ينتظرون مصيرهم

مرضى السرطان عالقون في الشمال السوري

camera iconأدوية خاصة لمعالجة السرطان في إدلب - (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خاص

“الأعمار بيد الله”، عبارة تلخص حال عبد العزيز يازجي مع أخيه الصغير المصاب بمرض السرطان في قدمه اليسرى، في ظل محاولته المتكررة للدخول من إدلب إلى تركيا عبر معبر “باب الهوى” للعلاج، لكن دون جدوى.

يتحدث عبد العزيز لعنب بلدي عن معاناته اليومية مع أخيه، فمكان الإصابة بالمرض تحت الركبة بالقدم اليسرى، والورم يكبر ويزداد مع ازدياد الألم وإحساس بسخونة عالية في مكان الإصابة، ما أدى إلى قلة نوم الطفل بسبب الألم الشديد، على الرغم من أخذ كل أنواع المسكنات.

وبسبب عدم وجود علاج في الشمال السوري، أجمع الأطباء على تحويله إلى تركيا للعلاج، لكن عبد العزيز حاول مرارًا عبور الحدود مع أخيه وسط وعود متكررة دون جدوى، مؤكدًا وجود “خطر كبير” على حياته، لأن هذا النوع من “الساركوما العظمية” (مصطلح عام للسرطانات التي تصب العظام والأنسجة الرخوة) عندما يصيب الأطفال بالذات فإن انتشاره بالجسم سريع جدًا، وإذا انتشر لا يوجد أي علاج كيماوي أو طبي له، وعمر الطفل الافتراضي بهذه الحالة سنتان فقط.

400 مريض سرطان ينتظرون

ويعاني مرضى السرطان في الشمال السوري من ضعف الإمكانيات الطبية في المنطقة، وتزايد الصعوبات التي تعرقل العلاج، وسط ندرة الأدوية وغلائها وارتفاع التكاليف وفقدان المراكز العلاجية، ما يدفع المرضى إلى التوجه نحو تركيا والدخول عبر معبر “باب الهوى” بعد الحصول على إحالة طبية من مديرية الصحة.

لكن خلال الأشهر الماضية، ومع انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، والإجراءات المتخذة على الحدود السورية- التركية من إغلاق المعابر والتشدد بدخول السوريين، زادت معاناة المرضى، إذ ينتظر المئات دورهم للدخول إلى تركيا.

وفي 13 من آذار الماضي، أغلق معبر “باب الهوى” أبوابه أمام حركة المرضى أصحاب الحالات “الباردة” والمسافرين إلى تركيا، وبقي المعبر مغلقًا في وجه مرضى السرطان حتى 1 من حزيران الماضي، عندما سمحت الإدارة بدخول خمسة مرضى سرطان يوميًا فقط للعلاج في تركيا، وذلك بعد التنسيق بين إدارة المعبر والجانب التركي.

لكن بعد أسبوع عاد المعبر إلى الإغلاق مجددًا بعد تسجيل عدد من الإصابات بفيروس “كورونا” في الشمال السوري، قبل أن يُفتح مرة أخرى، بشرط تقيّد المرضى بالإجراءات الوقائية للحد من تفشي الفيروس.

وأدى إغلاق المعبر المتكرر إلى ارتفاع عدد المرضى أصحاب الحالات الحرجة، بحسب مدير المكتب الإعلامي لمعبر “باب الهوى” الحدودي، مازن علوش.

وأوضح علوش لعنب بلدي أن 400 مريض سرطان ينتظرون دورهم منذ عشرة أيام للدخول إلى تركيا، عدا عن عشرات حالات السرطان التي لم تحضر إلى العيادات للحصول على إحالة الدخول إلى تركيا، مؤكدًا أن أغلبية المرضى بحاجة للدخول بأسرع وقت بسبب وجود حالات حرجة.

من جهته، أوضح المدير التنفيذي في جمعية “الأمل” لمكافحة السرطان، غياث مارتيني، أن عدد المرضى الذين دخلوا إلى تركيا منذ 1 من حزيران الماضي وحتى 8 من تموز الحالي، 180 مريضًا فقط من أصل 520 ينتظرون دورهم.

وبعد مناشدات، أعلنت إدارة معبر “باب الهوى”، في 23 من تموز الحالي، استئناف عبور مرضى السرطان، وقالت إنها ستنشر مواعيد جديدة عبر معرفاتها الرسمية، للمرضى الذين لديهم إحالات سابقة لإجراء مقابلات السفر وفقًا لرقم الإحالة، أما المرضى غير الحاصلين على إحالات، فبإمكانهم مراجعة العيادات الخارجية لمشفى “باب الهوى” بعد عطلة عيد الأضحى.

ونبّهت إدارة المعبر إلى ضرورة بقاء المريض في تركيا حتى انتهاء فترة علاجه، بسبب إيقاف المراجعات الطبية في المشافي التركية لجميع المرضى الخارجين من تركيا بعد تاريخ 22 من تموز الحالي وحتى إشعار آخر.

لكن مارتيني أكد أنه حتى تاريخ 25 من تموز الحالي، لم تدخل سوى الحالات الحرجة عبر منظومة الإسعاف (طفلتان فقط)، بانتظار الأيام المقبلة لإدخال بقية المرضى.

الحل بدعم المشافي في الشمال

المدير التنفيذي في جمعية “الأمل” لمكافحة السرطان، غياث مارتيني، قال إن الاهتمام بمرضى السرطان تراجع في تركيا، ولم يعد المريض يلقى الاهتمام والعناية بنفس السويّة السابقة.

وأضاف مارتيني أن المواعيد لمرضى السرطان في المشافي التركية أصبحت بعيدة، تحت حجة “كورونا” تارة والازدحام تارة أخرى، إلى جانب منع دخول مرافقين مع المريض لمن هم فوق ثماني سنوات، الأمر الذي يزيد المعاناة، وخاصة لكبار السن الذي يحتاجون إلى وجود أشخاص بالقرب منهم.

ودعا مارتيني إلى دعم المشافي في الشمال السوري، وإبقاء مرضى السرطان هناك، وعدم تحملهم أعباء مالية للدخول إلى تركيا.

وتحدث مارتيني عن تجهيز جمعية “الأمل” معدات تقدر بـ160 ألف دولار لإحداث مركز جديد في عفرين بريف حلب الشمالي، يُعنى بالكشف المبكر عن السرطان والمعالجة، وسط مباحثات مع مسؤولين أتراك حول آلية عمل الكادر الطبي، وحرية تنقل الكادر الإداري بين الداخل والخارج.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة