النساء أكثر عرضة من الرجال

لماذا تتأذى حاستا الشم والتذوق لدى مصابي “كورونا”

الشم والتذوق لدى مصابي كورونا
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

تزايد فقدان حاستي الشم والتذوق أو إحداهما بين الناس في معظم دول العالم، ورُبط ذلك بتفشي الإصابة بفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، ومع أن النسبة الحقيقية لتأذي هاتين الحاستين في سياق هذا المرض غير مدروسة في منطقة الشرق الأوسط، فإن المشاهدات السريرية تدل على شيوع هذه المشكلة بين المصابين.

ومع أن فقدان حاستي الشم والتذوق الحديث له أساب متعددة، لكنه أصبح أحد الأعراض المهمة للإصابة بفيروس “كورونا” إضافة إلى الحمى والسعال، فإذا ظهر هذا العرَض عند أي شخص عليه إجراء الحجر في المنزل لمدة سبعة أيام لإيقاف نقل العدوى للآخرين.

هل جميع حالات فقدان حاستي الشم و/أو التذوق تدل على الإصابة بـ”كورونا المستجد”؟

إضافة إلى الإصابة بـ”كورونا”، قد يكون فقدان الشم (Anosmia) حديث الظهور من علامات التهابات الجهاز التنفسي الأخرى، مثل نزلات البرد والإنفلونزا، وتشمل الأسباب الأخرى لفقدان حاسة الشم: الزوائد الأنفية، والتهاب الأنف الأليرجيائي أو الوعائي الحركي أو الضموري، والتدخين، وكثرة استخدام قطرات الأنف المقبضة للشعيرات الدموية، والأدوية، كبعض المضادات الحيوية ومضادات الهيستامين، والأورام على مستوى الحفرة الأنفية والجيوب والبلعوم الأنفي، وعقابيل الأعمال الجراحية على الأنف، والانسمامات المعدنية بالألمنيوم أو الكروم أو الزئبق، والانسمامات الغازية بمشتقات الدهان أوالقطران أو البترول، والإدمان على الكوكايين بطريق الأنف.

ويرتبط فقدان الطعم عادة بفقدان الشم، لأننا نعتمد على الشم لتحديد النكهات، ولكن يمكن أن تكون هناك أسباب طبية لفقدان حاسة التذوق، مثل: بعض الأدوية التي تؤثر على التذوق، وكذلك يمكن للعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي أن يعطلا التذوق أيضًا، إضافة إلى الأذيات الجسدية كقطع الأعصاب في أثناء جراحات الأسنان.

وبالاعتماد على الدراسات العالمية، كشفت دراسة بريطانية أن فقدان حاسة الشم و/ أو التذوق هو العرض الأبرز للإصابة بفيروس “كورونا”، وأن 78% من الأشخاص الذين أبلغوا عن فقدانهم حاسة الشم و/ أو التذوق، كانت نتيجة الفحص الخاص بهم إيجابية بفيروس “كورونا”.

وحسب دراسة صينية فإن نسبة الذين تتأذى لديهم هاتان الحاستان هي 66% من إجمالي المرضى المصابين بفيروس “كورونا”.

وقد أظهرت دراسة كورية أنه يترافق العرَضان معًا في حوالي 52% من حالات تأذي حاستي الشم و/ أو التذوق، بينما يمكن أن تكون حاسة الشم لوحدها متأذية بنسبة حوالي 28% من الحالات، وتتأذى حاسة التذوق لوحدها دون حاسة الشم بنسبة حوالي 20% من الحالات.

وقد أظهرت دراسة أمريكية أن تأذي حاستي الشم والتذوق يكون أكثر لدى الحالات التالية:

  • النساء أكثر عرضة من الرجال.
  • متوسطو العمر (الكهول).
  • البدينون.

وبشكل عام، تبين أن الأشخاص الذين يشكون من تأذي حاستي الشم و/ أو التذوق تكون إصابتهم بـ”كورونا” خفيفة وإنذارهم أفضل، فنسبة حاجتهم لدخول المستشفى أقل، وكذلك نسبة حاجتهم لدخول العناية المركزة أو للوضع على “المنفسة” أقل مقارنة مع الأشخاص الذين لم تتأذى لديهم هاتان الحاستان .

كيف يحدث تأذي حاستي الشم والتذوق؟

عندما يفقد المرضى المصابون بنزلات البرد الاعتيادية حاستي الشم و/ أو التذوق فإن ذلك يحدث بسبب الاحتقان، بينما لا يرجع فقدان حاستي التذوق و/ أو الشم لدى مرضى “كورونا” إلى احتقان الأنف الذي يكون بسيطًا في هذا المرض.

وذكرت دراسات أن المستقبلات الخاصة بالفيروس غير موجودة على العصبونات الشمية في الجهاز الشمي بالأنف وإنما موجودة في الخلايا الداعمة لهذه العصبونات، هذه الخلايا الداعمة هي التي تصاب بفيروس “كورونا”، وبالتالي تتأثر حاسة الشم.

وعادة ما يظهر تأذي الشم والتذوق مرافقًا لبقية الأعراض أو تاليًا لها، وبنسبة قليلة من الحالات (حوالي 12%) كانت الشكوى الأولى للمريض هي تأذي الشم و/ أو التذوق ويليها بعد ذلك ظهور الأعراض الأخرى المرافقة للإصابة بفيروس “كورونا”، وفي حالات قليلة جدًا (3-6%) كان تأذي الحاستين هو العرَض الوحيد للإصابة بـ”كورونا” دون ظهور أي عرَض آخر.

هل تأذي حاستي الشم والتذوق دائم؟

بما أن الخلايا الداعمة للعصبونات الشمية التي تصاب بفيروس “كورونا” هي خلايا قابلة للتجدد، لذلك يعتقد أن غياب حاستي الشم والتذوق لن يكون دائمًا، وإنما قد تعود هذه الخلايا للتجدد، وبالتالي تعود حاسة الشم مع الوقت، ولكن يحدث التحسن بشكل تدريجي.

وقد تستمر هذه الأعراض من أيام إلى أسابيع وأحيانًا أشهر، ولكن أظهرت دراسة صينية أنه بعد أربعة أسابيع كانت هذه الحواس قد عادت إلى الحالة الطبيعية عند 48.7% من المرضى، وعند 40.7% من المرضى بعد أربعة أسابيع كان هناك تحسن ملحوظ ولكن دون عودة الحواس إلى وضعها الطبيعي، ونسبة 10.6% من المرضى كانت الأعراض ما زالت شديدة أو أنها أصبحت أسوأ بعد أربعة أسابيع من بداية المرض.

ولكن ننوه إلى أنه إذا مر على المريض عشرة أيام منذ بداية الإصابة وزالت الأعراض الأخرى للمرض خلال آخر 24 ساعة فإن استمرار تأذي الشم والتذوق لا يدل على أن المريض ما زال معديًا، وبالتالي بإمكانه الخروج من العزل.

هل يوجد علاج لتحسين حاستي الشم والتذوق المتأذيتين؟

لا يوجد دواء نوعي يعطي لهؤلاء المرضى، ولكن يمكن إعطاء مضادات الاحتقان في حال ترافقت الحالة مع احتقان في الأنف.

ولكن يمكن للمريض أن يقوم بتدريب حاسة الشم وذلك عن طريق استنشاق روائح قوية، مثل الزعفران والقرنفل أو العطور وذلك عدة مرات خلال اليوم، كل مرة حوالي 20 ثانية، ويمكن أن يساعد هذا التمرين على عودة حاسة الشم بشكل أسرع عند هؤلاء المرضى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة