ما الفرق بين الحق العيني والحق الشخصي في القانون المدني السوري

تتنوع الحقوق التي تنظمها أحكام وقواعد القانون المدني السوري وتختلف باختلاف زاوية النظر إليها، وتنقسم الحقوق المالية إلى مجموعتين رئيستين هما: الحقوق الشخصية (الالتزامات) والحقوق العينية، وتنقسم الحقوق العينية بدروها إلى قسمين، الحقوق العينية الأصلية والحقوق العينية التبعية.

وهناك مجموعة أخرى من الحقوق المالية، لا تأخذ اهتمامًا كافيًا في سوريا، ظهرت نتيجة التطور الثقافي والاقتصادي والصناعي، وهي الحقوق المعنوية (الفكرية أو الأدبية).

والحقوق التي يعنى بها المشرّع المدني السوري بشكل خاص هي الحقوق الشخصية والحقوق المعنوية، وفق كتاب “شرح القانون المدني- الحقوق العينية” للفقيه القانوني السوري محمد وحيد الدين سوار.

وينبغي لأصحاب الملكيات العقارية أن يعلموا مكان حقهم في القانون وخصائصه، عن طريق التفريق بين مفهومي الحق العيني والحق الشخصي في القانون.

اقرأ: مصطلحات عقارية.. حق الانتفاع

الحق العيني

ويُقصد بالحق العيني على أنه سلطة مباشرة يقرها القانون لشخص معيّن على شيء مادي معيّن بالذات، ويمكن الاحتجاج به في مواجهة الغير.

ويمكن للفرد استعمال هذا الشيء والانتفاع به بما يتوافق مع أحكام القانون.

والأصل في الحق العيني أن صاحبه يستطيع مباشرة حقه واستعمال سلطاته على الشيء محل الحق دون وساطة أحد.

وتعتبر الحقوق الملكية العقارية من ضمن الحقوق العينية، التي لأصحابها الحق والسلطة المباشرة باستعمالها.

اقرأ: مصطلحات عقارية.. حق الارتفاق

الحق الشخصي

أما الحق الشخصي (الالتزام أو حق الدائنية) فهو رابطة قانونية بين شخصين، دائن ومدين معينين، يطالب بمقتضاها الدائن مدينه بأن يؤدي له عملًا أو أن يمتنع لمصلحته عن أداء عمل.

كما تعرض هذا التعريف للنقد من جانب بعض الفقهاء، وتعددت التعريفات البديلة، لكن كقاعدة عامة، يتضمن الحق الشخصي على سلطة تثبت للدائن وتخوله أن يلتزم المدين بواجباته.

وهذه التفرقة التقليدية بين الحق العيني والحق الشخصي منحدرة إلى القانون المدني السوري من القانون الروماني، واتخذها المشرّع السوري أساسًا لتقسيم الحقوق المالية.

خصائص الحق العيني

يتميز الحق العيني بخصائص معينة تباعد بينه وبين الحق الشخصي، وتتمثل هذه الخصائص بالتالي:

1- الحق العيني هو حق مطلق، يمكن لصاحبه الحصول عليه بنفسه، والانتفاع به مباشرة دون وساطة أحد.

في حين أن الحق الشخصي هو حق نسبي لا يتسنى لصاحبه الوصول إليه إلا عن طريق شخص آخر هو المدين.

ويترتب على هذا الفارق أن صاحب الحق العيني يمكن أن يحتج به على كل الناس، أما صاحب الحق الشخصي فلا يستطيع الاحتجاج به إلا في مواجهة مدين معيّن.

2- الحق العيني لا يُرد إلا على شيء معيّن بالذات، إذ لا يتصور أن يثبت لشخص سلطة على شيء إلا إذا كان محددًا بعينه، أما الحق الشخصي فيصح أن يكون موضوع الأداء فيه شيئًا معينًا بالنوع.

3- الأصل في الحق العيني أنه حق دائم يدوم ما بقي محله، مع وجود استثناءات عديدة على مبدأ ديمومة الحق العيني، وهي الحقوق العينية المؤقتة، مثل حق الانتفاع والإيجارات، وكل الحقوق العينية التبعية.

اقرأ: ما الفرق بين “الأشياء” و”الأموال” في القانون المدني السوري

أما الحق الشخصي فهو حق مؤقت، بسبب أن التزام المدين بأن يؤدي للدائن عملًا معينًا، أو يمتنع عن أداء هذا العمل يتضمن الحد من حريته، والقانون لا يجيز الحد من حرية الشخص إلى الأبد.

4- الحقوق العينية قابلة للحيازة، لأنها تقع على شيء مادي، أما الحقوق الشخصية فهي غير قابلة للحيازة، لأنها تقع على أمر معنوي هو عمل أو امتناع عن عمل، ويترتب على ذلك أن الحقوق العينية تُكتسب بالتقادم بخلاف الحقوق الشخصية.

5- يحق لصاحب الحق العيني أن يتنازل عن حقه بمحض مشيئته، في حين أن صاحب الحق الشخصي لا يسوغ له التنازل عن حقه، إذ للمدين الحق في أن يرد الإبراء من الدين بموجب المادة “369” من القانون المدني السوري رقم “84” لعام 1949.

6- الحقوق العينية وردت في القانون على سبيل الحصر، وليس للأفراد إنشاء حقوق عينية غير التي أجازها المشرّع، بسبب أن ترتيب الحقوق على الأشياء يتصل بالنظام العام، أما الحقوق الشخصية فهي ليست واردة في القانون على سبيل الحصر، بسبب أن موضوع الحقوق الشخصية هو الأعمال، ولا حد للأعمال التي يلتزم الأشخاص بأدائها أو بالامتناع عنها.

اقرأ: مصطلحات عقارية.. القاضي العقاري المؤقت

7- يخول الحق العيني صاحبه ميزتي التتبع والتقدم، فبمقتضى ميزة التتبع يستطيع صاحب الحق العيني تتبع الشيء محل الحق في يد أي شخص انتقلت إليه حيازة هذا الشيء، وبمقتضى ميزة التقدم يُفضَّل صاحب هذا الحق على من يزاحمه في الإفادة عن الشيء، مثل الرهن، إذ يتقدم الدائن المرتهن على الدائنين العاديين، فهؤلاء لا يستوفون ديونهم من ثمن المال المرهون إلا بعد أن يكون الدائن المرتهن قد استوفى كامل دينه، بخلاف الحق الشخصي إذ لا يخول صاحبه ميزتي التتبع والتقدم.

ومن خلال هذه الخاصية الأخيرة، يحق لمن استولى على ملكيته العقارية من قبل شخص آخر المطالبة بملكية مسكنه أو أرضه في حال كان قد امتلك الوثائق التي تُثبت تلك الملكية.

–