"عندما يتوفى المريض أخبرونا لنأخذه"

لا أسرّة ولا مستلزمات.. “كورونا” يفتك بسكان دمشق

camera iconساحة المرجة وسط العاصمة دمشق- 12 من كانون الأول 2019 (عدسة شاب دمشقي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خولة حفظي

بكلماتها وحروفها الحزينة المبعثرة وبلسان متلعثم، تروي عبير القادر قصة معاناة أبيها بعد إصابته بفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).

“حرثنا دمشق بالكامل في محاولة لتأمين سرير لأبي في أحد مشافي دمشق، وهو في أمس الحاجة للأوكسجين، لكننا لم نوفق في ذلك، فاضطررنا لشراء أسطوانات منزلية معبأة بالأوكسجين لوضعها في المنزل لأبي الذي رحل عنا باكرًا، بينما لا نزال نحتفظ بالأسطوانة تحسبًا لإصابة أحدنا الفيروس”.

تحدثت عبير القادر، وهي من سكان دمشق، لعنب بلدي، عن معاناة أبيها بعد إصابته بفيروس “كورونا”، ولم تكن تختلف كثيرًا عن قصة سعاد الغانم، التي تحدثت بشأن عجزها عن حجز غرفة بمشافي دمشق، لوالدتها المصابة بالفيروس.

سعاد قالت لعنب بلدي، إن غرف المشافي في العاصمة باتت قليلة، وسعر الليلة الواحدة في العناية المشددة مع جهاز تنفس صناعي (منفسة) تبدأ من 250 ألف ليرة سورية وتصل إلى المليون (كل دولار يقابل ألفي ليرة سورية تقريبًا)، “عدا عن ثمن الأدوية”.

ينتشر فيروس “كورونا” في دمشق كالنار في الهشيم، وفق ما أكده عدد من سكان العاصمة ممن تحدثت إليهم عنب بلدي، وتزداد معه معاناة ساكني دمشق وسط ارتفاع الأسعار واحتكار أو نقص الأدوية في الصيدليات، وقلة وجود تجهيزات طبية في المشافي، وارتفاع أسعار أجهزة التنفس الصناعي للمرضى.

نفاد أسطوانات الأوكسجين وارتفاع أسعارها

الممثل السوري أحمد رافع، تحدث في مقطع صوتي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، عن مدى تدهور الوضع الصحي في المشافي بسوريا، وذلك بعدما أُصيب بالفيروس، أواخر تموز الماضي، وأجرى مسحة في مشفى “الأسد الجامعي”.

وقال رافع، إن “المصابين بفيروس كورونا ملقون على الأرض في مستشفى الأسد الجامعي دون أي اهتمام”، مبينًا أن هناك مرضى في أشد الحاجة لمادة الأوكسجين، وأنها غير متوفرة.

ووصف وضع المصابين بالفيروس بأنه “مُحزن”، بسبب “عدم توفر الأوكسجين ونقص الأدوية والمعدات”، موضحًا أن كثيرًا من المشافي أعطت الأرقام للمرضى وأعادتهم إلى بيوتهم وأبلغت ذويهم: “عندما يتوفى المريض أخبرونا لنأخذه”.

بينما كان وزير الصحة في حكومة النظام السوري، نزار يازجي، قال، في 8 من آب الحالي، إنه “تم توزيع 375 جهاز أوكسجين إضافيًا على المشافي العامة مع اتّخاذ الإجراءات التي من شأنها تأمين سلامة الكوادر الطبية”.

ونشرت صحيفة “تشرين” الحكومية تحقيقًا قالت فيه، “لا نتعجب أن يصل سعر أسطوانة الأوكسجين إلى مليون ليرة كما يتكهن بعض التجار وليس إلى 700 ألف، فكل شيء جائز في ظل غياب الجهات الرقابية، وحالة الخوف لدى المواطنين من كورونا، والنفاد الشبه الكامل للأسطوانات من المستودعات”.

ويتراوح سعر أسطوانة الأوكسجين حسب نوعيتها ونظافتها، إن وجدت، من 225 إلى 300 ألف ليرة، في حين كان سعرها يتراوح بين 25 و50 ألف ليرة قبل أزمة “كورونا”.

مبادرات أهلية أو حلول فردية

مع غياب وندرة أسطوانات الأوكسجين وارتفاع الأسعار، أطلق شباب سوريون في العاصمة دمشق مبادرة “عقمها“، التي تضم 166 ألف عضو، حيث يقدم المتطوعون خدماتهم للمحتاجين مع نشر نصائح حول الوقاية من الفيروس، والأخذ بالإجراءات الوقائية لتجنب العدوى، وتأمين أسطوانات الأوكسجين بأسعار رمزية، كما توفّر المجموعة خدمة التعقيم المنزلي بشكل “مجاني” لغير القادرين على الدفع.

في حين لجأ سوريون غير قادرين على دفع تكاليف العلاج إلى “التداوي عبر أخذ الفيتامينات، والإكثار من شرب الليمون والزنجبيل والسوائل”، وفقًا لما قالته ليلى، إحدى سكان العاصمة دمشق، ممن تواصلت معهم عنب بلدي.

إلا أن الليمون لم يسلم أيضًا من رفع الأسعار ليصل سعر الكيلو إلى خمسة آلاف ليرة ، ما دفع بعضهم إلى “شراء الحصرم”، وفق ما قالته ليلى.

ارتفاع عدد الوفيات

يتخوف بعض المواطنين من الإفصاح عن الإصابة، ويتكتم أهل المصاب على الحديث عن سبب الوفاة في حالة كانت بـسبب “كورونا”، خوفًا من حجر المبنى أو الحي بالكامل، بحسب مصادر متقاطعة تحدثت إليها عنب بلدي.

وكان مدير مشفى “المواساة” بدمشق، الدكتور عصام أمين، تحدّث عن توجه حكومي لإبقاء المصابين بفيروس “كورونا” في منازلهم، واستقبال الحالات الشديدة فقط بالمشافي.

وقال أمين، في حديث لصحيفة “البعث” الحكومية ، في 28 من تموز الماضي، إن “الحالة الوحيدة المقبولة بالمشفى، هي للمصاب بنخر الرؤى الشديد المرافق لقصور تنفسي، ويحتاج إلى جهاز تنفس صناعي، ولا يتجاوز عددهم ثلاث أو أربع حالات في جميع المشافي”، وسط “التوجه حاليًا إلى إبقاء المريض الذي تكون أكسجته فوق 85 بالبيت للعلاج”.

وأشار إلى أن “أغلب الأشخاص أُصيبوا بالفيروس منذ تشرين الثاني أو كانون الأول 2019، وأخذوا المناعة اللازمة”، وأن الأطباء “يحصرون الأعراض في سوريا بالالتهابات الهضمية والمفصلية، ونادرًا ما تأتي أعراض رؤية قاتلة”.

ووصل عدد الإصابات المسجلة بالفيروس في مناطق سيطرة النظام السوري إلى 1515 حالة، معظمها في محافظتي دمشق وريف دمشق، شفي منها 403 حالات، وتوفي 58 شخصًا، بحسب بيانات وزارة الصحة في حكومة النظام السوري.

لكن هذه الأرقام تقابَل بتشكيك من ناشطين وأطباء، يوثقون يوميًا عشرات حالات الإصابة والوفيات بسبب الفيروس.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة