بين الحرية والخوف.. ما مستقبل مظاهرات السويداء

camera iconمظاهرات مدينة السويداء التي نادت باسقاط النظام السوري 13 من حزيران 2020 (صفحة بدنا نعيش في فيس بوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- يامن مغربي

عدسات الهواتف المحمولة تعود لبث المظاهرات من مدينة السويداء جنوبي سوريا مباشرة عبر “فيس بوك”، تُسمع منها عبارات “عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد”، “الشعب يريد إسقاط النظام”، لتعيد إلى الأذهان أصوات المتظاهرين في عام 2011، الذين نادوا برحيل النظام السوري.

خروج أهالي المحافظة إلى الشوارع ليس جديدًا، إذ شهدت المدينة مطلع العام الحالي مظاهرات على خلفية الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها سوريا، لكن الاختلاف هذه المرة يأتي بتفاعل واسع من السوريين، سواء على الأرض، بخروج مظاهرات في محافظتي درعا وإدلب وكذلك في الجولان المحتل، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من مواطنين وسياسيين وفنانين.

ويفتح استمرار المظاهرات والتفاعل الواسع معها، باب السؤال حول امتدادها إلى مدن أخرى يسيطر عليها النظام السوري، وكذلك مدى قدرتها على الاستمرار، وسط هدوء حذر من أجهزة الأمن تجاهها.

الخبز والحرية.. مطالب المتظاهرين

المظاهرات في المدينة الجنوبية ليست جديدة، فمنذ عام 2011 تكرر خروج المحتجين إلى الشوارع، وكذلك الأمر في عام 2017 والأعوام التالية وصولًا إلى مظاهرات اليوم.

وفي 7 من حزيران الحالي، خرج عشرات المواطنين للتنديد بالوضع المعيشي المتدني، وحمّلوا النظام السوري مسؤولية تدهور الوضع المعيشي، وتكرر ذلك رغم تنظيم النظام السوري مسيرة مؤيدة له، حاول فيها حشد أكبر عدد ممكن من طلبة وإداريّي الجامعة والمعاهد في المحافظة.

ويرى المتحدث باسم “هيئة التفاوض السورية”، يحيى العريضي، في حديث لعنب بلدي، أن خروج المتظاهرين إلى الشوارع يرجع لعدد من العوامل، أهمها تعلم الدروس السابقة وفقدان النظام القدرة على توجيه الاتهامات السابقة بالإرهاب والسلفية إلى المتظاهرين، وسط ظروف معيشية صعبة للغاية.

ويعيش 83% من السوريين تحت خط الفقر، بحسب تقييم احتياجات سوريا الخاص بالأمم المتحدة لعام 2019.

من الجولان إلى إدلب.. زخم يكسر الصور النمطية

تفاعل مئات السوريين داخل سوريا مع مظاهرات السويداء، فخرجت مظاهرات في إدلب ودرعا والجولان دعمًا للحراك الأخير، وانتشرت عشرات الصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي من طرطوس واللاذقية ودمشق وحمص، تحيّي المظاهرات وتكرر شعاراتها.

هذا الزخم ناتج بحسب الصحفي المنحدر من السويداء عهد مراد، عن حاضنة جيدة للمتظاهرين ومزاج مقبول من الشارع، بسبب الاستياء (حتى في حاضنة النظام السوري) من طريقة إدارة الدولة وخذلان النظام، وبالتالي لا توجد إرادة حقيقية للدفاع عن النظام في الشارع السوري.

بينما يرى المتحدث باسم “هيئة التفاوض السورية” أن الشعارات التي رددها متظاهرو السويداء كانت عاملًا مهمًا في هذا الزخم، إذ نادوا بطرد إيران ووحدة الشعب السوري وإسقاط الأسد والاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية، وهذه الشعارات، وفقًا للعريضي، “خاطبت كل الشارع السوري وآلامه الحالية”.

وشهدت مدينة طفس، التابعة لمحافظة درعا القريبة من السويداء، مظاهرة ليلية حملت الشعارات ذاتها التي رددها أهالي السويداء، كما نظم أهالي الجولان المحتل مظاهرة احتجاجية، في 13 من حزيران الحالي، دعمًا للحراك في سوريا ومطالبه.

وقالت الناشطة آرام صالح، المقيمة في الجولان لعنب بلدي، إن ناشطين معارضين نظموا المظاهرة بهدف دعم السويداء، والتأكيد على إدراكهم لأهمية الجولان المحتل ودوره بإسقاط خطاب النظام حوله، الذي يحاول استغلاله لمصلحته، وإيصال دعم مباشر لأهالي السويداء وكل المناطق السورية.

وأضافت آرام أن هذه المظاهرة تكسر الصورة النمطية عن أهالي الجولان “بوصفهم موالين للنظام”، وهي صورة خاطئة كليًا خاصة بعد قمع الحراك الثوري في الجولان عام 2013 من الاحتلال الإسرائيلي وموالي الأسد.

وأشارت آرام إلى تفاعل كبير من قبل أهالي الجولان، مع الخوف من موالي النظام وقوات الاحتلال، التي من ممكن أن تلجأ إلى اعتقالات وتحقيقات بحق المشاركين في المظاهرات.

لا تقتصر مطالب مظاهرات الجولان على إسقاط النظام فقط، بل ربما تؤسس لاحقًا لمظاهرات أخرى في الجولان تطالب بقضايا تخصه، وهو أمر يتعلق برد فعل جميع الأطراف.

السويداء في إدلب

مع ترديد الشعارات الوطنية في مظاهرات السويداء، خرج أهالي محافظة إدلب في مظاهرة طالبت بسقوط النظام وحيّت أهالي السويداء.

واعتبر المتظاهر بلال بيوش، في حديث لعنب بلدي، أن مظاهرات السويداء اليوم هي تجديد للحراك الشعبي في عام 2011، مرجعًا توقف المظاهرات منذ أعوام إلى “كبت المظاهرات وعنف النظام”، آملًا من سكان المحافظات الأخرى المشاركة بالمظاهرات.

ويرى إبراهيم الزير أن مشكلة سوريا هي “بشار الأسد فقط”، ولا مشكلة مع أي طائفة أو عرق سوري، وأن الثورة السورية “ثورة وطنية جامعة”.

ما مستقبل الاحتجاجات

بتفاعل السوريين مع مظاهرات السويداء من مختلف المناطق السورية، وسط تدهور في سعر صرف الدولار الذي وصل إلى 3100 ليرة سورية ثم عاود الانخفاض إلى 2250 ليرة، وهو ما أدى إلى إغلاق عشرات المحلات في مناطق متفرقة في سوريا، منها العاصمة دمشق، خوفًا من ارتفاع الأسعار، وبالتزامن مع احتجاجات السويداء، يبرز السؤال ما مستقبل هذه الاحتجاجات.

يرى يحيى العريضي أن المظاهرات امتدت وسُمع صوتها في جميع مناطق النظام، مدللًا على هذا الأمر بعشرات الصور التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا إمكانية خروج سوريين بمناطق النظام السوري في مظاهرات جديدة.

بينما يرى عهد مراد أنه لا أحد يستطيع تخمين مستقبل المظاهرات، لكن الأهم وفقًا له هو أنها أحدثت تغييرًا جذريًا في المزاج العام لدى السوريين، وتنتظر في المقابل صدى من بقية المحافظات.

وأضاف مراد أنه من الممكن أن تمتد التحركات، ولكن ليس بالضرورة على الشكل الحالي، فكل منطقة تتحرك وفقًا لإمكانياتها وشروطها.

وإلى اليوم، لم تشهد السويداء تصعيدًا عسكريًا أو أمنيًا مباشرًا، سوى اقتحام أسفر عن اعتقال الناشط رائد عبدي خطيب، أحد منظمي المظاهرات، في 9 من حزيران الحالي، عقب انتهاء إحدى المظاهرات في المدينة.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة