بين مخاطر "كورونا" ووعود الترميم..

طلاب جامعة “مزيريب” مشردون حتى إشعار آخر

camera iconجامعة دمشق فرع درعا كلية الاقتصاد - 2018 (الوكالة العربية السورية للأنباء سانا)

tag icon ع ع ع

درعا – حليم محمد

بين شظايا البلور المكسور والركام، لم يبقَ من ملامح جامعة “مزيريب” سوى أبنية خالية يستخدمها بعض عناصر “الفرقة الرابعة” كمقر عسكري يمنع الاقتراب منه، في حين بقي طلابها “ضيوفًا” بعبء ثقيل على مباني كليات أخرى ضمن جامعة “درعا”.

تقع جامعة “مزيريب” في القسم الغربي من درعا، وتبعد عن مركز المحافظة 15 كيلومترًا، تتبع كلياتها لجامعة “درعا”، وتضم قسم الآداب والطب البيطري وكلية الزراعة والحقوق والعلوم والاقتصاد، اُفتتحت عام 2011، ولكن بعد عامين على اندلاع الثورة السورية خرجت من الخدمة بشكل كامل، وتعرضت للسرقة والتخريب.

بعد سيطرة النظام على المنطقة الجنوبية في تموز عام 2018، عادت الدراسة للجامعة، لكن بعد توزيع طلابها البالغ عددهم 19 ألفًا على كلية التربية والمعهد التقاني والفندقي والصناعي، دون أن تترجم تصاريح إعادة الإعمار والتأهيل “الإسعافية” إلى جهود واقعية.

“كورونا” حاضر لكن لا مكان للطلاب

وصلت أميمة، طالبة الأدب العربي، إلى القاعة الصفية المخصصة للمحاضرة في المعهد الفندقي، لكن الازدحام أجبرها على المغادرة مجددًا، كما حصل معها ومع غيرها من الطلاب مرارًا من قبل، حسبما قالت لعنب بلدي.

تتسع كل شعبة صفية إلى 30 طالبًا، لكن كل محاضرة في العادة تتطلب حضور 150 طالبًا، حسب تقدير أميمة، التي أشارت إلى ما يثيره الازدحام من مخاوف صحية، في ظل انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، إضافة إلى نقص التهوية، وقلة المقاعد المتوفرة التي تضطر الطلاب للوقوف أو الاستناد إلى ركبهم عند رغبتهم بكتابة الملاحظات.

بدء العام الدراسي كان “بعد استكمال الإجراءات الصحية”، حسبما قال مدير فرع كليات جامعة “درعا”، الدكتور نديم مهنا، لموقع “الثورة أون لاين“، في حزيران الماضي، مشيرًا إلى إلزام الطلبة بارتداء الكمامات والتعقيم “وتجنب الازدحام”.

ارتداء الكمامة ليس خيارًا صحيًا لأميمة، التي قالت إن على الطلاب اختيار إما الاختناق والدوار من الازدحام وإما المخاطرة بالإصابة بالفيروس.

ورغم حملات التوعية ضد مخاطر الفيروس، التي أطلقها فرع “الاتحاد الوطني لطلبة سوريا في درعا” منذ تموز الماضي، وشملت توزيع الكمامات على الطلاب والأساتذة والموظفين مع تعقيم الأبنية وإلصاق “البروشورات” التحذيرية، فإن التباعد الاجتماعي “لا يمكن تطبيقه”، وغسيل اليدين بانتظار توفر المياه المفقودة منذ بداية العام الدراسي في المعهد الفندفي.

وبلغت أعداد المصابين بالفيروس في المحافظة، وفقًا لبيانات وزارة الصحة منتصف تشرين الأول الحالي، 110 إصابات، منها 66 إصابة نشطة، إلا أن أنباء الإصابات والوفيات المنتشرة في سوريا دفعت المنظمات الصحية العالمية للتشكيك بصحة الأرقام المعلَن عنها.

وعود بالإصلاح والترميم بانتظار التطبيق

المخاطر الصحية ليست المشكلة الوحيدة التي يواجهها الطلاب في أثناء حضور محاضراتهم الجامعية، إذ إنهم “ضيوف” على مدرسة طلابها بالطابق العلوي، على حد وصف أميمة.

وأضافت أنه وبينما يعطي الدكتور المحاضرة وينهمك في شرح مادة “النقد”، تعمل آليات مرآب مديرية الزراعة الذي يجاور مدرسة الفندقة من الناحية الغربية، ليختلط صوت المحاضر بصوت هدير الآلات، مع غياب مكبرات الصوت في قاعات الآداب.

كما أن نوافذ القاعات الصفية، التي داومت فيها خلال العامين الماضيين، غير محكمة ولا ترد برد الشتاء ولا حرارة الشمس في الربيع والصيف لعدم توفر ستائر للنوافذ.

اشتكى عدد من الطلاب، حسبما قالت أميمة، من سوء الأوضاع بالجامعة للعميد، لكن الجواب كان أن لا حلول متوفرة سوى عودة جامعة “مزيريب” للعمل، وهذا أمر “مكلف جدًا” لخزينة الدولة.

ووفقًا لتقييم اللجان الفنية التابعة لجامعة “دمشق”، عام 2018، فإن تكلفة إعادة تأهيل الجامعة تزيد على مليار ليرة سورية، وهي القيمة التي ارتفعت أكثر من خمسة أضعاف خلال عامين مع ارتفاع سعر الصرف من حوالي 460 ليرة مقابل الدولار إلى 2340، حسب موقع “الليرة اليوم” في تشرين الأول الحالي.

برأي الدكتور عبد الحكيم المصري، الأستاذ المحاضر في جامعة “مزيريب” سابقًا، فإن الشعب الصفية ليست مؤهلة لإعطاء المحاضرات ولها “سلبيات كثيرة”.

جامعة “مزيريب” وكلياتها كانت مبنية بشكل “مؤقت” كما قال المصري، الذي يشغل منصب وزير الاقتصاد في “الحكومة المؤقتة” بريف حلب الشمالي، مضيفًا أن مساحتها المقتطعة كانت 500 دونم، واختير لها موقع مناسب لأهالي المنطقة مع توفر المواصلات إليها.

وأرجع المصري عدم ترميم جامعة “مزيريب” لعدة أسباب، أهمها معاناة النظام حاليًا “لنقص حاد بالموارد المالية، مع انشغاله بتمويل آلته العسكرية التي يضع أهميتها بالمقدمة، ومن بعدها تأتي أهمية القطاعات الأخرى”.

إضافة إلى ذلك، يعتبر النظام درعا “خارجة عن سيطرته إلى حد ما”، لذا لم يتقدم لترميم ولو جزء منها حسب تقدير المصري، مع عدم نسيانه انطلاق الثورة من المحافظة ورغبته الدائمة بـ”عقاب أهلها”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة