"سنعود إلى تحت الصفر"

“كورونا” يغلق البازارات الشعبية في إدلب

camera iconأحد أسواق مدينة إدلب- تموز 2020 (عنب بلدي/يوسف غريبي)

tag icon ع ع ع

إدلب – يوسف غريبي

عادت “بسطة” عبد الحي الأسعد الصغيرة بعد القصف والصواريخ، مقاومة تراجع قيمة الليرة السورية، إلا أن فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) تمكن منها في نهاية الأمر، بعد أن صدر قرار بإيقاف البازارات الجوالة بين المدن، ضمن إجراءات الوقاية من انتشار “الجائحة”.

أصدرت المجالس المحلية في محافظة إدلب، بعد أيام من الإعلان عن حالة الإصابة الأولى بالفيروس في 9 من تموز الحالي، بيانات تقضي بإغلاق البازارات الأسبوعية في مناطق منها الدانا وبنش والفوعة وأطمة، بهدف منع تجمعات المدنيين في الأسواق “حتى إشعار آخر”، ولكن المنطقة، التي يعتمد ثلاثة أرباع سكانها على المساعدات الإغاثية، أصبحت أمام واقع لا تقل خطورته عن الفيروس نفسه.

الوقاية والبطالة

حصل عبد الحي على شهادته من المعهد الصناعي في إدلب عام 2011، لكن قلة فرص العمل دفعته للبحث خارج اختصاصه، ولم يجد سوى العمل على “بسطة” في البازار سبيلًا للرزق، حسبما قال لعنب بلدي.

لم يكن العمل في البازار المتنقل من مدينة إلى أخرى سهلًا خلال سنوات الحرب، فمن خسارة “البسطة” بعد مجزرة روسية في سوق كفرنبل، في ريف إدلب الجنوبي، إلى النزوح والوقوع بين نيران المعارك وخطر الطيران الحربي، إلى انهيار قيمة الليرة السورية المتسارع، وما إن عاد عبد الحي إلى العمل حتى وصل فيروس “كورونا” إلى المنطقة.

توقف 120 بائعًا في بازار الفوعة عن العمل، وفقًا لرئيس المجلس المحلي، محمد الأحمد، وما يزيد على ضعفهم توقفوا عن البيع في بنش، حسبما قال رئيس مجلسها المحلي، الدكتور فاضل حاج هاشم، لعنب بلدي.

وأضاف حاج هاشم أن المجلس تلقى إنذارات من مديرية صحة إدلب ووزارة الإدارة المحلية التابعة لـحكومة “الإنقاذ”، بضرورة إنهاء التجمعات وإغلاق البازارات، وهو ما حصل مع وصول تعليمات إلى فرن بنش لتطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي عند بيع الخبز.

برأي عبد الحي، لم يكن إيقاف عمل البازارات ضروريًا طالما أن عدد حالات الإصابة ما زال محدودًا، إذ بلغت الإصابات 13 حالة حتى 17 من تموز الحالي، مفضلًا أن يتم إعلان أسماء المصابين لمعرفة الأشخاص المخالطين.

ويعتقد عبد الحي أن استمرار وقف الأسواق عن العمل سيدفع الباعة للبحث عن بدائل، كالبيع الجوال بين القرى والمخيمات، أو تغيير مجال عملهم، أو الإنفاق على عائلاتهم من رأس المال و”العودة إلى تحت الصفر”.

إغلاق “متنفس” للمشترين

تمثل البازارات الشعبية “متنفسًا” للمشترين، حسب وصف رئيس المجلس المحلي لمدينة بنش، فاضل حاج هاشم، إذ إن أسعار المنتجات فيها تقل عن أسعار المحال التجارية.

يبتاع أهالي المدن حاجياتهم من البازارات الشعبية، وينتظرونها أسبوعًا تلو آخر، حسبما قال مصطفى غريبي، الذي يسكن في مدينة الدانا، مشيرًا لعنب بلدي إلى رخص المواد المباعة في البازارات مقارنة مع المحال الأخرى، واضطراره الآن إلى دفع المزيد لتأمين احتياجاته.

وبحسب تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA)، الصادر في 13 من تموز الحالي، فإن جائحة فيروس “كورونا” اجتمعت مع آثار النزوح المتكرر، والمخاطر الأمنية المستمرة، وانعدام الاستقرار الذي يمثله انخفاض قيمة العملة المحلية، لتزيد من معاناة سكان المنطقة البالغ عددهم 4.1 مليون شخص، 2.8 مليون منهم يعتمدون على المساعدات الإغاثية في معيشتهم.

وسببت العوامل السابقة، وفق التقرير، ارتفاع تكلفة السلة الغذائية بنسبة 68% خلال شهر واحد، ما يهدد بقية سكان المنطقة بالوقوع تحت خط الفقر، والعجز عن تأمين احتياجاتهم دون مساعدة.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة