليا لأصبح ضابطًا فيشملني القرار، ولن أجد حلًا لهذه المشكلة”.

بينما قال مهندس مدني وضابط مجند، إن المشكلة هي أن “التسريح الأخير أمر إداري وليس قرارًا أو قانونًا جديدًا مستمرًا”.

وأضاف، “وضعي سيئ لأن بيني وبين تحقيق شرط التسريح 47 يومًا فقط”.

بينما قال طبيب مختص بالجراحة العصبية، وهو ملازم أول، إن “الجراحة العصبية اختصاص قليل في سوريا، ولا أعلم كم سأبقى لإتمام النصاب المحدد لتتمكن الإدارة من الاستغناء عني”.

وأوضح، “مضى على خدمتي خمس سنوات ونصف، أنا أدفع ثمن حلمي بدراسة تخصص نادر، ولا حلول تلوح في الأفق”.

ولا يحدد قانون خدمة العلم في سوريا مدة للخدمة الاحتياطية أو الاحتفاظ بالعساكر.

وكان مدير عام الإدارة العامة بوزارة الدفاع السورية، العميد أحمد سليمان، قال في 9 من تشرين الثاني الحالي، إن دراسة كانت تُجرى لتحديد مدة الخدمة الاحتياطية في الجيش، في حديث له مع “التلفزيون السوري” الرسمي.

وأوضح حينها أن مدة الاحتياط “لا تحتاج إلى صك تشريعي بل تصدر بقرار عن القائد العام للجيش والقوات المسلحة”.

بدل خارجي يواجَه بالانتقادات أيضًا

وواجه مرسوم سابق لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، بتعديل بعض مواد قانون خدمة العلم، اعتراضات بسبب التكلفة التي لا تتناسب مع المستوى الاقتصادي للسوريين.

وكانت التعديلات شملت، بحسب نص المرسوم الذي نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في 8 من تشرين الثاني الحالي، مبالغ البدل النقدي للمكلفين بالخدمة الإلزامية الذين تقرر وضعهم بخدمة ثابتة، والبدل النقدي للمكلفين المقيمين خارج الأراضي السورية في دول عربية أو أجنبية.

ولم يشمل المرسوم السوريين المقيمين في الداخل السوري، لكنه منح جميع السوريين في الخارج ممن أقاموا أكثر من سنة الاستفادة منه.

ويعد المرسوم مصدر دخل لأموال يحتاج إليها النظام بسبب الأزمة الاقتصادية التي يمر بها والتي زادتها العقوبات الغربية، إذ رفع إمكانية دفع البدل لتشمل جميع المغتربين بشرط تجاوز مدة الإقامة في الخارج سنة واحدة.

وكان عضو مجلس الشعب مجيب الرحمن الدندن قال، في 3 من تشرين الثاني الحالي، إن دراسة أُجريت لقانون يشمل إمكانية دفع بدل الخدمة للمقيمين في سوريا، عام 2015، وبيّنت إمكانية رفد الخزينة العامة سنويًا بمبلغ يصل إلى 1.2 مليار دولار فقط إذا سدد 10 إلى 15% من المطلوبين البدل النقدي، وإن هذا المبلغ قد يصل في خمس سنوات إلى مليارين أو ثلاثة مليارات دولار سنويًا.

ومن مصادر التمويل الأخرى المتعلقة بالخدمة الإلزامية، تعديل أقره مجلس الشعب السوري أواخر عام 2019 على إحدى مواد قانون خدمة العلم، يتيح لحكومة النظام الحجز التنفيذي على أموال وممتلكات المتخلّف عن الخدمة الإلزامية ممن تجاوز سن 42 عامًا.

وأدى انخفاض قيمة الليرة السورية إلى ارتفاع كبير بأسعار المواد الأساسية خلال الأشهر الماضية، إذ بلغت فيمتها 2540 مقابل الدولار الأمريكي، بحسب موقع “الليرة اليوم“.

ويبلغ متوسط الأجور في سوريا 149 ألف ليرة سورية (60 دولارًا أمريكيًا) في الشهر، وتبدأ من 37 ألف ليرة، بحسب موقع “SalaryExplore“.

ولا تفصح وزارة الدفاع السورية عن عدد المجندين في الجيش وتفاصيل المحتفظ بهم والذين يخدمون في الاحتياط، لكن مواقع عالمية من بينها “Global Fire Power” تقدر عددهم بـ142 ألفًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة