15 عامًا على اغتيال الشيخ معشوق الخزنوي.. الحقوق تؤخذ بالقوة
انطلقت “انتفاضة القامشلي”، في 12 من آذار 2004، بعد مباراة ضمن مجريات الدوري السوري لكرة القدم بين فريقي “الجهاد” (القامشلي) وضيفه “الفتوة” (دير الزور)، وتحول الصدام بين جمهوري الفريقين إلى انتفاضة شعبية عارمة شملت جميع المناطق ذات الأكثرية الكردية إضافة إلى مدينتي حلب ودمشق.
ولم تنتظر السلطات السورية كثيرًا حتى بدأت استخدام الحل الأمني بمواجهة المتظاهرين.
شكلت تلك الانتفاضة المشاركة الأولى للشيخ والمعارض السوري الكردي محمد معشوق الخزنوي، الذي سطع نجمه من خلالها بلغته المباشرة في النشاط المناهض لسياسة السلطات تجاه كرد سوريا، والتي لاقت دعواته وخطبه قبولًا شعبيًا واسعًا من شرائح المجتمع الكردي آنذاك.
النقشبندي سليل العائلة الخزنوية
ينحدر الشيخ الخزنوي من عائلة دينية معروفة بين الأوساط الكردية، ولد عام 1958 في قرية تل معروف التابعة لمدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، لأب هو الشيخ أحمد الخزنوي مؤسس الطريقة “الخزنوية” الدينية و التي تتبع الطريقة “النقشبندية“.
وحصل الخزنوي على شهادة الثانوية العامة عام 1977، ثم توجه إلى دمشق ليدرس في “معهد إسعاف طلاب العلوم الشرعية” (معهد الأمينية) في منطقة باب الجابية.
ثم قصد المدينة المنورة في السعودية لاستكمال دراسته، فحصل على إجازة في العلوم الإسلامية، وبعد عودته إلى سوريا عمل الخزنوي في الدعوة مدرسًا وخطيبًا داخل المساجد والمعاهد الشرعية في أكثر من محافظة سورية، قبل أن ينال درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية عن أطرحته “الأمن المعيشي في الإسلام” عام 2001.
في ميادين السياسة
دخل الخزنوي المسار السياسي من بوابة “انتفاضة القامشلي”، فكرّس حياته منذ تلك الفترة من أجل “أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر”، ما شكّل حالة من التداخل بين الحراك القومي والمعارضة الكردية والتيار الداعي للقيام بمواجهات سلمية مباشرة مع السلطات، وفق الإسلام الذي دعا إليه الشيخ في خطبه.
https://www.youtube.com/watch?v=7cbyqPJYN3o
وكان مذهب الخزنوي يتجه نحو الإسلام الذي يقف في وجه الظلم ويدعو إلى مواجهة الظالم، والذي ترجمه الخزنوي في مقولته الشهيرة: “الحقوق لا يتصدق بها أحد، إن الحقوق تؤخذ بالقوة”.
إضافة إلى ذلك شارك الخزنوي في الندوات والاجتماعات الإسلامية داخل سوريا وخارجها وعلى الفضائيات الكردية والعربية، كما أقام علاقات طيبة مع المنظمات الدولية والأوروبية الحقوقية والدينية من أجل إحلال حوار الأديان والحضارات محل صراعها، محاربًا في ذات الوقت التطرف والتكفير، وشارحًا القضية الكردية وعدالة المطالبة بإحقاق الحق ورفع الظلم.
وأسس نشاط الشيخ الخزنوي لحراك شعبي خارج الأطر الضيقة التي كانت تعمل فيها الأحزاب الكردية، وكرر انتقاده لتصرفات قوات الأمن وحكومة النظام وتعاملهم مع الأحداث التي جرت في ملعب مدينة القامشلي، ما اعتبره النظام خطرًا داهمًا يستوجب إيقافه.
اقرأ أيضًا: كيف كان الحراك الكردي في عهد الأسد الابن؟
اختطاف 10 من أيار 2005
في صباح يوم 10 من أيار لعام 2005، اختطف الشيخ الخزنوي من قبل مجهولين في مقر إقامته بدمشق ضمن “مركز الدراسات الإسلامية” عند ساحة “الميسات” بجانب وزراة الأوقاف، والذي كان يشغل الخزنوي محاضرًا ونائبًا لرئيس المركز.
حادثة الاختطاف التي لم تعترف الحكومة السورية بتنفيذها حتى اليوم، جاءت بعد ستة أيام (بتاريخ 4 من أيار) من إلقائه كلمة ركز فيها على مطالبة السلطات السورية بعدم حرمان الكرد من جنسية بلادهم، ومنحهم الجنسية السورية والسماح للأطفال بالدراسة بلغتهم الكردية.
بعد إعلان تسريب الاختطاف انطلقت مظاهرات بمدينة القامشلي وفي دمشق، واتهم المتظاهرون السلطات والجهات الأمنية السورية بالخطف وطالبوا بالإفراج عنه، كما أدانت منظمات حقوقية عالمية وأحزاب سياسية كردية وعربية الاختفاء القسري للشيخ وطالبوا بالإفراج الفوري عنه.
لم تستجب السلطات السوري للدعوات، بل شنت حملات اعتقال في صفوف المتظاهرين، كان منها مطاردة المحتجين من دوار المحافظة في دمشق، المكان المقرر للتظاهر، إلى ساحة باب توما وتفريق الجموع بالقوة الأمنية في 30 أيار العام نفسه.
تفاصيل “غامضة”
وصفت منظمة “هيومن رايتش ووتش” تفاصيل اختفاء الخزنوي بالـ”غامضة”، وفق تقرير لها، لأن السلطات السورية “ألقت باللوم على “عناصر إجراميين” (خمسة أشخاص اختطفوا الخزنوي)، لكن العديد من الكرد يشتبهون بالسلطات” في ضلوعها باختفاء الخزنوي.
واعتقلت قوات الأمن في المظاهرات التي خرجت احتجاجًا على اختفاء الخزنوي العشرات من المشاركين، وأحيل 50 منهم إلى المحاكمة أمام محكمة عسكرية، وفق ما ذكره تقرير المنظمة.
قال طبيب في مشفى تشرين العسكري، لـ”مركز توثيق الانتهاكات في شمالي سوريا” (لم يذكر اسمه) ضمن شهادته على الحادثة، إن في 28 من أيار 2005، “نقل إليهم معتقلًا برقم خاص وكان هو الشيخ الخزنوي، وثم بعدها تعجل إخراجه”، وأضاف “غادر (الخزنوي) وهو على قيد الحياة رغم الحالة السيئة والمنهكة التي كان عليها”.
إعلان اغتيال الخزنوي
أعلنت السلطات السورية، في 1 من حزيران، خبر اغتيال الشيخ الخزنوي عبر جهة أمنية ادعت أنها وجدت جثة الشيخ في قبر قرب محافظة دير الزور.
بعد معاينة الجثة من قبل ذويه تبين أن الشيخ تعرض إلى تعذيب شديد وبمختلف الوسائل ما أدى إلى مقتله بعد 20 يومًا على اختطافه.
واعتقلت قوات الأمن المعارض السوري رياض درار، في 4 من حزيران، بعد أن أدلى بخطاب في جنازة الشيخ الخزنوي. وفي كلمته، طالب درار بأن تمنح الحكومة الكرد نفس الحقوق المُتاحة لغيرهم من المواطنين، لا سيما فيما يتعلق بقضية منح الجنسية للكرد.
وفي 5 من حزيران 2007، نظمت مجموعة من الأحزاب الكردية مظاهرة في القامشلي إحياءً للذكرى السنوية لاغتيال الشيخ الخزنوي، وفضت قوات الأمن المظاهرة التي شارك فيها المئات من المتظاهرين، واعتقلت عددًا منهم، وأطلق سراح معظمهم بكفالة بعد شهرين، وفق تقرير لـ”هيومن رايتش ووتش”.
وأحالت أجهزة الأمن 50 شخصًا من المتظاهرين، بحسب التقرير، إلى قاضٍ عسكري إذ وجه لهم تهمًا بالقيام بـ”أفعال، كتابات أو خطابات تحرض على الفتنة المذهبية أو العنصرية”،
كما أحالت قوات الأمن عشرة أحداث (أطفال) كانوا مشاريكن بالمظاهرة إلى محكمة الأحداث، ووجهت لهم تهمة تدمير الممتلكات العامة، ولم تتمكن المنظمة، وفق تقريرها، من معرفة ماذا حصل في القضية لاحقًا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :